هل ستقلص جامعات الصفوة أعداد طلابها الأجانب في عهد ترامب؟

الاقتصاد الأميركي يعتمد عليهم... ومشروع الكونغرس قد يغلق باب قبولهم

زيادة عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الأميركية صار يقلق بعض الأميركيين
زيادة عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الأميركية صار يقلق بعض الأميركيين
TT

هل ستقلص جامعات الصفوة أعداد طلابها الأجانب في عهد ترامب؟

زيادة عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الأميركية صار يقلق بعض الأميركيين
زيادة عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الأميركية صار يقلق بعض الأميركيين

نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، الأسبوع الماضي، تقريرا عنوانه: «زيادة الطلاب الأجانب في جامعات الصفوة تقلل فرص الأميركيين»، قالت فيه إن عدد الطلاب في هذه الجامعات (جامعات مثل: هارفارد، وييل، وكولومبيا.. وغيرها) ازداد بنسبة النصف تقريبا منذ 12 عاما، بينما ازداد عدد الطلاب الأميركيين بنسبة 5 في المائة فقط، وارتفعت طلبات القبول بنسبة 90 في المائة. ففي العام الماضي، ارتفعت أعداد الطلاب الأجانب في السنة الأولى في جامعة ييل من نسبة 7 في المائة إلى 11 في المائة.
يأتي توقيت نشر هذا التقرير بالتزامن مع حملات الرئيس المنتخب دونالد ترامب، ومساعديه ومستشاريه، السلبية تجاه المهاجرين غير القانونيين، والأجانب بصورة عامة، ومع توقعات تقديم مشروع قانون إلى الكونغرس لتخفيض العدد السنوي للمهاجرين الأجانب. لذلك، أصبحت دعوات للحد من الطلاب الأجانب في جامعات الصفوة الأميركية، حقيقة ملحوظة.
لكن، دافع جوناثان هولاوي، عميد قسم القبول في جامعة ييل، عن عدم التركيز على الطلاب الأميركيين. وقال: «نريد أن تكون الجامعة عالمية ومتنوعة (وليست فقط أميركية). نريد أن يتخرج الجيل الجديد من قادة العالم من هنا».
اتفق معه تشارلز ديكون، عميد قسم القبول في جامعة جورج تاون (واشنطن العاصمة). وقال: «صرنا نعيش في قرية عالمية، في عالم متعولم. ونعم، توجد أسباب كثيرة لزيادة عدد الطلاب الأجانب في جامعاتنا»، لكنه استدرك، وقال: «ألا يوجد خط أحمر يجب ألا نتعداه؟ ألا يجب أن نناقش هذا الخط؟».
وقال بروس فينيك، مستشار القبول بالجامعات والمدارس الثانوية في ولاية ماريلاند، إن أكثر الطلاب الأميركيين الذين يريدون الالتحاق بجامعات الصفوة لا يعرفون زيادة عدد الطلاب الأجانب، وتأثير ذلك على فرص قبولهم. وقال: «سيغضب كثير من طلابنا (الأميركيون) إذا تأثروا بغزو الطلاب الأجانب. وسيؤيد قليل منهم هذه الموجة الجديدة من التنوع والانفتاح».
وحسب «واشنطن بوست»، توجد أسباب كثيرة للجامعات لتشجع قبول الطلاب الأجانب؛ أولا: قلة الميزانية الفيدرالية، وميزانية كل الولايات تقريبا، لدعم الجامعات. ثانيا: ازدياد حماس الحزب الجمهوري لتخفيض الضرائب، وتخفيض دور الحكومة في المجتمع. ثالثا: انخفاض عدد الطلاب الأميركيين الذين يريدون الالتحاق بجامعات. ثالثا: زادت مساعدات الجامعات للطلاب الأميركيين (ليوازن ذلك قبول طلاب أجانب بمصاريف كاملة).
يذكر أنه يوجد في الجامعات الأميركية، حسب إحصائية نشرها في العام الماضي مركز التعليم الدولي (آي أي اي)، في نيويورك، قرابة نصف مليون طالب أجنبي. وقبل 10 أعوام فقط، كان العدد 270 ألفا. وحسب «آي أي اي»، سبب طلاب من الصين، والسعودية، وكوريا الجنوبية والهند وفيتنام، نسبة كبيرة من هذه الزيادة.
ففي العام الماضي، أوضح تقرير أصدره «آي أي اي» أن السعودية تحتل المرتبة الرابعة في قائمة الدول العشر الأكثر إرسالا لطلابها إلى الجامعات الأميركية. وذلك بعد كل من: الصين، والهند، وكوريا الجنوبية. وأنها تسبق كلا من: كندا، واليابان، وتايوان، وفيتنام، والمكسيك، والبرازيل. وأنها ترسل إلى جامعات أميركية مبتعثين لدراسة الهندسة والعلوم والرياضيات أكثر مما ترسل كل من كندا واليابان.
وقالت مجلة «هاي إديوكيشن كرونيكل»، (دورية التعليم العالي)، الأميركية إن هناك قرابة نصف مليون طالب وطالبة أجانب في جامعات أميركية، في العام الدراسي الماضي؛ من بينهم مائة ألف سعودي وسعودية، وإن السعوديين والسعوديات يسهمون في الاقتصاد الأميركي بمعدل 3 مليارات دولار كل عام، وإن السعودية صارت من أسرع مصادر استثمارات الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، وإن السعوديين صاروا رابع أكبر جالية طلابية في الولايات المتحدة. وتوقعت الدورية زيادة العدد ليتخطى مائة ألف. وكان العدد فقط 4 آلاف قبل 10 أعوام، و10 آلاف قبل 20 عاما تقريبا، حيث انخفض كثيرا بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001.
جاءت الزيادات الكبيرة الأخيرة بفضل برنامج الابتعاث الخارجي الذي أعلنه المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز. وحدد البرنامج دول الابتعاث حسب جودة البرامج الأكاديمية في كل دولة. ويراجع البرنامج القائمة بشكل مستمر. وتقع هذه الجامعات في كل من: الولايات المتحدة، وكندا، وآيرلندا، وفرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، وألمانيا، وهولندا، وبولندا، ونيوزيلندا، وسنغافورة، وتركيا، وكوريا الجنوبية، والصين، واليابان.
أخيرا، بينما قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن زيادة عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الأميركية، صارت تقلق بعض الأميركيين (مع موجه الوطنية والشيفونية والترامبية)، قالت للصحيفة زونيرا إرشاد (21 عاما)، طالبة في جامعة ييل، إنها تعلمت الكثير عن الحرب في سوريا والعراق من طلاب عرب وشرق أوسطيين في الجامعة. وقالت: «تعلمت أن أهتم بالذين أقل منا قوة، وحرية، ومالا. نحتاج إلى مزيد من هذا التنوع. أتوسل إليكم (أيها المسؤولون) ألا تغلقوا هذه النافذة».



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.