خطوات بطيئة نحو السلام في كولومبيا

عمليات نزع السلاح وتسريح المسلحين ستستغرق 180 يومًا

الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس أثناء زيارة إلى إحدى النقاط التي سيتجمع فيها المتمردون تحت حماية الجيش (إ.ب.أ)
الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس أثناء زيارة إلى إحدى النقاط التي سيتجمع فيها المتمردون تحت حماية الجيش (إ.ب.أ)
TT

خطوات بطيئة نحو السلام في كولومبيا

الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس أثناء زيارة إلى إحدى النقاط التي سيتجمع فيها المتمردون تحت حماية الجيش (إ.ب.أ)
الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس أثناء زيارة إلى إحدى النقاط التي سيتجمع فيها المتمردون تحت حماية الجيش (إ.ب.أ)

تضاءل التفاؤل الذي شعر به المواطنون الكولومبيون خلال عام 2016 في أعقاب التوقيع على معاهدة السلام النهائية بين الحكومة الكولومبية والقوات المسلحة الثورية الكولومبية. حيث يمكن النظر إلى تحديات إرساء السلام على أرض الواقع من خلال الفشل في توفير الإمدادات اللازمة التي يتعين أن تصل إلى وجهاتها لضمان أن الحشود المخطط لها للقوات المسلحة الثورية الكولومبية في 26 مركزا مختلفا موزعين على طول البلاد وعرضها يمكن أن تتم في سلاسة وهدوء. وبمجرد جمع المتمردين من القوات المسلحة الثورية الكولومبية فسيشرعون في تسليم أسلحتهم إلى مراقبي الأمم المتحدة لنزع السلاح.
ومع هذا التأخير، فمن المرجح ألا تنتهي عمليات نزع السلاح والتسريح على النحو المتفق عليه بين الجانبين. وكان من المتوقع أن تختفي القوات المسلحة الثورية الكولومبية من على الخريطة السياسية الكولومبية في غضون ستة أشهر بوصفها تنظيما متمردا ومسلحا. ويرجع التأخير إلى حد كبير إلى الطبيعة البيروقراطية للشؤون الداخلية الكولومبية، حيث إن معسكرات تجمع المتمردين في 26 محطة للتجمع إلى جانب مسؤولي الأمم المتحدة المشرفين على عملية نزع السلاح غير جاهزين ولا مستعدين حتى الآن، على الرغم من أن المتمردين من القوات المسلحة الثورية الكولومبية كانوا قد بدأوا في الاحتشاد في هذه المناطق منذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.
وحتى مع ذلك، فإن القوانين المطلوبة للتنفيذ الشامل للاتفاقية المبرمة بدأت في أن تتحول إلى واقع ملموس. فقد صادق البرلمان الكولومبي على قانون العفو الذي كان الخطوة الأولى والضرورية الأولى بالتركيز والاهتمام من جانب القوات المسلحة الثورية الكولومبية. والقانون، وهو جزء من حزمة من التشريعات تضم نحو 40 قانونا آخرين تصور نوعا من العفو للعملاء العسكريين أو الموالين للحكومة حيال الجرائم المرتكبة في خضم أعمال الصراع.
وفي حالة زعماء القوات المسلحة الثورية الكولومبية، الذين لديهم إدانات لجرائم ضد الإنسانية، عليهم التقدم إلى المحكمة الخاصة التي أنشئت من أجل السلام، وهي هيئة حديثة التكوين بموجب اتفاقيات السلام بين الحكومة الكولومبية وبين القوات المسلحة الثورية الكولومبية، ومن المرجح أن تبدأ أعمالها في فبراير (شباط) المقبل.
ومع ذلك، أثار تمرير قانون العفو الجدال العام لدى جماعات المعارضة المحلية والمنظمات الدولية، مثل منظمة حقوق الإنسان العالمية (هيومان رايتس ووتش)، التي أعربت عن رفضها هذا القانون؛ بسبب أنه يعزز من حصانة كل من المقاتلين العسكريين في كل من الجيش الكولومبي والقوات المسلحة الثورية الكولومبية.
يضع قانون العفو الكولومبي تصورا لنوعين من العفو عن المتمردين لقاء جرائم الحرب التي ارتكبت أثناء أعمال الصراع. ويستبعد القانون الجرائم ضد الإنسانية أو الجرائم الدولية، والمسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم لا يمكنهم الاستفادة من العفو. وفي هذه الحالة، يجب على المحكمة الخاصة بالسلام المكونة حديثا استعراض تلك القضايا في غضون ثلاثة أشهر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجرائم التي لا علاقة لها بالصراع لن تكون جزءا من برنامج العفو.
ومع ذلك، سيستفيد المتمردون من نوع من العفو التلقائي الذي سينطبق على أولئك الذين ارتكبوا الجرائم التي توصف بأنها سياسية، مثل جريمة التمرد ضد الحكومة. ولقد أعلنت القوات المسلحة الثورية الكولومبية أن هناك 5000 فرد من أفرادها سيستفيدون من هذا العفو، ولكن الحكومة لم تؤكد الرقم المعلن حتى الآن.
وفي حالة تهريب المخدرات، وهو الموضوع الشائك الذي تسبب في الكثير من الجدال، فسيتأسس الأمر إذا ما ثبت تنفيذ عمليات تهريب المخدرات بهدف تمويل القوات المسلحة الثورية الكولومبية. وإذا كان هذا هو الحال، فسيتم العفو عن هذه الجريمة، ولكن إذا كانت قد ارتكبت من أجل الانتفاع الشخصي من ورائها، فإن المجرمين لن يستفيدوا من قانون العفو.
وبالنسبة للجيش، ينص القانون على نظام الإفراج المشروط؛ مما يعني أن أولئك الذين كانوا في السجن لمدة خمس سنوات أو أكثر قد يتم الإفراج عنهم، في حين ترفع قضاياهم إلى المحكمة الخاصة. أما الذين قضوا فترات من العقوبة أقل من خمس سنوات فلن يتم الإفراج عنهم.
كما يسمح قانون العفو أيضا بالتخلي عن المحاكمات الجنائية؛ مما يعني أن السلطات لن تجري التحقيقات حول الأفراد الذين لم يرتكبوا الجرائم الخطيرة. وفي حالة ارتكاب جرائم الحرب، فإن هذه القضايا سترفع هي الأخرى إلى المحكمة الخاصة لاتخاذ القرار بشأن التعامل مع كل متهم على حدة.
وأعلن وزير الدفاع الكولومبي، لويس كارلوس فيليغاس، أنه اعتبارا من فبراير ومارس (آذار) من العام الحالي، سيتم الإفراج عن 1200 عضو من أعضاء قوات الأمن الكولومبية.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.