الاحتجاجات تضرب 5 ولايات تونسية... وإرسال وفود حكومية لتهدئة الأوضاع

عشية احتفال البلاد بالذكرى السادسة لاندلاع الثورة

محتج تونسي يرمي قوات الأمن بالحجارة خلال المظاهرات التي شهدتها مدينة بن قردان أمس (رويترز)
محتج تونسي يرمي قوات الأمن بالحجارة خلال المظاهرات التي شهدتها مدينة بن قردان أمس (رويترز)
TT

الاحتجاجات تضرب 5 ولايات تونسية... وإرسال وفود حكومية لتهدئة الأوضاع

محتج تونسي يرمي قوات الأمن بالحجارة خلال المظاهرات التي شهدتها مدينة بن قردان أمس (رويترز)
محتج تونسي يرمي قوات الأمن بالحجارة خلال المظاهرات التي شهدتها مدينة بن قردان أمس (رويترز)

عادت الاحتجاجات بقوة إلى مناطق سيدي بوزيد والقصرين وسليانة وبن قردان وقفصة في ظل توقعات بامتدادها إلى مدن تونسية مجاورة، تعاني من نفس المشاكل الاجتماعية والاقتصادية. كما تهدد مناطق أخرى بالالتحاق بركب الاحتجاجات، خاصة بعد دعوة تنسيقية الحركات الاجتماعية (منظمة قوقية مستقلة) الجهات الفقيرة على تنظيم سلسلة من الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والتشغيل.
وكان نسق الاحتجاج أمس أكثر وطأة على الحكومة في ولاية (محافظة) سيدي بوزيد (وسط البلاد)، مهد ثورة 2011. مقارنة بما تعرفه مدينة بن قردان، إذ شملت مناطق المكناسي والمزونة ومنزل بوزيان وحي البراهمية في مدينة سيدي بوزيد، وخرجت المظاهرات للمطالبة بمشاريع للتنمية وتخفيض نسب البطالة بين العاطلين، وتنفيذ وعود سابقة بتغيير الأوضاع الاجتماعية فيها.
وخلال لقاء جمع الرئيس الباجي قائد السبسي برئيس الحكومة يوسف الشاهد أمس في قصر قرطاج، جدد الباجي الدعوة إلى فتح أبواب الحوار مع مختلف الأطراف الاجتماعية حول قضايا التنمية والتشغيل في الجهات الداخلية، والتشجيع على توجيه الاستثمارات نحو المناطق التي تحظى بالأولوية على مستوى الاستثمار.
وعلى إثر هذه الاحتجاجات تحول وفد حكومي يضم محمد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية، ومحمد الفاضل عبد الكافي وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، إلى مدينة سيدي بوزيد، فيما ينتظر الإعلان عن مجموعة من القرارات لفائدة المدينة التي كانت مهد الثورة التونسية، والتي تعاني من غياب مشاريع التنمية وتراجع مختلف المرافق والخدمات، إضافة إلى تسجيلها أعلى نسب للبطالة في صفوف شباب الجهة.
وفي تفسيره لعودة للاحتجاجات إلى شوارع تونس، قال سمير ديلو القيادي في حركة النهضة إن الاحتجاجات مست المناطق الفقيرة التي قادت ثورة 2011، لأنها لم تستفد من مشاريع التنمية، وتشغيل جحافل العاطلين من أبنائها، وأضاف موضحا «اليوم لا نشعر بالوضع الاجتماعي المتعكر إلا بالوصول إلى الأشهر الحرم»، على حد تعبيره، ويقصد بتلك الأشهر التي تعرف تنامي الاحتجاجات كلما حلت ذكرى إحياء ثورة 2011.
وكانت احتجاجات منطقة سيدي بوزيد قد سبقتها احتجاجات اجتماعية مماثلة في مدينة بن قردان (جنوب شرق)، وهو ما اضطر وفدا حكوميا إلى التوجه إلى المدينة في محاولة لإخماد الاحتجاجات، وتقديم مشاريع تنمية فعلية تهم العاطلين عن العمل، وهو ما جعل تقارير إعلامية محلية تصف تلك الخطوة أنها خطوة «وزراء المطافئ»، في إشارة إلى تكليفهم بإخماد الاحتجاجات.
وقال مهدي بن غربية، الوزير المكلف العلاقات مع المجتمع المدني، إن الوفد الحكومي اتفق مع ممثلين لجهة بن قردان على تهيئة سوق في المنطقة، والانطلاق في أشغال المنطقة الصناعية ببن قردان في القريب العاجل، كما أكد تقدم تونس إلى السلطات الليبية بطلب فتح قنصلية لها في مدينة زوارة منذ ثلاثة أشهر، لكنها لم تتلق الرد من الجانب الليبي.
وفي هذا الشأن قال محسن لشيهب، رئيس الاتحاد المحلي للشغل (نقابة العمال) في بن قردان، في تصريح إعلامي إن أهالي الجهة ينتظرون قرارات جدية من الحكومة لحلحلة هذه الأزمة، موضحا أن اتحاد الشغل أبلغ القيادة المركزية بضرورة إيجاد حل فوري لأزمة معبر رأس الجدير الحدودي مع ليبيا.
وقبيل احتفال تونس بذكرى الثورة ضغطت عائلات شهداء الثورة وجرحاها من أجل الإعلان عن القائمة النهائية للمتضررين، واتهمت العائلات السلطات بتعطيل عملية تحديد قائمة المتضررين، وتنقل الملف بين اللجان والوزارات، حيث انتقل من لجنة تقصي الحقائق حول الانتهاكات إلى وزارة حقوق الإنسان، ومن رحاب المجلس التأسيسي إلى البرلمان دون أن يتم الحسم في الملف بصفة نهائية.
وبخصوص بهذا الملف قالت سهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية تعني بالعدالة الانتقالية والتعويض عن الانتهاكات)، إن الهيئة ستعمل على إحالة قضايا شهداء وجرحى الثورة على القضاء المختص في 20 مارس (آذار) المقبل، وأكدت في تصريح إعلامي أنها أحصت أكثر من ثلاثة آلاف ملف ورد على الهيئة، يهم العائلات المتضررة من ثورة 2011 سواء منها تلك التي فقدت أحد أفرادها، أو ممن أصيبوا بجراح.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.