جدل في المغرب إثر منع خياطة «البرقع» وتسويقه

رجال دين عدوه تفرقة عنصرية وتجاوزًا للحريات

دعا أبرز رجال الدين في المغرب إلى تبين حقيقة الأمر والتمييز بين «النقاب» المغربي و«البرقع» الأفغاني الظاهر في الصورة أعلاه
دعا أبرز رجال الدين في المغرب إلى تبين حقيقة الأمر والتمييز بين «النقاب» المغربي و«البرقع» الأفغاني الظاهر في الصورة أعلاه
TT

جدل في المغرب إثر منع خياطة «البرقع» وتسويقه

دعا أبرز رجال الدين في المغرب إلى تبين حقيقة الأمر والتمييز بين «النقاب» المغربي و«البرقع» الأفغاني الظاهر في الصورة أعلاه
دعا أبرز رجال الدين في المغرب إلى تبين حقيقة الأمر والتمييز بين «النقاب» المغربي و«البرقع» الأفغاني الظاهر في الصورة أعلاه

اندلع جدل في المغرب بعد أن أعلن عدد من أصحاب المحلات التجارية تلقيهم إشعارات من السلطات المحلية بمنع تسويق وخياطة البرقع (النقاب الأفغاني)، بين رفض تلك القرارات وتأييدها.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب طوال أمس تداولا محموما لتلك الإشعارات التي تحمل توقيع أفراد من السلطات المحلية بعدد من المدن المغربية، قيل إنه تم توجيهها إلى عدد من أصحاب محلات خياطة وبيع البرقع، فيما لم يصدر أي بيان رسمي عن وزارة الداخلية المغربية.
وتضمنت هذه الإشعارات المتداولة؛ أحدها بتاريخ 8 يناير (كانون الثاني) الحالي، دعوة «للتخلص» من هذا اللباس «خلال 48 ساعة» من تاريخ تسلم الإشعار، «تحت طائلة الحجز المباشر بعد انصرام هذه المهلة»، مع «الامتناع الكلي عن إنتاجه وتسويقه مستقبلاً».
وأثار مضمون الإشعارات المتداولة ردود فعل كثيرة، بعضها مرحب، وكثير منها بين غير مصدق وغاضب ومنتقد أو مستنكر، بخاصة من طرف عدد من الفاعلين الحقوقيين.
ودعا بعض رجال الدين في المغرب إلى تبين حقيقة الأمر والتمييز بين «النقاب» المغربي و«البرقع» الأفغاني، مع البحث في خلفيات وتوقيت هذا «المنع»؛ وذلك في الوقت الذي نقلت فيه تقارير إعلامية عن سلطات محلية قولها إن «القرار له دواعٍ أمنية، ويسعى إلى ضبط صناعة وتسويق الملابس»؛ فيما كان لافتًا أن الإشعارات المتداولة تحدثت عن «البرقع» وليس «النقاب».
ورأى «مرصد الشمال لحقوق الإنسان» أن «منع وزارة الداخلية لباس (البرقع) انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان»، مشددًا في بيان أصدره أول من أمس على أن «قرار السلطات المحلية التابعة لوزارة الداخلية قرار تعسفي وانتهاك غير مباشر لحق النساء في حرية العبير وارتداء اللباس الذي يعد تعبيرًا عن هويتهن أو معتقداتهن الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية»، مشيرًا إلى أن «القرار المذكور يتناقض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب». وبعد أن أعلن «شجبه الشديد» للقرار، مشددًا على «عدم قانونية منع البرقع»، دعا المرصد في ختام بيانه إلى «ضرورة الوقف الفوري لهذا (المنع)».
من جهته، كتب محمد الفيزازي، وهو رجل دين معروف في المغرب، على صفحته بموقع «فيسبوك»: «من قال بأن أعوان السلطة يمنعون بيع (النقاب)؟ هذا مستحيل، لأنه ببساطة غير مجد. وحتى لو افترضنا جدلاً أن الخبر صحيح، فـ(المنقبات) إذا لم يجدن نقابًا في السوق، (سيخطن) نقابًا في البيت. أم ستعاقب المنقبات بغرامة كما هو الحال في فرنسا؟ وهذا غير مقبول... فلا تشاركوا في نشر الإشاعات».
وعاد الفيزازي، في تدوينة ثانية، ليكتب: «البرقع في نظري أسلوب مشرقي للتحجب معمول به في أفغانستان وباكستان (...). وهو جزء من ثقافة الشعوب هناك، وأسلوب من أساليب الهوية الدينية لديها. نحن هنا في المغرب وفي شمال أفريقيا عموما، لنا أسلوبنا الخاص في تحجب نسائنا... أسلوب يمثل ثقافتنا الاجتماعية وهويتنا الدينية. الحايك؛ الجلباب واللثام. الجلباب مع تغطية الرأس وكشف الوجه. فهل (الداخلية) تمنع الحجاب جملة وتفصيلاً؛ وبأي أسلوب؟ مشرقيًا كان أم مغربيًا؟ وحينها سنقول اللهم إن هذا منكر! أم تمنع البرقع الذي يمثل ثقافة شعوب أخرى والذي بدأ يطمس الهوية الدينية المغربية الخالصة؟ أنا شخصيًا ضد استيراد ما يمثل ثقافة الآخرين على حساب ثقافتنا وخصوصيتنا، لأن في التساهل مع كل وارد جارف نوعًا من خيانة أصالتنا وتاريخ أمتنا الحضاري. لا فرق عندي بين برقع أفغاني وسروال جينز ممزق أو غير ذلك مما يسيء إلى ثقافتنا الخالصة وهويتنا الخاصة».
من جهته، خاطب رجل الدين عمر الحدوشي متابعي صفحته من خلال شريط فيديو، قال فيه: «نرجو أن يكون هذا القرار صدر بعفوية من دون تأمل ومن دون النظر إلى أنه يسيء إلى المغاربة كلهم. وإلا فأين هذه الحرية».
فيما كتب حسن الكتاني: «ليس في المغرب شيء اسمه (البرقع) وﻻ أعرف امرأة واحدة تلبسه، ولكن الفرنسيين سموا لباس العفاف (البرقع)، فتبعهم (البعض) عندنا تقليدًا من دون تفكير. وليس في المغرب لباس أفغاني للنساء بتاتًا، ولكن الموجود هو لباس عملي مستوف للشروط الشرعية انتشر في بلاد المسلمين كلها، فلبسته النساء لكونه مستوفيًا للشروط التي دونها علماؤنا في كتبهم. هذا كل ما في الأمر. فمن زعم أن لباس النساء المبرقعات لباس دخيل، فليوحد لباس جميع المغربيات وليرجعهن جميعا للباس التقليدي القديم، ثم بعد ذلك يمكن أن يكون لكلامه منطق مفهوم. أما ترك النساء يلبسن آخر الصيحات الأوروبية ومنعهن من لبس آخر الصيحات المشرقية، فهذا تحجير على طائفة كبيرة من المغاربة، وهو تفرقة عنصرية مقيتة ﻻ يؤيدها دين وﻻ منطق».
أما حماد القباج، الذي سبق أن ترشح باسم حزب العدالة والتنمية في التشريعيات الماضية قبل أن يتم منعه، فقال: «في مغرب الحريات وحقوق الإنسان... في مغرب يرى بعض مواطنيه أن ارتداء (لباس السباحة)، (الغربي)، في الشواطئ حق ينبغي عدم المساس به... لا يقبل أن تتدخل السلطة لمنع مواطنات من ارتداء النقاب (المشرقي)، فضلاً عن التدخل لمنع بيعه كما يروج! فهذا يتنافى مع القانون وحقوق الإنسان».
وفي الجهة المقابلة، رحب كثير من المغاربة بالقرار، وعدوه انتصارا للثقافة المغربية، وأن النقاب الأفغاني دخيل على الثقافة والعادات والتقاليد المغربية.
والبرقع في الأصل لباس تقليدي لقبائل البشتون في أفغانستان؛ حيث جعلته حركة طالبان حين حكمت البلاد، فرضا دينيا. ويغطي هذا البرقع الأفغاني الأزرق أو البني كامل جسد المرأة مع قطعة صغيرة مشبكة تخفي العينين، لكن تتيح للمرأة الرؤية ليمكنها التنقل.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».