بعد «التعويم»... العقار المصري فرصة استثمار مضمونة للعرب

توقعات بارتفاعات ملحوظة خلال 2017

بعد «التعويم»... العقار المصري فرصة استثمار مضمونة للعرب
TT

بعد «التعويم»... العقار المصري فرصة استثمار مضمونة للعرب

بعد «التعويم»... العقار المصري فرصة استثمار مضمونة للعرب

مع تذبذب قيمة سعر صرف الدولار أمام الجنيه، تفقد العملة المحلية - والأجنبية أيضا - قدرتها على أن تكون ملاذا آمنا للمدخرات، وتظهر الحاجة لملاذات أخرى تحمي المواطنين والمستثمرين من ارتفاع الأسعار وتآكل قيمة العملة، ويبقى العقار واحدا من أفضل الملاذات في مصر، حيث ترتفع أسعاره بشكل دائم.
ويقول عمر الشنيطي، المدير التنفيذي لمجموعة مالتيبلز للاستثمار لـ«الشرق الأوسط» إن شراء عقار ذي مساحة متوسطة، ما بين 120 إلى 200 متر مربع في مصر، هو استثمار جيد خلال الفترة الحالية، متابعا أن «ارتفاع أسعار هذه الفئة من الوحدات السكنية راجع للطلب الحقيقي وليس إلى المضاربة، والعقارات عموما تعوض انخفاض قيمة العملة؛ ولكن على فترة أطول، وبالطبع لو تم تأجير الوحدة ستدر عائدا أفضل».
وقام البنك المركزي المصري بتعويم سعر صرف الجنيه أمام الدولار في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليرتفع سعر صرف الدولار من 8.88 جنيه إلى قرابة 20 جنيها بنهاية 2016، ثم انخفض إلى نحو 18 جنيها حاليًا.
ويتفق محمود إبراهيم، محلل القطاع العقاري بشركة مباشر إنترناشيونال، مع رؤية الشنيطي، حيث يتوقع أن يرتفع سعر العقار بمعدل مساو للتضخم، كما حدث في السنوات الماضية.
وتجاوز معدل التضخم في مصر حاجز الـ20 في المائة في نوفمبر الماضي.
وإن كان إبراهيم لا يتوقع طفرات سعرية مثلما حدث في 2008، وهذا بسبب عاملين، هما سحب الدولار للسيولة من السوق، وارتفاع أسعار العقارات مقارنة بدخول المواطنين.
«أسعار العقارات أصبحت مرتفعة للغاية مقارنة بدخول نسبة كبيرة من المواطنين، مما يصعب من فرص إعادة بيع العقار، ما يحد من توفير التمويل اللازم لإحداث طفرة في أسعار العقارات، فسعر المتر وصل بالفعل إلى 10 آلاف جنيه (552 دولارا) في التجمع الخامس (وهي ضاحية فاخرة شرق العاصمة المصرية)».
ويضيف إبراهيم أن المطورين العقاريين يتغلبون على ارتفاع الأسعار عن طريق تقديم «تسهيلات كبيرة» في السعر ومدة السداد.
وتنتشر في شوارع القاهرة إعلانات بالحجم الكبير عن التسهيلات التي تقدمها شركات التطوير العقاري للمواطنين، حتى إن إحدى الشركات تعرض على المواطنين استرداد كامل قيمة العقار بعد 10 سنوات من تاريخ الشراء.
ويقول محللو عقارات مصريون إن عددا من الشركات العقارية المصرية ستقوم بحملات تسويقية في الخليج؛ لأن أسعار العقارات الآن، خاصة الفاخرة، أصبحت في متناول المواطن الخليجي أو المصري المقيم بالخليج.
وقدر محمد مرعي، محلل قطاع العقارات في شركة «برايم» القابضة للاستثمارات المالية، الارتفاع المتوقع خلال سنة في أسعار الوحدات السكنية منخفضة المستوى بنحو 30 في المائة، في ظل تركز العجز في عدد العقارات؛ قياسًا إلى الطلب عليها في هذا المستوى من العقارات.
وفيما يتعلق بقطاع العقارات كله، ترى شركة «مباشر» للخدمات المالية في مذكرة بحثية لعملائها، أنه «نظريًا، من المفترض أن يستفيد المطورون العقاريون من انخفاض قيمة العملة المحلية، حيث إن ذلك يؤدي لزيادة الطلب على العقارات، والتي تعد أداة جيدة للتحوط ضد تخفيض العملة وارتفاع مستويات التضخم».
وتقول مذكرة شركة «مباشر» إن «الشركات التي تتبع نموذج البيع على الخطة (البيع المسبق للوحدات السكنية قبل بنائها) المتبع من قبل معظم الشركات العاملة بالسوق المصري، سوف تعاني من انخفاض هوامش الربحية لديها نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء بعد تعويم العملة المحلية»، مضيفة أنه «بخصوص المبيعات المستقبلية للمطورين العقاريين، نعتقد أن المطورين المصريين لديهم القدرة على تمرير الزيادة في التكلفة للمستهلك النهائي».
من ناحية أخرى نصح بنك «أرقام» في مذكرته، بالاستثمار في العقارات الفاخرة للاستفادة من الرواج الاستثنائي، قائلا إن هذا المستوى من العقارات سيحظى بإقبال قطاع كبير من العاملين في الخارج وغير المقيمين على الاستثمار في هذه العقارات التي أصبحت رخيصة السعر بصورة كبيرة نتيجة تراجع سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية التي في حوزتهم.
وقالت المذكرة إن معدل تملك غير المقيمين يتركز في العقارات الفاخرة على نحو يتضح من تركز ملكيتهم في العقارات التي تبيعها شركات التطوير العقاري الأكبر على حساب غيرها، 20 في المائة من عقارات شركة إعمار، و10 في المائة من عقارات شركة بالم هيلز، و10 في المائة من عقارات شركة سوديك، و5 في المائة من عقارات شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير.
من جانب آخر، رجحت مذكرة بحثية لـ«برايم»، استفادة المضاربين السابقين في العملة الأجنبية في السوق الموازي من سوق العقارات كملاذ جديد لمدخراتهم بعد تراجع جاذبية السوق الموازي للعملة على خلفية قرار تعويم سعر الجنيه.
وحدد مسوقون نسبة الزيادات المتوقعة للعقارات بقيمة تتراوح ما بين 20 و30 في المائة، خاصة في المدن الجديدة، وأكدوا أن الشركات بدأت فعليًا في إعادة تقييم أسعارها بعد الزيادات الأخيرة لمواد البناء.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».