حذر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أمس في كييف، روسيا من احتمال تعرضها إلى «مزيد من العزلة» في حال أبقت على قواتها المنتشرة على الحدود الأوكرانية وواصلت دعمها للانفصاليين في شرق البلاد. وتلاشت الآمال التي أشاعها اتفاق جنيف، الرامي إلى تسوية أسوأ أزمة بين الغرب وروسيا منذ انتهاء الحرب الباردة، لا سيما مع تصاعد التوتر الميداني في مدن الشرق مع تعزيز الانفصاليين الموالين لروسيا لسيطرتهم، وهم الذين يعتزمون تنظيم استفتاء في 11 مايو (أيار) المقبل لقطع الأوصال مع أوكرانيا.
وفي مواجهة التوترات المتصاعدة، لجأ الأميركيون مجددا إلى التلويح بسلاح العقوبات في وجه روسيا. ففي كييف، أكد بايدن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة الأوكرانية أرسيني ياتسينيوك أنه «حان وقت التوقف عن الكلام والبدء بالعمل. يجب أن نشهد إجراءات تتخذ بلا تأخير، فالوقت ثمين». وطالب بايدن موسكو بسحب قواتها من أوكرانيا والتوقف عن «دعم رجال يختبئون خلف أقنعة» في شرقها، وإلا فإنها قد تواجه «مزيدا من العزلة».
وكانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات اقتصادية على مسؤولين روس من الدائرة المقربة من الرئيس فلاديمير بوتين. وتهدد واشنطن الآن باستهداف قطاعات كاملة من الاقتصاد الروسي الذي يواجه حركة هروب كبيرة لرؤوس الأموال. وفي هذا الصدد، رأى رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف أمام مجلس الدوما (النواب) أنه «طريق لا يفضي إلى شيء لكن إذا قرر بعض شركائنا الغربيين سلوكه فلن يكون أمامنا من خيار سوى أن نواجه (الوضع) بقوانا الخاصة وسننتصر».
وينص اتفاق جنيف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وأوكرانيا على نزع سلاح المجموعات غير القانونية وإخلاء المباني الحكومية المحتلة من قبل الناشطين الموالين لروسيا في الشرق كما من قبل الموالين لأوروبا في العاصمة كييف. لكن اتفاق جنيف لم ينعكس على أرض الواقع، حيث عزز الانفصاليون في الشرق تحركهم، إذ سيطروا أول من أمس على مبان حكومية جديدة بينها مركز للشرطة في كراماتورسك في جنوب مدينة سلافيانسك، التي تعد رمزا للحراك الانفصالي. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها عن ناشط ملثم يدعى ديميتري ويحمل بيده سلاح كلاشنيكوف أنه لن يتحرك من مكانه حتى إجراء الاستفتاء في 11 مايو.
وخلال لقائه بايدن، أشار الرئيس الأوكراني الانتقالي أولكسندر تورتشينوف إلى أن أعمال المتمردين الموالين لروسيا في شرق البلاد «تبطل» اتفاق جنيف. وقال إنه عوضا عن إلقاء السلاح وإخلاء الإدارات المحتلة أقدم الانفصاليون على مهاجمة مبنى الشرطة واحتجزوا رئيس الشرطة في كراماتورسك، مما «يبطل اتفاق جنيف». وبدوره، دعا الاتحاد الأوروبي «الأطراف كافة» إلى تطبيق الاتفاق. وقال مايكل مان، المتحدث باسم الدائرة الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي: «ندعو كل الأطراف إلى احترام بنود اتفاق جنيف وشروطه. يجب تطبيق كل ما هو مدرج في هذا الاتفاق». أما في واشنطن فنشرت وزارة الخارجية الأميركية أول من أمس صورا حصلت عليها من كييف تظهر على حد قولها أن الانفصاليين المسلحين في شرق أوكرانيا هم في الواقع عسكريون أو ضباط استخبارات روس. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إن بلادها حصلت على قسم من هذه الصور من السلطات الأوكرانية في حين نشر القسم الآخر في وسائل إعلام عالمية أو على «تويتر». وكان رئيس بلدية سلافيانسك فياتشيسلاف بونوماريف أكد أول من أمس أنه «لا يوجد جندي روسي واحد هنا». وهو كان طالب الرئيس الروسي بإرسال قوات حفظ السلام إلى الشرق بعد حادث أسفر عن مقتل ناشطين موالين لموسكو على الأقل.
وفي لوغانسك، عين الانفصاليون، الذين يسيطرون على مقار الأجهزة الأمنية، «حاكما شعبيا». كما أعلنوا عن تنظيم استفتاء في 11 مايو من أجل تحديد مستقبل المنطقة الشرقية بين البقاء كجزء من أوكرانيا أو المطالبة بالاستقلال، قبل الحديث عن احتمال الانضمام إلى روسيا.
ويعيد الإعلان الأخير إلى الأذهان سيناريو شبه جزيرة القرم، حيث نظم استفتاء في 16 مارس (آذار) الماضي لم تعترف بشرعيته الدول الغربية ولا كييف، لكنه انتهى بانضمام شبه الجزيرة إلى روسيا. إلا أن تنظيم استفتاء في شرق أوكرانيا قد يكون أصعب من القرم، إذ إن الانفصاليين لا يسيطرون سوى على بعض المباني الحكومية. وتقترح موسكو تعديل الدستور الأوكراني لينص على نظام فيدرالي يمنح استقلالية أكثر للمناطق الناطقة بالروسية، لكن كييف ترفض الفكرة تماما ووعدت بنظام «لا مركزي» بمنح اللغة الروسية مكانة خاصة.
وبعد نحو شهر على ضم القرم إلى روسيا، منعت موسكو أمس، زعيم تتار القرم مصطفى جميليف من دخول شبه الجزيرة لخمس سنوات. وقال مجلس تتار القرم في بيان إن مصطفى جميليف العضو بالبرلمان الأوكراني والرئيس السابق لمجلس تتار القرم تسلم مذكرة تمنعه من دخول الأراضي الروسية لمدة خمسة أعوام عند عبوره إلى أوكرانيا بعد أن أمضى عطلة نهاية الأسبوع في القرم. ورد جميليف على الموقع الإخباري الإلكتروني «زد.إن يو إيه» «إن هذا القرار يظهر أي دولة متحضرة نواجهها». وأبدى التتار وهم أقلية مسلمة في القرم رفضهم لضم شبه الجزيرة إلى روسيا. وكرر بايدن أمس أن الولايات المتحدة لن تقر «أبدا» ضم القرم إلى روسيا. وأوضح «لا يحق لآي دولة الاستيلاء على أراضي دولة أخرى».
من كييف.. بايدن يتوعد روسيا بعزلة دولية أكبر
موسكو منعت زعيم التتار المسلمين من دخول القرم
من كييف.. بايدن يتوعد روسيا بعزلة دولية أكبر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة