ترجيحات بتحرير التحالف عملاء لواشنطن بعملية الإنزال في دير الزور

النظام يحاول تحصين المناطق المحيطة بالمطار العسكري وبـ «اللواء 137»

ترجيحات بتحرير التحالف عملاء لواشنطن بعملية الإنزال في دير الزور
TT

ترجيحات بتحرير التحالف عملاء لواشنطن بعملية الإنزال في دير الزور

ترجيحات بتحرير التحالف عملاء لواشنطن بعملية الإنزال في دير الزور

لا يزال الغموض يكتنف عملية الإنزال الجوي التي نفذها التحالف الدولي ضد «داعش» يوم الأحد الماضي في منطقة دير الزور شرق سوريا، في ظل غياب أي معلومات رسمية حول طبيعة الهدف، واكتفاء المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية بوصف العملية التي نفذتها «وحدة القوات الخاصة الأميركية المكلفة ملاحقة قادة الجهاديين»، بـ«الناجحة جدا»، لافتا إلى أن حصيلة قتلى التنظيم نتيجتها أقل من 25، موضحا أن «هدف مثل هذه الهجمات ليس فقط تصفية هؤلاء القياديين؛ بل أيضا جمع معلومات لعمليات أخرى لاحقا».
ورجحت مصادر سورية مطلعة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون العملية هدفت لتحرير عدد من الأسرى «المهمين» أو استعادة عدد من عملاء التحالف، وبالتحديد عملاء الاستخبارات الأميركية (CIA) الذين يخترقون كيان تنظيم «داعش»، لافتة إلى أن أحد العناصر المنشقين عن «داعش» كان قد تحدث في فيديو مسجل في وقت سابق عن وجود أكثر من مائة عميل لـ«CIA» داخل التنظيم.
وأوضحت المصادر أن موقع الإنزال في قرية الكبر هو «أكبر مقر أمني للتنظيم في سوريا»، وفيه سجون سرية. وأضافت: «(داعش) ألقى القبض على كل المسؤولين الأمنيين في موقع الإنزال، ولذلك هناك شح كبير في المعلومات».
وعدّ الدكتور عبد الرحمن الحاج، الباحث المتخصص بشؤون الجماعات المتشددة، أن فرضية تحرير التحالف عملاء للاستخبارات الأميركية في عملية الإنزال الأخيرة «أمر وارد جدا، بخاصة إذا استمر التكتم الأميركي حول الهدف من هذه العملية»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «طبيعة تنظيم داعش وتكوينه الذي يختلف تماما عمّا كانت عليه (القاعدة)، تجعله مخترقا من كل استخبارات العالم باعتبار أنه لا يدقق كثيرا في الراغبين بالانتساب إليه». وأضاف: «لا شك أن ذراع (CIA) طويلة جدا، ولعل تمكن واشنطن من حماية نفسها من هجمات (داعش) سببه الرئيسي قدرتها على اختراق التنظيم بعدد كبير من العملاء الذين قد يكونون من الأجانب أو حتى العرب، ولعل النسبة الأكبر منهم من العراقيين والسوريين».
ويسيطر تنظيم «داعش»، بحسب أحمد الرمضان، مدير موقع «الفرات برس» الناشط في دير الزور، على 85 في المائة من مجمل محافظة دير الزور، فيما تقتصر مناطق سيطرة النظام على 5 أحياء داخل المدينة وعلى المطار العسكري ويسعى لتحصين المناطق المحيطة به. وفيما يتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مائتي ألف مدني محاصرين في مناطق سيطرة النظام، أكد الرمضان لـ«الشرق الأوسط» أن عدد هؤلاء نحو مائة ألف فقط، «بعد خروج أعداد كثيرة في وقت سابق؛ إن كان برًا أو جوًا، من خلال دفع مبالغ كبيرة من المال لقوات النظام». وأشار الرمضان إلى أن «قوات الأسد تسيطر على كل المساعدات التي تلقيها الأمم المتحدة جوا، وتعمد لبيعها إلى السكان، ويمنعون أي شخص من المغادرة». وأضاف: «ما يسعى إليه النظام حاليا هو استعادة البغيلية وحويجة صكر، اللتين سيطر عليهما (داعش) مؤخرا، باعتبار أن الأولى تُعد حماية لـ(اللواء 137) والثانية تؤمن المطار العسكري، وهما آخر معقلين لقواته في المحافظة».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس بقصف قوات النظام مواقع للتنظيم بمناطق في محيط مطار دير الزور العسكري، وسط اشتباكات بين الطرفين في أطراف حي الصناعة ومحاور أخرى في محيط المطار. كذلك استهدفت الطائرات الحربية مناطق في أحياء المطار القديم والصناعة والحويقة والرشدية بالمدينة، بالتزامن مع إلقاء طائرات شحن نحو 30 مظلة تحمل مساعدات سقطت على مناطق سيطرة قوات النظام في جنوب مدينة دير الزور. وأوضح المرصد أن تنظيم «داعش» يواصل حشد قواته وعناصره وآلياته واستقدام تعزيزات عسكرية من عتاد وذخيرة وعناصر إلى المدينة بالتزامن مع إدخال كميات كبيرة من النفط الخام والإطارات إلى أحياء يسيطر عليها، مرجحا أن يكون التنظيم يحضر لـ«عمل عسكري وهجوم على مناطق (اللواء 137) ومنطقة البغيلية بالأطراف الشمالية الغربية لمدينة دير الزور، إضافة للحشود في منطقتي الصناعة وحويجة صكر».
ويرزح سكان دير الزور المحاصرين تحت أوضاع إنسانية صعبة مع انحسار المواد التموينية والغذائية والطبية والإغاثية؛ فقد عمد تنظيم «داعش»، بحسب تقارير، لمنع المواطنين من الدخول إلى الأحياء التي تسيطر عليها قوات النظام، كما منعت الأخيرة السكان من الخروج من هذه الأحياء إلى مناطق سيطرة التنظيم، باستثناء حالات قدمت طلبات عن طريق لجان في المحافظة، وتم إخضاعها لدراسات أمنية. وأوضح المرصد أن عددا من المواطنين تمكنوا من الخروج بعد دفع رشى ضخمة تصل لمئات آلاف الليرات السورية، لعناصر وضباط من قوات النظام، ممن عمدوا لتهريبهم عبر منطقة البانوراما، على أن يقوم الشخص الراغب في الخروج بالسير على قدميه ليومين متتالين عبر البادية كي يصل إلى ريف دير الزور الغربي. وقد شهدت الأحياء الخاضعة لسيطرة قوات النظام عدة اعتصامات طالبت بالخروج من المدينة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.