ما الإرث الذي سيتركه أوباما لخلفه في ملف الوظائف؟

إدارته نجحت في إنهاء حالة الركود الاقتصادي

أضافت البلاد قرابة 156 ألف وظيفة في ديسمبر الماضي
أضافت البلاد قرابة 156 ألف وظيفة في ديسمبر الماضي
TT

ما الإرث الذي سيتركه أوباما لخلفه في ملف الوظائف؟

أضافت البلاد قرابة 156 ألف وظيفة في ديسمبر الماضي
أضافت البلاد قرابة 156 ألف وظيفة في ديسمبر الماضي

في صباح يوم جمعة من شهر فبراير (شباط) لعام 2009 أصدرت وزارة العمل الأميركية قراءتها الشهرية عن حالة سوق العمل في الولايات المتحدة. ولقد كان التقرير الأول بين 96 تقريرا للوظائف قد صدرت في عهد الرئيس باراك أوباما، وكان التقرير كارثيا.
وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة «نيويورك تايمز» آنذاك يقول: «مع أرقام فقدان الوظائف القاتمة، لا إشارة على أن الأسوأ قد انتهى» وجاءت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» أيضا تقول: «598 ألف وظيفة فُقدت في شهر يناير (كانون الثاني) المتوحش».
وليس هناك كثير مما يمكن أن يُقال على إصدار التقرير النهائي للوظائف الأميركية خلال سنوات ولاية أوباما يوم الجمعة، ولسبب وجيه. فلقد أضافت البلاد قرابة 156 ألف وظيفة في ديسمبر (كانون الأول)، وسجل معدل البطالة مستوى 4.7 نقطة مئوية، وليس مستوى 7.9 نقطة مئوية الذي بلغه المعدل نفسه قبل ثماني سنوات. وتحريا للدقة، فإن تقرير فبراير لعام 2009 كان قد غطى الفترة الموجزة لما قبل تولي الرئيس أوباما مهام الرئاسة فعليا، وسوف يُعبر عن حالة الاقتصاد الأميركي في الأيام الأخيرة من إدارته من خلال الأرقام المنشورة في الشهر المقبل. ولكننا بتنا قاب قوسين أو أدنى من نهاية ولاية أوباما في البيت الأبيض وأصبح من الصعب تصور حدوث أي تحولات جذرية في تلك الأرقام.
ومن الأمور المسلم بها هي مقدرة الرؤساء المحدودة على صياغة وتشكيل اقتصاد البلاد. ويملك الكونغرس صلاحيات الضرائب والإنفاق، في حين يضع بنك الاحتياطي الفيدرالي ويحدد السياسة النقدية للبلاد. ولا يملك الرئيس سوى بعض من الأساليب الذكية - أو ربما الخفية - للتأثير عليهما. ويلعب الحظ دورا كبيرا في النتائج الاقتصادية، كذلك فإن الرئيس الأسبق بيل كلينتون لم يكن هو من اخترع الإنترنت، ولكن وجودها ساعده كثيرا في تحقيق الطفرة الوظيفية في البلاد خلال فترة ولايته.
ومع ذلك، ومع السيارات التي باتت تتخذ طريقها نحو بوابات البيت الأبيض قريبا، لا بد أن الوقت قد حان لاستعراض موقف سجل أوباما للوظائف حيال التقارير السابقة عليه. والإجابة المختصرة: كانت سنوات ولاية أوباما من أكثرها تشاؤما وكآبة بالنسبة للعمال الأميركيين مقارنة بسنوات رئاسة الرئيس الأسبق رونالد ريغان أو بيل كلينتون. ولكن سجل السيد أوباما يبدو أفضل حالا، بعد كل شيء، إذا ما ضبطنا البوصلة نحو حقيقة مفادها أنه تولى مهام منصبه في خضم الانهيار الاقتصادي الحر للبلاد، أو إذا ما قورنت سنوات رئاسته بسنوات رئاسة جورج دبليو بوش!
من أبسط الطرق لقياس معدل العمالة هو بالنظر إلى معدل نمو الوظائف خلال فترة الرئاسة. وهنا، لا تكون الرياضيات أكثر استقامة. ففي الشهر الماضي فقط، كان عدد الوظائف مدفوعة الأجر في الولايات المتحدة قد ارتفع إلى 8.4 نقطة مئوية منذ تولي أوباما لمهامه الرئاسية. وخلال آخر الرؤساء الثلاثة ممن شغلوا فترتين متتاليتين في البيت الأبيض، فهذا الرقم ينخفض بشكل كبير عن المستويات التي بلغها الرؤساء ريغان (بواقع 17.7 نقطة مئوية)، وكلينتون (بواقع 20.9 نقطة مئوية)، ولكنه أفضل بكثير من النتائج المحققة في عهد الرئيس جورج دبليو بوش (بزيادة قدرها نقطة مئوية واحدة فقط).
وهناك أيضا بعض الطرق التي تفيد بأن تلك ليست بالمقارنة المنصفة. والسبب هو أن معدلات النمو الوظيفي تتشكل بصورة كبيرة من خلال أمرين مهمين لا يملك الرئيس السيطرة عليهما: حالة الاقتصاد عند توليه لمهامه الرئاسية، والقوى الديموغرافية التي تشكل مقدار توافر العمالة في سوق العمل.
وهنا، كان للرئيسين ريغان وكلينتون ميزة كبرى. فلقد تولى كل منهما الرئاسة بعد فترة ليست بالطويلة من انتهاء حالة الركود الاقتصادي في البلاد، مما يعني أن نتائج النمو الوظيفي لديهما شهدت طفرة معتبرة، حيث تعززت من قبل العمال العاطلين الذين بدأوا يعودون أدراجهم إلى القوى العاملة في البلاد. وترأس كل منهما البلاد كذلك في وقت كان مواليد الطفرة السكانية يعبرون إلى سنوات العمل اليافعة من حياتهم وكانت النساء تدخل القوى العاملة في الولايات المتحدة وبأعداد لا بأس بها.
على النقيض من ذلك، تولى الرئيسان بوش، الأب والابن، مهام الرئاسة والاقتصاد في حالة من العمالة الكاملة، ولم يكن هناك معنى لتحقيق النمو الوظيفي تبعا لذلك إلا بهبوط مؤشراته إلى الأدنى. وتولى الرئيس أوباما منصبه خلال فترة من الكوارث الاقتصادية الكبيرة، مع تركيبة سكانية داخلية أقل مواتاة؛ حيث بدأ مواليد الطفرة السكانية في بلوغ سن التقاعد عن العمل، واستقرت نسبة النساء الباحثات عن عمل من دون زيادة تذكر.
استعراض معدل البطالة هو من الطرق الميسرة لتفنيد تلك التأثيرات، التي تسجل فقط حصة الناس الذين يبحثون عن الوظائف ولا يمكنهم العثور عليها.
ومتوسط معدل البطالة المسجل خلال فترة رئاسة أوباما مرتفع للغاية وفق المعايير الحديثة، حيث استقر عند مستوى 7.4 نقطة مئوية. وحتى في خضم سجل النمو الوظيفي المزري لإدارة جورج دبليو بوش، فقد بلغ متوسط معدل البطالة 5.2 نقطة مئوية فقط.
والعمق الهائل للركود الاقتصادي التي ورثه السيد أوباما من سلفه، إلى جانب محاولات تجاوزه البطيئة، والقميئة، والمرهقة التي شهدتها سنوات رئاسته، أكدا سويا على أن معدل البطالة كان، في المتوسط، قد حقق ارتفاعا خلال رئاسته للبلاد.
وإذا نحينا النظر جانبا عن المتوسط، وعقدنا مقارنة مع الاقتصاد الذي يرثه الرئيس مع ذلك الذي يتركه للرئيس الذي يخلفه، نجد أن سجل الرئيس أوباما يبدو أفضل وبصورة كبيرة. وإذا لم تشهد أرقام البطالة المسجلة في ديسمبر (كانون الأول) تغيرا يذكر في يناير الذي يليه، فسوف يرث دونالد ترامب واحدا من أدنى معدلات البطالة التي ورثها أي رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية في العصر الحديث. ولم يرث أي رئيس هذا المعدل من حيث الانخفاض سوى ريتشارد نيكسون ثم جورج دبليو بوش.
والانخفاض المسجل بواقع 3.1 نقطة مئوية في معدل البطالة على مدى الثماني سنوات من عهد أوباما يرتبط مع عهد الرئيس كلينتون حيال أسوأ معدلات الانخفاض المسجلة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
المشاركة في القوى العاملة: ليست القصة في عهد أوباما وحده
استعراض معدل البطالة فحسب، ولا سيما في الأيام الأخيرة من الإدارة الأميركية، قد يكون استعراضا سخيا للغاية مضافا إلى سجل الرئيس أوباما. فذلك المعدل يحسب فقط الناس الذين يبحثون فعليا عن فرص العمل. وإحدى القصص الشائعة في السنوات القليلة الماضية تفيد بتقلص نصيب المواطنين الأميركيين الذين يحسبون أنفسهم كجزء من القوى العاملة الوطنية.
ولكن كيف يمكن قياس ذلك؟ إحدى الوسائل لحساب ذلك هي بالنظر إلى نسبة للسكان البالغين العاملة بالفعل، أو تحسب نفسها كجزء من القوى العاملة. ولكن إذا اتخذنا هذا السبيل، فسوف نسقط من حساباتنا الناس الذين ليسوا ضمن القوى العاملة الوطنية لأسباب معقولة للغاية - إما لأنهم تخيروا التقاعد الطوعي، أو للالتحاق بالكليات والجامعات، وهكذا دواليك.
وهذا هو السبب في أن خبراء الاقتصاد ينظرون في كثير من الأحيان إلى مشاركة أصحاب «السنوات اليافعة أو من هم في مقتبل العمر» في القوى العاملة، وهي الشريحة من المواطنين التي تغطي الفئة العمرية بين (25 إلى 54) عاما، والذين هم إما يعملون فعلا أو يبحثون عن فرص العمل.
ولكن هنا، أيضا، تصعب مقارنة التحولات المسجلة في السنوات الأخيرة مقابل العقود السابقة عليها، عندما كانت النساء يدخلن القوى العاملة وبأعداد كبيرة. وهذا التحول، والذي وقع تقريبا من عقد الستينات وحتى عام 2000 عزز الطفرة في معدل المشاركة في القوى العاملة والتي توقفت عن الاستمرار خلال السنوات الـ16 الأخيرة بسبب، في جزء منه، أن النساء اللاتي كن يرغبن في دخول القوى العاملة الوطنية صرن بالفعل من أفرادها.
ولكن ماذا لو نظرنا فقط إلى معدل المشاركة في القوى العاملة بين الرجال من مقتبل العمر؟ فكيف سيكون حال سنوات أوباما الـ 8؟
سيئة للغاية. نسبة الرجال في الفئة العمرية بين (25 إلى 54) عاما الذين هم جزء من القوى العاملة قد انخفضت بواقع 1.4 نقطة مئوية خلال الثماني سنوات الماضية.
والمفهوم على نطاق غير واسع، برغم ذلك، أن هذا التحول لا يعد من قبيل الظواهر الجديدة لعهد أوباما. والمقياس نفسه انخفض بواقع 1.7 نقطة مئوية إبان رئاسة جورج دبليو بوش. وحتى خلال سنوات الطفرة الاقتصادية لإدارة بيل كلينتون، سجل المقياس انخفاضا بنسبة 0.9 في المائة.
وبالرجوع إلى ما هو أبعد من ذلك، عندما كان الاقتصاد الأميركي قويا بعد الحرب، كانت نسبة الرجال من مقتبل العمر في القوى العاملة الوطنية في انخفاض مستمر. وفي سنوات ولاية الرئيس نيكسون، انخفض المعدل بواقع 1.8 في المائة، أي بأكثر من ضعف المعدل على أساس سنوي كما هو مسجل في عهد إدارة أوباما.
وبعبارة أخرى، خلال إدارة أوباما، خرج كثير من الرجال، حتى من مرحلة مقتبل العمر الرئيسية، من القوى العاملة، وهذا أحد أكثر الاتجاهات المثيرة للقلق على المدى الطويل في الاقتصاد. ولكنه كان أكثر من مجرد استمرار للنمط طويل الأجل من الواقع الجديد.
ويبقى سؤال، ما الإرث الوظيفي الذي سوف يتركه أوباما؟ لقد نجحت إدارته في إنهاء أكثر حالات الركود الاقتصادي بطئا وشدة في العصر الحديث، وتمكنت من تحقيق النمو المستقر للوظائف خلال سبعة من أصل ثماني سنوات كاملة لرئاسته - وإن كانت أقل إثارة للاهتمام من بعض الإدارات الأميركية الحديثة الأخرى.
وأصبح التعافي الاقتصادي البطيء مرادفا لمعدل البطالة المرتفع، ولكن الرئيس أوباما سوف يترك لخليفته في البيت الأبيض اقتصادا يقترب من حالة العمالة الكاملة، الأمر الذي تمكنت حفنة جدا قليلة من رؤساء الولايات المتحدة من تحقيقه خلال فترات رئاستها للبلاد.
*خدمة «نيويورك تايمز»



مصر تُضيف 28 طائرة إلى أسطولها لمواكبة الانتعاشة السياحية

المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)
TT

مصر تُضيف 28 طائرة إلى أسطولها لمواكبة الانتعاشة السياحية

المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)

أعلنت مصر عن تعزيز أسطولها الوطني في مجال الطيران المدني، عبر إضافة نحو 28 طائرة جديدة تابعة لشركة «مصر للطيران»، بدءاً من يناير (كانون الثاني) المقبل وعلى مدى عامين، لمواكبة الانتعاشة السياحية التي تشهدها البلاد، ولا سيما عقب افتتاح المتحف المصري الكبير مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأكد رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، أن مؤشرات التدفق السياحي هذا العام تُسجل أرقاماً مميزة، مشيراً إلى أن تقديرات الحكومة تتوقع ارتفاعات متتالية في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر، في ظل الزخم الحالي، خصوصاً بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.

وأكّد مدبولي، خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة الاستشارية لتطوير السياحة المصرية، أنه يتم العمل مع وزارة الطيران المدني لتعزيز حجم الأسطول الوطني بإضافة نحو 28 طائرة جديدة تابعة لشركة «مصر للطيران» بدءاً من يناير المقبل ولمدة عامين، كما يتم العمل على تيسير دخول مختلف الشركات الخاصة للمطارات المصرية، وفق بيان لرئاسة مجلس الوزراء، الخميس.

وأشار إلى بدء طرح المطارات المصرية للإدارة والتشغيل بواسطة القطاع الخاص، مؤكداً العمل على زيادة سعات عدد من المطارات بما يُسهم في استيعاب الزيادة الحالية في أعداد الوافدين، إلى جانب تعزيز كفاءة الإدارة والتشغيل.

وتعمل مصر على تحسين تجربة السائحين بداية من دخولهم المطار حتى الخروج منه وعودتهم إلى بلادهم، بما يتضمنه ذلك من تيسير لإجراءات التأشيرة الاضطرارية والإلكترونية.

ووفق تصريحات مدبولي، فإن الحكومة تستهدف مُضاعفة حجم الغرف السياحية عن طريق المستثمرين السياحيين، ومبادرات الحكومة في هذا الشأن، ومنها القرار الذي وافق عليه مجلس الوزراء الخاص بتغيير النشاط السكنى إلى فندقي.

وقال رئيس الوزراء: «نعمل على تحسين تجربة السائح داخل مصر عند زيارته أي منطقة سياحية، والحكومة منفتحة على التعاون مع القطاع الخاص لإدارة المناطق السياحية وفق أعلى المعايير».

وشهدت مصر طفرة في أعداد السائحين خلال العام الحالي؛ حيث أشار وزير السياحة والآثار في تصريحات سابقة إلى تقديرات لعدد السائحين تصل إلى 18 مليون سائح، مقارنة بـ15.7 مليون خلال العام الماضي.

ويرى الخبير السياحي المصري، محمد كارم، أن «إضافة 28 طائرة لأسطول الطيران خطوة ذكية، وجاءت في توقيت مهم، فالدولة تتحرك بمنطق استباقي، لأنها تواكب الانتعاشة الحالية، وتتوقع مزيداً من السياحة الوافدة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «زيادة عدد الطائرات ستؤدي إلى ارتفاع عدد الرحلات، وقد تُفتح خطوط جديدة، وهو ما يسهم في تشجيع السياحة الوافدة من مناطق مثل شرق آسيا وأميركا اللاتينية وأسواق سياحية جديدة، كما يُعزز تنشيط الطيران (الشارتر) ويحسن تجربة السائح، خصوصاً مع ربط الرحلات بالمقاصد السياحية».

وأشار إلى أن أي تحسين في التجربة السياحية يوجه رسالة للمستثمرين والأسواق الخارجية لتأكيد النمو السياحي في مصر، ما يُشجع الاستثمار في البنية التحتية، والغرف الفندقية، ويسهم في زيادة أعداد السائحين.


لاغارد: قرارات الفائدة ستُبنى على البيانات دون التزام بمسار مسبق

كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)
كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

لاغارد: قرارات الفائدة ستُبنى على البيانات دون التزام بمسار مسبق

كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)
كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن تقييمات البنك تؤكد أن التضخم يُتوقع أن يستقر عند هدف البنك البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط، مشددة على قرار إبقاء أسعار الفائدة الرئيسية الثلاث دون أي تغيير. وأضافت: «نحن عازمون على ضمان استقرار التضخم عند هدفنا البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط. وسنتبع نهجاً يعتمد على البيانات ويُقيّم كل اجتماع على حدة لتحديد السياسة النقدية الملائمة. وستُبنى قراراتنا بشأن أسعار الفائدة على تقييمنا لتوقعات التضخم والمخاطر المحيطة به، مع مراعاة البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، فضلاً عن ديناميكيات التضخم الأساسي وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار محدد لأسعار الفائدة».

وتشير توقعات موظفي البنك الأوروبي الجديد إلى أن معدل التضخم العام سيبلغ في المتوسط 2.1 في المائة في 2025، و1.9 في المائة في 2026، و1.8 في المائة في 2027، و2 في المائة في 2028. أما التضخم باستثناء الطاقة والغذاء فيتوقع أن يسجل 2.4 في المائة في 2025، و2.2 في المائة في 2026، و1.9 في المائة في 2027، و2 في المائة في 2028. وقد تم رفع توقعات التضخم لعام 2026 بسبب توقع تباطؤ انخفاض التضخم في قطاع الخدمات بشكل أبطأ من السابق. كما يُتوقع أن يكون النمو الاقتصادي أقوى مقارنة بتوقعات سبتمبر (أيلول)، مدفوعاً بشكل رئيسي بالطلب المحلي. وتشير التوقعات إلى نمو بنسبة 1.4 في المائة في 2025، و1.2 في المائة في 2026، و1.4 في المائة في 2027، ومن المتوقع أن يظل عند 1.4 في المائة في 2028.

النشاط الاقتصادي

أظهر الاقتصاد مرونة واضحة، حيث نما بنسبة 0.3 في المائة في الربع الثالث، مدعوماً بالإنفاق الاستهلاكي والاستثمار الأقوى. كما ارتفعت الصادرات، مع مساهمة كبيرة من قطاع الكيماويات. واستمر النمو بقيادة قطاع الخدمات، خصوصاً المعلومات والاتصالات، بينما ظل النشاط الصناعي والبناء مستقراً. من المتوقع أن يستمر هذا النمط في المدى القريب.

ويستفيد الاقتصاد من سوق عمل قوية، حيث بلغ معدل البطالة 6.4 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وهو قريب من أدنى مستوياته التاريخية، ونما التوظيف بنسبة 0.2 في المائة في الربع الثالث. في الوقت نفسه، تراجع الطلب على العمالة أكثر، مع وصول معدل الوظائف الشاغرة إلى أدنى مستوياته منذ الجائحة.

وتشير توقعات الموظفين إلى أن الطلب المحلي سيكون المحرك الرئيس للنمو في السنوات المقبلة. ومن المتوقع ارتفاع الدخل الحقيقي تدريجياً، وانخفاض معدل الادخار من مستواه المرتفع، ما سيدعم الاستهلاك. كما من المتوقع أن يزداد دعم الاقتصاد من استثمارات الشركات والإنفاق الحكومي الكبير على البنية التحتية والدفاع. ومع ذلك، من المرجح أن تظل بيئة التجارة العالمية الصعبة عاملاً عائقاً للنمو في منطقة اليورو هذا العام والعام المقبل.

وأشارت لاغارد إلى أن المجلس التنفيذي يؤكد على الحاجة الملحة لتعزيز منطقة اليورو واقتصادها في ظل السياق الجيوسياسي الحالي. وقالت: «نرحب بدعوة المفوضية الأوروبية للحكومات لإعطاء الأولوية للمالية العامة المستدامة، والاستثمار الاستراتيجي، والإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو. ومن الضروري استغلال الإمكانات الكاملة للسوق الموحدة وتعزيز تكامل أسواق رأس المال بسرعة، بما في ذلك إتمام اتحاد الادخار والاستثمار واتحاد البنوك، واعتماد تنظيم اليورو الرقمي بشكل عاجل».

تقييم المخاطر

على الرغم من تخفيف التوترات التجارية، فإن البيئة الدولية المتقلبة قد تعطل سلاسل التوريد، وتضعف الصادرات والاستهلاك والاستثمار. كما يمكن أن يؤدي تدهور ثقة الأسواق المالية العالمية إلى تشديد شروط التمويل وزيادة المخاطر وضعف النمو. تظل التوترات الجيوسياسية، خصوصاً الحرب الروسية ضد أوكرانيا، مصدراً رئيسياً للغموض.

من جهة أخرى، قد يدفع الإنفاق المخطط للبنية التحتية والدفاع، إلى جانب الإصلاحات الإنتاجية، النمو أعلى من المتوقع، وقد يحفز تحسن الثقة الإنفاق الخاص.

وبحسب لاغارد، تظل توقعات التضخم أكثر غموضاً من المعتاد بسبب البيئة الدولية المتقلبة. فقد يكون التضخم أقل إذا قل الطلب على الصادرات الأوروبية نتيجة الرسوم الجمركية الأميركية أو زيادة صادرات الدول ذات الطاقة الإنتاجية الزائدة إلى منطقة اليورو. وقد يؤدي ارتفاع اليورو إلى خفض التضخم أكثر من المتوقع. في المقابل، قد يكون التضخم أعلى إذا تسببت سلاسل التوريد المقطوعة في زيادة أسعار الواردات أو قيود الطاقة الإنتاجية في منطقة اليورو، أو إذا تباطأ انخفاض الضغوط على الأجور.

كما قد يؤدي زيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية، أو الأحداث المناخية القصوى، إلى رفع التضخم الغذائي أكثر من المتوقع.


«وول ستريت» ترتفع بعد تقرير التضخم الأميركي المشجع

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

«وول ستريت» ترتفع بعد تقرير التضخم الأميركي المشجع

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

ارتفعت الأسهم الأميركية يوم الخميس بعد صدور تقرير مُشجع بشأن التضخم، ما قد يتيح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من المرونة في خفض أسعار الفائدة العام المقبل. وساهمت أرباح شركة «ميكرون» القوية في وقف تراجع أسهم الذكاء الاصطناعي، على الأقل مؤقتاً.

وصعد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1 في المائة بعد خسارته لأربع جلسات متتالية، وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 352 نقطة (0.7 في المائة)، فيما عزز الأداء القوي لأسهم التكنولوجيا صعود مؤشر ناسداك المركب بنسبة 1.4 في المائة. جاء هذا الارتياح بعد أن أظهر تقرير التضخم أن الأسعار ارتفعت بوتيرة أقل من توقعات الاقتصاديين، ما قد يخفف من مخاوف الاحتياطي الفيدرالي بشأن التضخم ويمنحه هامشاً أكبر لدعم سوق العمل المتباطئ، وفق «وكالة «أسوشييتد برس».

وبلغ معدل التضخم الشهر الماضي 2.7 في المائة، أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، لكنه قريب بما يكفي لترك مجال لتخفيضات محتملة في أسعار الفائدة، وهو ما يفضله «وول ستريت» لدعم الاقتصاد ورفع قيمة الاستثمارات. ومع ذلك، حذر بعض المحللين من أن التقلبات الاقتصادية الأخيرة قد تحد من تأثير التقرير، فيما قد يعطي تحديث التضخم الشهر المقبل صورة أوضح، وفق «رويترز».

على صعيد الشركات، ارتفع سهم «ميكرون» بنسبة 15.9 في المائة بعد أن فاقت أرباحها وإيراداتها توقعات المحللين، كما قدمت توقعات مستقبلية إيجابية بدعم موقعها بوصفها شركة مُمكّنة لتقنيات الذكاء الاصطناعي. وارتفعت أسهم «برودكوم» و«أوراكل» بنسبة 1.4 في المائة و2.8 في المائة على التوالي بعد تراجعها الأسبوع الماضي رغم نتائج مالية أفضل من المتوقع. وحققت «إنفيديا»، الرائدة في صناعة الرقائق، ارتفاعاً بنسبة 1.4 في المائة، فيما قفزت أسهم مجموعة ترمب للإعلام والتكنولوجيا بنسبة 23 في المائة لتعويض جزء من خسائرها السنوية، ضمن خططها التوسعية في مجالات العملات المشفرة والطاقة النووية. كما صعدت أسهم «سينتاس» بنسبة 3.1 في المائة بعد إعلان أرباح فاقت التوقعات وبرنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى مليار دولار.

عالمياً، استقرت المؤشرات في لندن، وارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في فرنسا و0.4 في المائة في ألمانيا، بعد خفض بنك إنجلترا سعر الفائدة، في حين أبقى البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة ثابتاً. وفي آسيا، تباينت الأسهم، حيث هبطت بنسبة 1.5 في المائة في كوريا الجنوبية وارتفعت بنسبة 0.2 في المائة في شنغهاي.

في سوق السندات، انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية بعد التقرير، حيث تراجع عائد سندات العشر سنوات إلى 4.11 في المائة مقارنة بـ4.16 في المائة في الجلسة السابقة.