«يانا» يثير حواسك بمأكولات ودفء جنوب شرقي آسيا

تماثيل «بوذا» الذهبية بانتظارك في القاهرة

ديكورات ترتكز على اللون الذهبي وتماثيل بوذا
ديكورات ترتكز على اللون الذهبي وتماثيل بوذا
TT

«يانا» يثير حواسك بمأكولات ودفء جنوب شرقي آسيا

ديكورات ترتكز على اللون الذهبي وتماثيل بوذا
ديكورات ترتكز على اللون الذهبي وتماثيل بوذا

مع حلول الشتاء وبرودة الطقس في العاصمة المصرية القاهرة هذه الأيام، يمكن للباحث عن أطعمة تساعده في الشعور بالدفء أن يقصد شرق العاصمة، وتحديدًا فندق «رويال مكسيم بالاس كمبينسكي» لتناول طعامه في هذا المطعم الفخم المقبل من جنوب شرقي آسيا، حيث يتيح كثيرًا من الوجبات التي يشتهر بها المطبخ الآسيوي، لا سيما المطبخ التايلاندي، حيث أوجدا لنفسيهما مكانة متميزة لدى المصريين.
يحمل المطعم اسم «يانا» (YANA)، وهو يعد ملاذًا هادئًا ودافئًا، يقبع أسفل قباب الفندق الزرقاء ذات الشكل الملكي، فبمجرد الدخول إلى المطعم تشعر أنك انتقلت إلى دولة تايلاند، حيث تستقبل الزائرين مظاهر الفخامة التي تبعث على الراحة، فالديكورات تجذب الحواس، بداية من تماثيل «بوذا» الشهيرة ذات اللون الذهبي، التي تقف مرحبة بضيوفها، مرورًا بالديكورات الداخلية والمنحوتات الجدارية من الخشب الداكن، وأماكن الجلوس التي قوامها الحرير الأخضر، نهاية بالإضاءة الخافتة المحيطة بالزائر والإطلالة على فناء «كمبينيسكي» حيث يوجد فناء الفندق وحمام السباحة، مما يعطي في الإجمال صورة دافئة ومزاجًا مثاليًا لتناول غذاء شهي أو عشاء آسر.
تقول إيمان اليسقي، مديرة إدارة العلاقات العامة بالفندق: «مطعم (يانا) يقدم الرفاهية لزواره، ويدعوهم للتمتع بتجربة فريدة في تناول الطعام، وهو ما يتماشى مع فلسفة الفندق، فالتصميمات تدعو إلى الراحة، وتسير جنبًا إلى جنب مع مذاق ونكهات الطعام المقبلة من جنوب شرقي آسيا من قلب تايلاند وماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة، تغلفها درجة عالية من المهارة في إعداد الأطباق، حيث يتمتع شيف المطعم صاحب الجنسية التايلاندية بحرفية عالية، وخبرة طويلة، تجعله يلبي جميع الأذواق».
وتوضح اليسقي أن المطعم في الفترة المقبلة يميل إلى التخصص في المطبخ التايلاندي تحديدًا، بعد أن نجح في جذب كثير من الزوار إليه، حيث زادت شعبية هذا المطبخ على المستوى العالمي على مدى السنوات الماضية، كون الأطباق التايلاندية تتسم بأن طعمها حار المذاق، لاحتوائها على كثير من الأعشاب والتوابل والصلصات التي لا تجدها في المطابخ الأخرى، وهو ما يروق للجمهور المصري.
مع اتخاذ مقعدك في المطعم، حان الوقت لكي تختار طعامك وأطباقك المفضلة من بين عشرات الأنواع والأصناف، حيث يقدم المطعم أطباقًا مميزة، أعدت بخليط من التوابل والصلصات المحلية ذات النكهات الغنية عن طريق شيف متخصص، هو الشيف براباي باتمانج، القادم من الأراضي التايلاندية، حاملاً خبرات طويلة وكبيرة في فنون المطبخ الآسيوي، ولا سيما الطهي التايلاندي.
يقول براباي لـ«الشرق الأوسط»: «نعتمد في (يانا) على تقديم أطباق شرق آسيا، خصوصًا المطبخ التايلاندي، الذي يتميز بعدد من السمات، نقدمها للجمهور المصري والعربي، فبداية يعتمد المطبخ على الطريقة الصحية في الطهي، فنحن نستعمل البخار في الطهي في المقام الأول، ثم الطرق المعتادة في القلي أو الشواء».
أما أكثر ما يميز المطبخ التايلاندي ويثير الإعجاب به فهو توازن النكهات، بحسب براباي، فكل الأطباق تهدف لتناغم وتوازن النكهات، حيث تمتزج النكهات الحلوة والحارة والحامضة والمالحة، وهو ما يثير المتذوق، فالأربع نكهات يجتمعن في الوجبة الواحدة، وهو أمر قلما يوجد في أي مطبخ في العالم.
ويتابع: «الشيف التايلاندي الحاذق هو من يتقن التوفيق بين النكهات الأربع، دون أن يطغى مذاق على الآخر، مما يجعل الطعام رائقًا ولذيذًا، وهو ما أكسب شعبية واسعة للمطبخ التايلاندي على مستوى العالم، بل وجعلت منه عاملاً مهمًا في الترويج السياحي لبلادنا».
ويبين براباي أيضًا: «غالبية الأطباق التايلندية تحتوي على صلصات الكاري بنكهاتها المتنوعة من آسيا، إلى جانب أصناف الفلفل الأحمر والأصفر والأخضر، لإضفاء النكهة الحارة، وفي بعض الأحيان يتم استخدام الفلفل الحار المجفف، وهذا المزيج من الكاري والفلفل أمر يميز المأكولات الآسيوية بشكل عام، والتايلاندية بشكل خاص».‏
يفتح المطعم أبوابه من الواحدة حتى الرابعة لتقديم وجبة الغذاء، ثم من الخامسة حتى الثامنة لوجبة العشاء، وسواء اخترت أيهما، فهناك عشرات الاختيارات التي تضمها قائمة الطعام، التي على رأسها 6 أنواع من السوشي، ووجبة الـ«Tumpeng» الإندونيسية (طبق الأرز على شكل مخروط مع الخضراوات واللحوم)، ووجبة الـ«NasiGoreng» الماليزية (الأرز المقلي ومعه البيض أو الدجاج أو الجمبري).
كما تضم قائمة الطعام أيضًا الجمبري المقلي على الطريقة الماليزية، والجمبري المقلي بخلطة تامبورا اليابانية، الذي يقدم مع صوص الصويا، وتشكيلة الخضراوات على الطريقة الصينية مع صوص الأويستر، والدجاج المطهي على الطريقة الآسيوية مع الكاجو والمشروم والفلفل الأحمر المجفف.
ومن بين الأطباق التايلاندية التي تتنوع بين المقبلات والأطباق الرئيسية والحلويات، ترشح لك «الشرق الأوسط» تجربة حساء أمليسو مع حبوب الصويا، أو حساء توم يام الحار مع الليمون والزنجبيل، وسلطة اللحم البقري الحار مع الأعشاب التايلاندية التي تقدم مع صوص الليمون والفلفل الأحمر.
أما الطبق الرئيسي فيمكن الاختيار بين أكثر من اختيار وفق رغبتك، فهناك البط المطهي في الفرن مع الكاري الأحمر التايلاندي الحار وحليب جوز الهند، والجمبري بالكاري الأخضر التايلاندي الحار، وكيك السمك التايلاندي المقلي مع الصوص الحلو والحار، ونودلز مع صوص التمر هندي وفول السوداني والفاصوليا، وساتيه الدجاج الذي يقدم مع زيت الفول السوداني وصوص الصويا.
وتقدم هذه الأكلات جميعها مع أرز الياسمين الذي يزرع في تايلاند، ويتم طهيه على البخار أو يقدم محمرًا، وهو ذو رائحة ومذاق مميز.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».