لبنان يفك الحصار عن الطفيل وأهاليها يشعرون بدولتهم «للمرّة الأولى منذ الاستقلال»

وصلت إليها المساعدات وسكانها اتفقوا مع القرى المجاورة على تحييدها عن الأزمة السورية

لبنان يفك الحصار عن الطفيل وأهاليها يشعرون بدولتهم «للمرّة الأولى منذ الاستقلال»
TT

لبنان يفك الحصار عن الطفيل وأهاليها يشعرون بدولتهم «للمرّة الأولى منذ الاستقلال»

لبنان يفك الحصار عن الطفيل وأهاليها يشعرون بدولتهم «للمرّة الأولى منذ الاستقلال»

دخلت أجهزة الدولة اللبنانية للمرّة الأولى، أمس، إلى بلدة «الطفيل» على الحدود السورية، منذ الاستقلال، وبعد شهر من الحصار المزدوج على الجهتين، من سوريا والبقاع.
وبدأت المساعدات تصل ظهرا، عبر الطريق الترابية من بريتال، التي كانت أقفلت إثر سقوط القلمون، علما أن تعبيد طريق أساسية تصل البلدة بالبقاع اللبناني، يبلغ طولها 23 كيلومترا، يتطلّب أكثر من ستة أشهر.
وأبدى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، أمس، ارتياحه لسير عملية إغاثة أبناء الطفيل، فيما قوبل الوفد الذي وصل إلى البلدة باستقبال شعبي حافل على وقع الزغاريد والأرز ونحر الخراف.
وكانت الأجهزة اللبنانية من الجيش والأمن العام والأمن الداخلي وجمعيات إغاثية تولّت مهمّة نقل المساعدات، وحملت القافلة التي وصلت عند الظهر ألف حصة غذائية مقدمة من الهيئة العليا للإغاثة ودار الفتوى، إضافة إلى المازوت والبطانيات، بينما عمل الصليب الأحمر على نقل الجرحى.
وقال مختار البلدة السابق رمضان دقّو لـ«الشرق الأوسط»: «كان اليوم (أمس) عرسا بالنسبة إلى البلدة التي عانى أهلها إهمال دولتهم منذ الاستقلال»، مشيرا إلى أنّه «للمرّة الأولى وضعت نقطة مؤقتة، للأمن العام في المنطقة التي تفصل بين بريتال البقاعية ورأس الحرف»، وأشار دقّو إلى أنّ أكثر من 300 عنصر من القوى الأمنية انتشروا على الطريق بعد إزالة حواجز حزب الله، علما بأن حواجز الحزب كانت وضعت في بريتال قاطعة الطريق لمنع دخول مسلحي المعارضة بعد سقوط القلمون.
وقال دقّو: «انتظرنا هذا الحدث سنوات عدّة، ورغم فرحنا به فإننا نأسف أنه لم يأت إلا بعدما كاد أهالي البلدة يتعرضون لكارثة إنسانية».
وكانت الاحتفالات بوصول أجهزة الدولة إلى البلدة المعزولة، بدأت من القرى اللبنانية القريبة منها، ولا سيّما من بريتال التي تخضع لنفوذ حزب الله، حيث استقبل الوفد بالأرز ونحر الخراف أيضا، وأكّدوا تضامنهم مع أهالي الطفيل المجاورة، مؤكدين تحييد بلداتهم عن الأزمة السورية، وطرفي النزاع فيها، من النظام والمعارضة، بحسب ما أكّد دقّو.
وعلى أرض الطفيل التي كان أهلها يعيشون حياتهم على أنّهم سوريون أكثر من كونهم لبنانيين، حضر مختار بلدة عسال الورد السورية، المجاورة، مرحبا وناقلا مئات ربطات الخبز، وأكّد على أنّ العلاقات بين البلدين ستبقى كما هي مبنية على الأخوة بعيدا عن المشكلات من أي نوع كانت. وتربط الطفيل بقرى القلمون ولا سيّما عسال الورد، علاقات عائلية واجتماعية، لقرب بلدتهم من ريف دمشق التي يصلون إليها بسهولة أكبر من وصولهم إلى البقاع اللبناني.
وفي حين كان المشنوق أعلن الأسبوع الماضي، أنّ أولى خطوات الخطّة ستبدأ بتأمين خروج من يرغب من العائلات من البلدة، الأمر الذي استدعى اعتراضا من المعارضين السوريين، محذرين من ارتكاب النظام السوري مجزرة بحق النازحين الهاربين إلى الطفيل، أكّد مفتي بعلبك الهرمل، بكر الرفاعي، لـ«الشرق الأوسط» أنّ أهالي الطفيل لا يريدون ترك منازلهم، وسيعمل على إخراج المصابين فيها من اللبنانيين والسوريين للعلاج فقط، وهذا ما أكّد عليه دقّو، مشيرا إلى أنّ أهالي الطفيل اتخذوا قرارا بالإجماع برفض ترك بلدتهم، قائلا «نحن قلبا وقالبا مع الدولة اللبنانية وأجهزتها، وننأى بأنفسنا عن الأزمة السورية لكننا في الوقت عينه نستقبل العائلات التي لجأت إلينا هاربة من الموت».
كما نفى الرفاعي أنّ تكون المساعدات التي وصلت إلى البلدة أمس، هي مخصّصة فقط للبنانيين، قائلا: «لا فرق بالنسبة إلينا بين لبناني وسوري، المساعدات ستصل إلى كل من يحتاج إليها».
وفي هذا الإطار، لفت الناطق باسم تنسيقية القلمون عامر القلموني لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود نحو 80 ألف نازح سوري في الطفيل، وأكّد أن المعارضين المسلحين الذين تركوا القلمون إثر سقوطها في يد النظام لم يلجأوا إلى البلدة بل إلى جرودها، مؤكدا أن السوريين الموجودين في الطفيل هم من النساء والأطفال والعجزة، وكانوا كما أهالي البلدة يعانون من نقص في المواد الغذائية ومعظمهم يفترشون الأرض ولا يجدون سقفا يؤويهم.
وتقع الطفيل في أقصى جرود سلسلة لبنان الشرقية، وتحدها من الشرق عسال الورد وحوش عرب في سوريا، وعلى مسافة نحو ثلاثة كيلومترات من الغرب حام، ومن الشمال معربون وبريتال اللبنانية التي تبعد 25 كيلومترا، ومن الجنوب رنكوس السورية على مسافة خمسة كيلومترات. ومنذ استقلال لبنان، تعاني هذه البلدة من «إهمال» الدولة اللبنانية، ولم يكن يصلها بمناطق البقاع الحدودية المحاذية لها إلا طريق ترابي يسلكه أهالي المنطقة عبر بريتال، وهو الطريق نفسه الذي أعادت القوى الأمنية فتحه أمس ووصلت عبره أوّل دفعة من المساعدات الغذائية.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.