معارك عنيفة في جامعة الموصل... و«داعش» يحرق مقرات حكومية

القوات العراقية بلغت جسرًا ثانيًا والتنظيم المتطرف دمر اثنين آخرين

معارك عنيفة في جامعة الموصل... و«داعش» يحرق مقرات حكومية
TT

معارك عنيفة في جامعة الموصل... و«داعش» يحرق مقرات حكومية

معارك عنيفة في جامعة الموصل... و«داعش» يحرق مقرات حكومية

أعلن الجيش العراقي، أن قواته الخاصة اقتحمت مجمع جامعة الموصل في شمال شرقي المدينة أمس، وتقدمت لتصل إلى جسر آخر عبر نهر دجلة وتدفع متشددي تنظيم داعش إلى مزيد من التقهقر والانهيارات.
وحسب وكالة «رويترز»، تصدى مسلحو «داعش» للقوات العراقية في الجامعة التي سيطروا عليها عندما اجتاحوا المدينة في 2014. مشيرة إلى أن اشتباكات عنيفة كانت جارية داخل الحرم الجامعي. وقال ضابط كبير في جهاز مكافحة الإرهاب إن الجامعة هي أهم قاعدة لـ«داعش» في الجانب الأيسر من المدينة.
وتسعى القوات العراقية لاستعادة السيطرة كاملة على الضفة الشرقية من نهر دجلة الذي يقطع الموصل من الشمال للجنوب قبل أن تتمكن من شن هجمات على الجزء الغربي الذي لا يزال تنظيم داعش يسيطر عليه بالكامل.
وقال اللواء الركن سامي العارضي، وهو ضابط كبير في جهاز مكافحة الإرهاب، إن عملية اقتحام جامعة الموصل أمس أخذت متشددي «داعش» على حين غرة. وأضاف أن جهاز مكافحة الإرهاب سيطر على تل يطل على أجزاء من الحرم الجامعي، منها الكلية التكنولوجية. وأضاف أن القوات تتوغل في الجامعة. وفي وقت سابق أمس، ورد أن جرافات حطمت جدار الحرم الجامعي، وأن عشرات من جنود مكافحة الإرهاب دخلوا وهم يحملون قاذفات صواريخ.
إلى ذلك، أعلن ضابط عراقي آخر، أن وحدات الجيش مدعومة بضربات جوية سيطرت في الوقت ذاته على حي الحدباء إلى الشمال من الجامعة، وأنها ستساعد في الهجوم على مجمع الجامعة. وكان قائد آخر أفاد قبل أيام الأسبوع بأن استعادة الجامعة ستكون مكسبا مهما لأنها ستتيح مزيدا من التقدم لأن الجامعة تطل على مناطق أقرب إلى النهر. كما أن الجامعة تضم مختبرات استخدمها «داعش» في تطوير سلاح بيولوجي وفي تخرين مواد كيماوية. وتقول الأمم المتحدة إن التنظيم استولى على مواد نووية كانت تستخدم في البحث العلمي بالجامعة عندما اجتاحها عام 2014.
وفي تقدم منفصل إلى الجنوب أكثر، أكد الجيش العراقي في بيان، أن وحدات أخرى من جهاز مكافحة الإرهاب وصلت إلى الجسر الثاني الذي يطلق عليه أيضا اسم جسر الحرية، وهو واحد من خمسة جسور، تعبر النهر. وبهذا تكون القوات العراقية قد وصلت إلى جسرين في أقصى الجنوب بالموصل بعد أن شقت طريقها إلى الجسر الرابع في أقصى الجنوب منذ أيام.
ومن المتوقع أن تبدأ الهجمات على النصف الغربي من الموصل فور تأمين القوات العراقية للضفة الشرقية.
وتضرب الهجمات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة كل الجسور في محاولة لعرقلة حركة مقاتلي «داعش» في المدينة. ويقول مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون: إن التنظيم المتشدد أحدث مزيدا من الأضرار في جسرين على الأقل في محاولة لعرقلة أي تقدم للقوات العراقية عبر النهر.
بدورها، أفاد قائد عسكري عراقي في قيادة العمليات المشتركة، أمس (الجمعة)، بقيام عناصر «داعش» بحرق الدوائر الحكومية كافة في آخر مناطق الجانب الأيسر أمام تقدم القوات العراقية. وقال العميد ذنون السبعاوي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن «عناصر تنظيم داعش أقدمت على حرق مبنى بدالة نينوى الإلكترونية ومصرف أم الربيعين والمصرف العقاري وثلاثة مراكز صحية، على خلفية تقدم القوات العراقية السريع، التي أوشكت على تحرير الساحل الأيسر بالكامل من التنظيم». وأضاف أن «أغلب عناصر «داعش» يفرون عبر نهر دجلة بالزوارق إلى الساحل الأيمن بعد قتل الآلاف منهم عبر المحور الشرقي والشمالي بالموصل».
في غضون ذلك، شرعت قوات جهاز مكافحة الإرهاب، في قصف تمهيدي منذ صباح أمس لاقتحام أحياء شعبية في المحور الشرقي، منها حي باب شمس وكراج الشمال وحي الأرامل ومنطقة سوق النبي يونس، وهي من الأحياء القديمة عبر محور شرقي الموصل. وأوضحت مصادر عسكرية عراقية، أن «قوات جهاز مكافحة الإرهاب تقصف الآن مواقع (داعش)، التي استولى عليها التنظيم بعد خروج العوائل منها، وأن القوات العراقية بدأت تتقدم بشكل سريع وهي توشك على إنهاء تحرير الأحياء السكنية المتبقية كافة بالموصل، وتحديدا الشعبية منها».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.