معرض «الحج» يفتتح أبوابه في باريس بحضور رسمي رفيع

هولاند: علاقة فرنسا بهذه الشعيرة الدينية تعود للقرن التاسع عشر

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والأمير عبد العزيز بن عبد الله يتفقدان المعروضات في معرض «الحج» الذي افتتح أمس في معهد العالم العربي بباريس (رويترز)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والأمير عبد العزيز بن عبد الله يتفقدان المعروضات في معرض «الحج» الذي افتتح أمس في معهد العالم العربي بباريس (رويترز)
TT

معرض «الحج» يفتتح أبوابه في باريس بحضور رسمي رفيع

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والأمير عبد العزيز بن عبد الله يتفقدان المعروضات في معرض «الحج» الذي افتتح أمس في معهد العالم العربي بباريس (رويترز)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والأمير عبد العزيز بن عبد الله يتفقدان المعروضات في معرض «الحج» الذي افتتح أمس في معهد العالم العربي بباريس (رويترز)

دشن أمس في معهد العالم العربي بباريس المعرض الكبير المخصص للحج بحضور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ونائب وزير الخارجية السعودي الأمير عبد العزيز بن عبد الله آل سعود، والممثل الشخصي لملك البحرين الشيخ عبد الله بن حمد آل خليفة، ووزير الثقافة البحرينية الشيخة مي آل خليفة. وتشكل الوفد الفرنسي الرسمي، إلى جانب هولاند، من وزير الداخلية وشؤون العبادة برنار كازنوف، ومستشار الرئيس للشؤون العربية إيمانويل بون، ومستشاره الثقافي والإعلامي ديفيد كيسلر، فضلا عن ممثلين لوزارة الخارجية ووزارات أخرى. كذلك، حضر وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة، وسفراء الدول العربية المعتمدون لدى فرنسا، ومدير مكتب الجامعة العربية في باريس، وسفير إيران، ومندوب السعودية لدى منظمة اليونيسكو، وسفراء دوليون آخرون، وشخصيات سياسية ودبلوماسية وفكرية وإعلامية.
ومن جانبه، تشكل الوفد السعودي من يوسف السعدون وزير دولة لدى وزير الخارجية، ومحمد آل الشيخ سفير المملكة لدى فرنسا، ورئيس مكتب نائب وزير الخارجية، فضلا عن المدير العام لمكتبة الملك عبد العزيز في الرياض أحد منظمي المعرض إلى جانب معهد العالم العربي ونائبه، ورئيس مجلس الأعمال السعودي - الفرنسي محمد بن لادن، ورجل الأعمال مازن الصواف، وأركان السفارة السعودية والبعثة لدى «اليونيسكو». كما حضر رئيس مؤسسة «توتال» تيري ديماريه أحد الداعمين التقليديين لنشاطات المعهد، الذي مثله رئيسه جاك لانغ ومديرته العامة منى خازندار.
وتأتي أهمية المعرض من كونه الأول من نوعه في فرنسا المخصص لموضوع الحج، الأمر الذي يفسر حرص الرئيس هولاند على افتتاحه شخصيا وعلى إلقاء كلمة مطولة فيه. وهي المرة الأولى التي يأتي فيها رئيس فرنسي إلى المعهد منذ أن دشنه الرئيس الأسبق فرنسوا ميتران في عام 1987.
ومنذ الصباح، تدفقت الشخصيات الرسمية وغير الرسمية إلى المعهد الواقع على بعد رمية حجر من كاتدرائية نوتردام الشهيرة في باريس. وكانت قوى الأمن قد نشرت عناصرها في محيط المعهد، الذي يستضيف في الوقت عينه، إلى جانب معرض الحج، معرضا ناجحا آخر عن قطار الشرق السريع المعروف بـ«أورينت إكسبريس». وتميز الحدث كذلك بحضور إعلامي كثيف لم يشهد المعهد مثيلا له منذ سنوات، والأرجح على الإطلاق.
وفي باحة المعهد، تصافح الرئيس الفرنسي ونائب وزير الخارجية السعودي، كما صافح المسؤولان السفراء العرب والشخصيات الحاضرة قبل جولة مطولة في أرجاء المعرض المنتشر على مساحة 860 مترا مربعا. وعقب ذلك، جرى تبادل كلمات في قاعة المجلس الأعلى للمعهد القائمة في الطابق التاسع والمشرفة على أجزاء تاريخية من باريس.
وفي الكلمة التي ألقاها، حيا الأمير عبد العزيز بن عبد الله الرئيس الفرنسي، عادا مشاركته في الافتتاح «تزيد من اعتزازنا ومن اعتزاز كل القائمين عليه». بيد أنه ركز على أهمية المعرض ومعانيه وما يمثله بالنسبة للمملكة السعودية ومغزى اختيار باريس لاستضافته بعد أن مرت نسخة منه في العاصمة البريطانية قبل سنتين. وبعد أن عد الحج «هوية مشتركة للأديان التوحيدية سعيا لتعظيم الأمن والسلام»، شدد على حاجة العالم اليوم «لاستلهام المعنى الأكبر للسلام والأمن للبشر»، منوها بما قامت به المملكة السعودية منذ عهد مؤسسها «بتسخير كل الإمكانيات المادية والمعنوية لتسهيل هذه الرحلة الإيمانية»، فضلا عن عملها في بناء وإعمار وتوسعة الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة. وشدد نائب الوزير على «التوسعة العملاقة» التي رعاها خادم الحرمين الشريفين.
وشدد الأمير عبد العزيز على أن الإسلام «جعل السلام قيمة سامية لجميع البشر» الذي تستلهمه السعودية وتعكسه في «رؤية خادم الحرمين الشريفين العميقة في تجديد معنى السلام باعتباره ضرورة لكل البشر». أما سبب اختيار باريس لاستضافة معرض الحج، فقد عزاه نائب وزير الخارجية إلى «دور معهد العالم العربي المرموق في التفاعل بين فرنسا الصديقة والعالم العربي بمختلف وسائل التواصل الحضاري والإنساني». وأشار المسؤول السعودي إلى العلاقة التاريخية بين المملكة وفرنسا وهي «علاقة أسست للكثير من الحوارات الثقافية»، بينما السعودية «بمكانتها الحضارية والدينية تدرك أن الفكر هو مصدر الوعي، والالتقاء والحوار هما آلتا التواصل من أجل الأهداف السامية». ومن الدلائل على ذلك، تأسيس مركز الملك عبد الله للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في فيينا. وأمل الأمير عبد العزيز أن يكون المعرض «مناسبة متجددة للتواصل الحواري والمعرفي ومن أجل تفاهم أعمق وتعايش مشترك تحت ظلال السلام والمحبة».
أما الرئيس الفرنسي، فقد شدد من جانبه على معاني الحج وأهمية المعرض المخصص له في باريس وعلاقة فرنسا بالحج التي تعود للقرن التاسع عشر وقبلها باللغة العربية التي بدأ تدريسها في القرن السادس عشر وبأهمية المستشرقين الفرنسيين و«المكتبة الشرقية». وقال هولاند إن بلاده «سعت دائما للتعرف إلى العالم العربي بتنوعه وثقافاته ودياناته»، مضيفا أن هذا «الانجذاب هو أكبر اليوم بسبب أن الكثيرين من المواطنين الفرنسيين يرتبطون بعلاقات مختلفة، إن بسبب أصولهم أو معتقداتهم بمناطق شمال أفريقيا أو الشرق الأوسط». وأشار هولاند إلى أن عدد الحجاج الفرنسيين إلى مكة المكرمة في تزايد مستمر ووصل العام الماضي إلى 25 ألف شخص، مؤكدا أن السلطات حريصة على أمنهم وراحتهم. ونوه الرئيس الفرنسي بمساعدة ورعاية الملك عبد الله للمعرض ولأعمال التوسعة في الحرم المكي.
وإذ عد هولاند المعرض يقدم ركن الحج ببعديه الديني والإنساني، عد من فوائده التعريف بهذا الركن من الإسلام عبر التاريخ، لكنه «يحمل أيضا بعدا سياسيا هو التعبير عن قوة العلاقة بين فرنسا والعالم العربي». ورأى هولاند أنه يحمل رسالة التفاهم بين الثقافات والحضارات والأديان ورسالة التسامح والاعتراف بالآخرين وبدياناتهم «التي يمكن أن تكون مختلفة، لكنها تتقاسم كلها مجموعة من القيم». وبرأيه، فإن هذه القيم هي التي «تجمعنا اليوم».
واستفاد الرئيس الفرنسي من المناسبة ليندد باستخدام الدين لأهداف سياسية.
وختم هولاند كلمته بالتذكير بعلاقات الصداقة التي تجمع فرنسا والسعودية وبتأكيد أن إقامة معرض عن الحج في فرنسا البلد العلماني هي «رمز» ودعوة للتضامن والسلام.
وضم المعرض قطعا تعرض للمرة الأولى جاءت من السعودية، وتحديدا من مكتبة الملك عبد العزيز وأيضا من مجموعات خاصة، وأهمها مجموعة ناصر الخليلي وهي أهم مجموعة خاصة للفن الإسلامي في العالم. ومن القطع المهمة مخطوطات جاءت من تومبوكتو وتعود للفترة الممتدة من القرن السادس عشر وحتى القرن العشرين وهي تروي رحلات الحج لمواطنين من مالي.
ويأتي معرض باريس بالمشاركة بين معهد العالم العربي ومكتبة الملك عبد العزيز وبالتعاون مع المتحف البريطاني.
وصمم المعرض على شاكلة رحلة الحاج من انطلاقته وحتى عودته إلى منزله ترافقه أصوات التلبية، ترافقها إضاءات وصور من شأنها الإيحاء بأجواء الحج. كذلك، حرص المنظمون على توفير شهادات قديمة وحديثة لحجاج أدوا الفريضة بحيث تشكل الزيارة مناسبة للتشارك والاطلاع.
ويتضمن المعرض الكثير من القطع ذات القيمة التاريخية والأخرى التي تتمتع بقيمة جمالية لا جدال فيها. ومن القطع الموجود الكسوة وأجزاء من باب قديم. وخصص المعرض حيزا مهما للفنانين المعاصرين الذين تناولوا موضوع الحج في أعمالهم. ومن الأمور المفيدة من الناحية التعليمية - التربوية الخرائط التي أقيمت والتي تسهل على الزائر فهم أهمية الحج كحدث عالمي سنوي يؤمه ملايين الناس من مختلف أصقاع الأرض.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».