التعليم المنزلي في الهند بين التخوف وقصص النجاح

لجأ إليه البعض في المناطق النائية واختاره آخرون اعتراضًا على المناهج

أكبر مزايا التعليم في المنزل المرونة التي يتسم بها الجدول الزمني وإمكانية التعلم بحسب إيقاع الطفل الخاص
أكبر مزايا التعليم في المنزل المرونة التي يتسم بها الجدول الزمني وإمكانية التعلم بحسب إيقاع الطفل الخاص
TT

التعليم المنزلي في الهند بين التخوف وقصص النجاح

أكبر مزايا التعليم في المنزل المرونة التي يتسم بها الجدول الزمني وإمكانية التعلم بحسب إيقاع الطفل الخاص
أكبر مزايا التعليم في المنزل المرونة التي يتسم بها الجدول الزمني وإمكانية التعلم بحسب إيقاع الطفل الخاص

عندما نجحت مالفيكا جوشي، البالغة من العمر 17 عامًا، في الالتحاق بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا خلال العام الماضي، لم يكن يعلم الكثيرون أنها تركت نظام التعليم الرسمي منذ أربع سنوات. لم يكن المعهد يهتم بعدم تقديمها لشهادة دراسية. وتوضح سوبريا، والدة مالفيكا: «لقد كانت مالفيكا تبلي جيدًا في المدرسة لكنني شعرت على نحو ما بأن ابنتيَّ مالفيكا ورادها، تفتقران إلى السعادة... التي هي أهم من العلم والمعرفة».
لم يكن ذلك القرار سهلاً بأي وجه من الأوجه. وتضيف سوبريا، «لا يزال الناس في الهند لا يدركون معنى المصطلح «التعليم في المنزل»، أو «عدم الالتحاق رسميًا بمدرسة»، كما يشار إليه في أكثر الأحوال، ولم يكن زوجي مقتنعًا في البداية بخطورة هذا الاقتراح، حيث لم تكن ستتمكن ابنتي من الحصول على شهادة تثبت اجتيازهما للصف العاشر والثاني عشر، وهناك ما يدعو إلى الخوف». وتشرح: «لقد استقلت من وظيفتي، ووضعت منهجًا دراسيًا لمالفيكا، وقمت بتجهيز غرفة بحيث تشبه الحجرة الدراسية في المنزل. وفجأة رأيت كم كانت ابنتي سعيدة».
لا تعد هذه القصة رواية فردية، فلقد فاجأ ساهال كاوشيك، البالغ من العمر 14 عامًا، أقرانه بالهند عندما نجح بتفوق في اختبارات القبول في المعهد الهندي للتكنولوجيا، الذي يحظى بمكانة مرموقة، في دلهي، حيث لم يكن مراهقًا فحسب بل تلقى تعليمه في المنزل أيضًا. ولقد حصل هذا الطالب النابغة على درجة الماجستير في العلوم، وهو الآن في العشرين من عمره، وباحث دراسات عليا في المعهد، ويسعى للالتحاق بجامعة نيويورك للحصول على درجة الدكتوراه.
لم يتلق بالزانت شيفاناند تيواري، ابن مزارع من ولاية بيهار الواقعة في غرب الهند، أي تعليم نظامي رسمي، لكنه تمكن من الالتحاق بالمعهد الهندي للتكنولوجيا في كانبور عام 2015. يريد شيفاناند مواصلة أبحاثه في الفيزياء. لم يتلق هؤلاء الشباب تعليمًا نظاميًا بحسب التعريف العالمي للكلمة، لكن في الهند يتم استخدام مصطلح «التعليم في المنزل» ليشمل كل الذين تلقوا تعليمهم في المنزل، وفي أي بيئة حرة. يبدو أن التعليم في المنزل ينتشر في الهند، حيث تحولت كثير من المنازل إلى مساحات للتعلم. يتزايد اليوم عدد الآباء الذين يبدو أنهم يفضلون إلحاق أبنائهم بمدارس تقدم لهم فرصة للفكاك من طريقة التعلم القائمة على التلقين، ويتطلعون إلى مؤسسات تطبق أنظمة تعليم بديلة مثل منهج «مونتيسوري»، أو «وولدورف» أو حتى إلى اختيار تعليمهم في المنزل. لا يحتاج التعليم في المنزل في الهند إلى تسجيل، أو اعتراف، أو أي تصريح من هيئة أو جهاز.
يتسم مجتمع طلبة المنازل في الهند بالتنوع، حيث يتعلم الكثير منهم في المنزل لأنهم قد ضاقوا بهذا النظام التعليمي، ويرغبون في تنشئة أبنائهم دون أي ضغط عليهم. كذلك هناك بعض العائلات، التي لا ترغب في فرض أي نوع من اللوائح أو النظام على تعليم أبنائهم، بل يريدون أن يمنحوا أبناءهم فرصة للسير وراء فضولهم. ويضطلع الآباء بدور الميسر لأبنائهم، حيث يعتقدون أن الأطفال ناضجون بدرجة كافية لاتخاذ اختيارات تتعلق بما يتعلمونه.
يمكن أن يشارك الأطفال المتعلمين في المنزل في اختبارات الشهادة العامة الدولية للتعليم الثانوي كمرشحين مستقلين، أو اختبارات الصف العاشر - الثاني عشر، التي يعقدها المعهد القومي للتعليم المفتوح، الذي يمنح الطلبة خيار الحصول على شهادة أو درجة علمية، ويتم إجراؤه في مراكز منتشرة في جميع أنحاء البلاد. وتوضح أورميلا سامسون، والدة أحد الطلبة غير الملتحقين بنظام التعليم النظامي الرسمي: «هناك كثير من الأسباب التي تدفع الآباء نحو تعليم الأبناء في المنزل. يشعر بعض الآباء أن أبناءهم قد يكونون أفضل في المنزل، أو يكون لديهم اعتراضات على المنهج الدراسي، من منطلق ديني أو لأسباب أخرى. وقد يبقون على أطفالهم في المنزل لأسباب تتعلق بسلامتهم، وأمنهم، أو لأي ظروف أخرى».
قد يغير التعليم في المنزل مسار الحياة، حيث يؤدي إلى تطور الشخصية لكل من الأب، والطفل. وينتشر هذا الشكل من التعليم في الهند بسبب عدم إمكانية إلحاق الأبناء بمدرسة، أو عدم توافر مدارس جيدة، أو للمسافة الطويلة التي يحتاج الطلبة لقطعها للوصول إلى المدرسة. يقول سواتي: «لا يشعر الآباء برضا عن البرامج المصممة في المدارس. إنهم يريدون لأطفالهم خطط تعلُّم فردية، وأن تتطور شخصيتهم بشكل متمايز. وفي ظل تراجع كفاءة وخبرة المعلمين، والمبالغة في تطبيق طرق الانضباط، وانتشار الشغب في المدارس، يشعر الكثير من الآباء أنهم يستطيعون تقديم لأبنائهم أفضل مما تقدمه لهم المدارس».
والتقت «الشرق الأوسط» مع بعض الآباء، والشخصيات الأكاديمية، لمعرفة المزيد عن هذا التوجه. يقول الكثير من الآباء إن التعليم في المنزل يتيح تنمية الجانب الإبداعي للطفل. تقول روكسانا، والدة فتاة تبلغ من العمر 11 عامًا: «التحقت ابنتنا بنظام تعليم نظامي، لكن لم يكن الحال على ما يرام. لقد كانت مهتمة بالموسيقى، والفنون، والأعمال الفنية اليدوية. وهي الآن تتبع جدول منتظم في المنزل، وتجد الوقت الذي يمكن لها فيه أن تشبع شغفها».
في كثير من المدن الهندية امتنع كثير من الآباء عن إلحاق أبنائهم بمدارس رسمية، وفضلوا أن يتعلموا بأنفسهم في المنزل، أو على أيدي آبائهم، أو مدرسين خصوصيين. هناك ما يزيد على 100 طفل من هؤلاء الأطفال في دلهي، بل هناك منتدى على الإنترنت يتفاعل فيه الآباء مع بعضهم، ويتبادلون المساعدة. ولكل منهم أسباب مختلفة دفعتهم إلى اختيار هذا النظام.
ريبيكا ماناري، مؤلفة ومعلمة، اختارت بكامل وعيها وإرادتها أن تعلم طفليها في المنزل، وقالت إنهم قد أقدموا على هذا الأمر لأن المعلمين، الذين كانوا يدرسون لابنهم، غير أكفاء، وغير مؤهلين للتعليم. وقال أحد الآباء: «عندما انضممت إلى مجتمع التعليم المنزلي أدركت الفوائد التي لا تُحصى التي تعود على الطفل بمجرد خروجه من ذلك السباق المحموم».
لا يوجد منهج دراسي منفصل للأطفال، الذين يتعلمون في المنزل، وكان أكثر الآباء، الذين تحدثت معهم كاتبة هذه السطور، يستخدمون كتبًا دراسية متوفرة بالفعل. مع ذلك لم يستخدم البعض هذه الكتب الدراسية، وصمم البعض الآخر منهجًا دراسيًا خاصًا من خلال الرجوع إلى مناهج دراسية أخرى.
مع ذلك لم يغرق أي منهم أبناءه في بحر تلك الكتب. وقالت تشيتانا كيني والدة أحد الطلبة: «عندما كان طفلي في الصف الأول، اعتدت اصطحابه معي إلى المتاجر وشرح عمليات الجمع والطرح له. فيما بعد استخدمت الكتب الدراسية ككتيبات للتمرينات. وكانت هذه هي الطريقة التي علمته بها الرياضيات».
يتم تشجيع الأطفال على استكشاف الأشياء بأنفسهم، والبحث عن المتعة في تعلم أشياء جديدة. وبات كثير من الآباء هذه الأيام جزءًا من مجموعات التعليم في المنزل على شبكة الإنترنت، حيث يتعلمون من بعضهم، ويطلبون العون من خبراء في مواد دراسية مثل الفيزياء، والرياضيات، أو يسهمون بمعرفتهم في تعليم الأطفال في المنزل.
ولدى آل بارديوالا المقيمين في مومباي نموذج أكثر تنظيمًا للتعليم في المنزل. إنهما يسجلان كل شيء يتعلمه أبناؤهما، ويختبرونهما أحيانًا فيها. مع ذلك إذا لم يحب أي من الأبناء مادة دراسية، يلغونها من المنهج بمجرد تعلم الأبناء لمبادئها الأساسية. لقد قرر أبناؤهما عدم استكمال دراسة التاريخ والجغرافيا، لكنهم شعروا باهتمام بموقع «موهينجودارو» الأثري بعد الاطلاع عليه في كتاب. ويوضح سونال بارديوالا: «لدى الطفل كل الحق في كره شيء». وقد خضع ابنهما شاهين لاختبار ولاية مهاراشترا كمستقل، وحصل على 93.6 في المائة، وكذلك له مدونة على الإنترنت، ويدير قناة على موقع الـ«يوتيوب»، ويكتب سيناريوهات للأفلام.
تقول عالمة النفس فاركا تشولاني: «يكون هناك سيطرة على طريقة تنظيم الوقت بحسب المواد الدراسية. لذا يمكن للوالد أو الوالدة معرفة ما إذا كان الطفل يهتم بالسنسكريتية بقدر اهتمامه بالرياضيات أم لا. على العكس من ذلك، إذا رأى أحد الأبوين أن طفله يبدي تفوقًا في العلوم، والرياضيات، فيمكنه التركيز عليه»، وتضيف فاركا قائلة: «كذلك للتعليم في المنزل ميزة تتعلق بالوقت، حيث لا يتم إهدار الوقت، أو تبديد الطاقة في الذهاب إلى المدرسة، ولا يتعرض الطالب إلى أي ظواهر بيئية مثل الفيضانات، أو الحوادث، أو تعطل حافلات المدرسة وهو ما يخفف الأعباء. ولم أسمع طوال كل هذه السنوات عن طالب يدرس في المنزل عجز عن الالتحاق بالجامعة».
يدرس أكثر الأطفال بحسب جدول زمني غير صارم، حيث يدرسون لعدد محدد من الساعات يتراوح بين ساعتين وست ساعات، ويقضون وقتًا في دراسة المجالات التي يهتمون بها، مع أصدقائهم، ثم يستذكرون دروسهم وحدهم بعد ذلك. ويقول أديتي ماثور، أحد المعتقدين بشدة في طرق التعليم البديلة: «أكبر مزايا التعليم هي المرونة التي يتسم بها الجدول الزمني. يمكن للطفل تعلم ما يريده في الوقت الذي يحبه. ويمكنه دراسة أي مادة بالقدر الذي يريده، ويتعلم بحسب إيقاعه الخاص وعلى النحو الذي يريده. إنه يتحكم في عملية تعلمه دون تعرضه لأي ضغط». الأطفال راضون بوجه عام عما يفعلونه.
بالنظر إلى إتاحة كل الأشياء أمام الطالب، وفي ظل الاهتمام الكبير الذي يحظى به، لا يعيش الطفل في ظروف تثير إحباطًا في إطار محاولته التكيف مع ظروف الحياة، ويصبح غير قادر على مواجهة التحديات التي تفرضها البيئة، ولا يتحلى بالصبر اللازم لتحمل الظروف. تقول فاركا: «إنه يقيد قدرة الطفل على تنمية المهارات الاجتماعية، والتكيف مع صفات الآخرين، وهو الأمر الذي يفرضه عليك النظام المدرسي. تحتاج تنمية المهارات الاجتماعية إلى ممارسة، فكلما واجهت مواقف تستدعي التكيف مع الآخرين، تطورت روح الفريق لدى الطفل. تتسم تلك المهارات اليوم بأهمية كبيرة لا تقل عن أهمية المهارات الفنية. يقدم النظام المدرسي الرسمي فرصة تطوير الشخصية بشكل شامل لأنه يجبر الطالب على الانخراط مع ناس قد لا يحبهم».
هل إذا لم تلتحق بمدرسة، تفوتك فرصة تعلم دروس مهمة في الحياة. تقول أنيتا رامبال المتخصصة في مجال التعليم: «في المدرسة حيث تكون بصحبة أشخاص مختلفين عنك، تتعلم التعاطف». لكن هل المدرسة تتسم بهذا القدر من التنوع حقًا؟ إنهم يقولون كذلك إن الأطفال، الذين لا يلتحقون بمدرسة، لا يتعرضون للفروق والاختلافات الاجتماعية، يشعرون براحة استثنائية في التعبير عن ذاتهم، والتصرف بحرية.
يبدو أن التعلم في المنزل لا يناسب الجميع، حيث تكون هناك حاجة إلى تفرغ أحد الأبوين على الأقل، وكذلك إلى تمتعه بقدرة على الاهتمام بنمو وتطور الطفل بشكل كامل. يقول ريان سامسون، البالغ من العمر 19 عامًا، والذي تعلم في المنزل مثل شقيقيه: «عادة ما يتطلب الأمر توفر المال، والاستقرار العاطفي في المنزل».



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».