عبد الله عبد الله رجل الساعة في أفغانستان

الطبيب المرشح بقوة لخلافة كرزاي هل يتمكن من معالجة الجرح النازف في بلاده؟

عبد الله عبد الله رجل الساعة في أفغانستان
TT

عبد الله عبد الله رجل الساعة في أفغانستان

عبد الله عبد الله رجل الساعة في أفغانستان

كان يتطلع إلى أن يمارس مهنة الطب التي درسها، ليقدم خدماته لأبناء شعبه من خلال هذه المهنة المقدسة التي ينظر إلى صاحبها في أفغانستان بعين الاحترام، خاصة في المناطق الريفية بالجنوب والشرق.. لكن الواقع الأفغاني المرير
حول مسار حياته، ليسلك طريقا آخر غير ما خطط له.
فوزير الخارجية الأفغاني الأسبق عبد الله عبد الله الذي يخوض حاليا غمار الانتخابات الرئاسية الأفغانية، قرر انتهاج السياسة في بلد يعاني من الفقر والحروب.. وهو الآن يتقدم على منافسه أشرف غني الاقتصادي السابق في البنك الدولي، حسب نتائج جزئية للانتخابات الرئاسية التي جرت في الخامس من أبريل (نيسان) شملت نصف بطاقات الاقتراع. وحسب التوقعات فإن عبد الله عبد الله الأكثر حظا لخلافة الرئيس حميد كرزاي. وكان عبد الله حل ثانيا وراء كرزاي في انتخابات سنة 2009 وسبق أن أعلن أنه سيدعو في حال فوزه إلى إجراء تعديلات دستورية تتيح تقاسم السلطة في البلاد.
شكل الموقع الجغرافي الحيوي لأفغانستان الواقعة في وسط آسيا مطمعا دائما لطموحات الدول الكبرى التي حاولت ولا تزال السيطرة عليها للتحكم على المنطقة برمتها. لكن الشعب الأفغاني ظل يعاني الفقر والبؤس طوال العقود الماضية ولم يطرأ أي تغيير في حياتهم التي تشبه حياة شعوب القرون الوسطى. وسط هذه الحالة تشكلت مفاهيم عبد الله عبد الله الذي ولد في بيت أفغاني مختلط بالانتماء العرقي حيث ينحدر والده من أسرة بشتونية من ولاية قندهار التي تعد بمثابة عاصمة القرار السياسي للجنوب الأفغاني بينما تنتمي والدته إلى الطاجيك المستقرون في ولاية بانشير أو وادي بانشير الواقع شمال شرقي العاصمة كابل الذي استعصى على جميع الغزاة الدخول إليها بسبب وعورة وديانها وجبالها وشراسة سكانها.
ولد عبد الله المعروف حاليا بين الأفغان بـ«داكتر صاحب» في الخامس من سبتمبر (أيلول) 1960 في كابل، وكان لأسرته المكونة من عرقيتين كبيرتين تتشكل منهما معظم سكان أفغانستان، تأثير كبير وإيجابي في نموه وتطور حياته الاجتماعية والسياسية لاحقا.
فالحروب الخارجية المتلاحقة التي خاضتها بلاده في مختلف المراحل وكذلك الحروب الأهلية بين الأفغان أنفسهم، حولت وجهة عبد الله المهنية إلى عالم السياسة.. وبات عنصرا حيويا في السياسة الأفغانية ورقما صعبا لا يمكن تصور ترسيم المرحلة المقبلة لأفغانستان من دون الأخذ في الاعتبار رؤيته المستقبلية لأفغانستان وما يسميها «خريطة طريق» للخروج من الأزمة. هذه الخريطة لخصها عبد الله في شعاره الانتخابي الذي خاض به منافسة الانتخابات الرئاسية لعام 2014 وهو «الإصلاحات والوحدة»، وهما الأمران الهامان بالنسبة لأفغانستان الجديدة التي تعاني من الفساد في مؤسساتها الحكومية وتوسع دائرة انتشارها بشكل غريب ومرعب جعلت من أفغانستان تتصدر الدول الأكثر فسادا بالعالم ثم الوحدة والتعايش حيث تعاني أفغانستان من الفرقة والخلافات القبلية والقومية حولتها إلى دولة متخلفة وفقيرة.
كان والد عبد الله غلام محيي الدين خان، مسؤولا حكوميا ونائبا في مجلس الشورى الأفغاني في عهد الملك الأفغاني الراحل محمد ظاهر شاه قبل أربعين عاما.
درس عبد الله في مدرسة ناديريا الثانوية بكابل حيث تخرج فيها غالبية الشخصيات السياسية، وبعد التخرج فيها التحق بجامعة كابل التي كانت تعتبر من أرقى الجامعات في المنطقة قبل أربعين سنة. واختار عبد الله كلية الطب، حيث تخصص في طب العيون وتخرج فيها عام 1983 ليتفرغ لممارسة مهنة الطب لفترة وجيزة جدا وذلك في مستشفى نور في وسط العاصمة كابل (لا يزال يحمل نفس الاسم حتى يومنا هذا).
لم يتمكن عبد الله من مواصلة عمله كغيره من المهنيين والمثقفين الأفغان بسبب الغزو السوفياتي السابق لأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، حيث اختار طريقه للخروج من أفغانستان والالتحاق بأحزاب المجاهدين الذين كانوا يتخذون من مدينة بيشاور في شمال غربي باكستان منطلقا لتحركاتها ضد حكومة كابل المدعومة من الاتحاد السوفياتي السابق. في البداية انشغل عبد الله بمهنة ممارسة الطب في مستشفى سيد جمال الدين أفغاني وهو المثقف الأفغاني الشهير في مدينة بيشاور وكان يعالج اللاجئين الأفغان الذين تدفقوا إلى المدينة عقب اندلاع الحرب بين أحزاب المجاهدين وقوات الاتحاد السوفياتي السابق في ثمانينات القرن الماضي.
استمر عبد الله في ممارسة الطب لمدة وجيزة ورأى أن هناك جبهة أخرى لا تقل أهمية وهي بحاجة ماسة إليه, هي جبهة الجهاد والمقاومة للسوفيات. ولم يتردد في الانضمام إليها وذلك في عام 1985. وفي العام نفسه اختار عبد الله جبهة المقاومة في ولاية بانشير مسقط أخواله تحديدا في جبهة قائد تحالف شمال السابق أحمد شاه مسعود الذي اغتاله عنصران من تنظيم القاعدة تنكرا في لباس صحافيين في التاسع من سبتمبر (أيلول) أي قبل يومين من هجمات الحادي عشر من سبتمبر بالولايات المتحدة عام 2001.
اضطلع عبد الله في البداية بمسؤولية الرعاية الصحية في جبهة بانشير التي استعصت على القوات الروسية وعلى مسلحي طالبان أن يدخلوا إليها حيث كان عبد الله يمضي معظم أوقاته في معالجة مئات المقاتلين الذين كانوا يسقطون جرحى في قتالهم ضد القوات الروسية والحكومية المدعومة من موسكو.
وفي الفترة نفسها شغل عبد الله منصب مستشار خاص للقائد الشمالي الراحل أحمد شاه مسعود وبات لسانه الذي يتحدث به وجسر تواصل مع العالم الخارجي الذي كان بحاجة لفتح نافذة على المقاتلين الأفغان. وبما أن عبد الله كان يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة فقد بات عنصرا مهما ومتحدثا بارعا في جبهة بانشير التي انضم تحت لوائها معظم قادة المجاهدين الميدانيين من مختلف الولايات والمناطق الأفغانية بغض النظر عن انتمائهم للأحزاب المختلفة.
وليس من المبالغة القول إنه هو الذي عرّف جبهة بانشير التي كانت من أكثر الجبهات الأفغانية المقاتلة تمسكا وانتظاما وقوة، للعالم الخارجي بفضل معرفته بالإنجليزية. وأثناء دخول أحزاب المجاهدين إلى العاصمة الأفغانية عام 1992 عقب الإطاحة بحكومة نجيب الله آخر رؤساء الحكومات الشيوعية المدعومة من موسكو الذي أعدمته طالبان فيما بعد عندما سيطرت على كابل عام 1996، عين عبد الله مديرا لمكتب وزير الدفاع الأفغاني أحمد شاه مسعود، ومتحدثا باسم وزارة الدفاع الأفغانية وكان الجهة الوحيدة التي تنقل أحداث أفغانستان إلى المجتمع الدولي عبر لقاءاته التلفزيونية والإذاعية خاصة مع إذاعة «بي بي سي» قسم اللغات المحلية الأفغانية (الباشتو والدارية) وهما اللغتان الرسميتان في أفغانستان.
وفي عام 1997 عين مساعدا لوزير الخارجية الأفغانية في الحكومة التي كان برهان الدين رباني زعيم جبهة التحالف الشمالي يترأسها خارج العاصمة كابل تحديدا في ولاية تخار، الذي تقلد فيما بعد سقوط طالبان عدة مناصب رفيعة منها رئيس مجلس السلام الأفغاني لمحاورة طالبان لكنه قتل بهجوم انتحاري في داخل منزله بعد العودة من إيران قبل ثلاث سنوات في كابل.
وفي عام 1999 عين عبد الله قائما بأعمال وزارة الخارجية الأفغانية في الحكومة نفسها. وبعد ظهور حركة طالبان عام 1996 والتي سيطرت على معظم المناطق الأفغانية بما فيها العاصمة كابل، انسحبت الحكومة الأفغانية برئاسة برهان الدين رباني إلى الشمال الأفغاني وظل عبد الله عنصرا مهما من عناصر تلك الحكومة، وبقي ملازما القائد العسكري المناوئ لحركة طالبان أحمد شاه مسعود.
كما أنه بات مصدر الأخبار الوحيد لدى الوكالات الدولية حول ما يجري في الداخل الأفغاني من قتال بين قوات التحالف الشمالي ومسلحي طالبان في مختلف جبهات القتال تركزت غالبيتها في مناطق الشمال ذات الأغلبية الطاجيكية والأوزبكية والهزارة الشيعية.
كما شارك عبد الله في عدة مؤتمرات دولية وإقليمية عقدت في عدد من العواصم الأوروبية والإقليمية. وفي دول الجوار وبمساعدة أممية لمناقشة الوضع الأفغاني والبحث في سبل الخروج من الأزمة التي كانت تقتل وتشرد المئات من الأفغانيين. وظل يردد على مسامع العالم، الخطر المقبل من جبال وكهوف أفغانستان المتمثل في حركة طالبان المتحالفة مع تنظيم القاعدة وأفكاره المتطرفة.
وكان عبد الله يركز في خطاباته على أن طالبان ليست خطرا على أفغانستان فقط وإنما هي تهديد ممنهج سيهدد العالم بأسره. وبدأ نجم عبد الله يسطع في سماء السياسية الأفغانية بعد الإطاحة بنظام طالبان عام 2001، عقب الهجوم أميركا والحلفاء على نظامها بعد أن رفضت تسليم أسامة بن لادن المتهم في عمليات تفجير برجي التجارة العالمية في الحادي عشر من سبتمبر من العام نفسه، حيث أسندت إليه حقيبة الخارجية الأفغانية في المؤتمر الذي عقد بين الفصائل الأفغانية برعاية الأمم المتحدة لملء الفراغ السياسي الذي نتج عن إسقاط حكومة طالبان.
وحافظ عبد الله على منصبه في الخارجية الأفغانية في الحكومة المؤقتة ومن ثم في الإدارة الانتقالية اللتين ترأسهما الرئيس الأفغاني المنتهية ولايته حميد كرزاي.
وكان عبد الله، من الوزراء القلائل الذين حافظوا على مناصبهم في التشكيلة الوزارية التي تمخضت عن أول انتخابات رئاسية أفغانية مباشرة شهدتها البلاد بعد رحيل نظام طالبان وذلك في عام 2004، وفي هذه الفترة يعد من الوزراء القلائل الذين نجحوا في مهماتهم وتمكنوا من وضع لبنة أولية في الوزارات التي أسندت إليهم من قبيل وضع القوانين والإصلاحات وشهدت الخارجية الأفغانية وسياساتها نقلة نوعية خاصة فيما يتعلق بعلاقات أفغانستان مع العالم الخارجي ودول الجوار وتمكنت كابل من تعزيز علاقات بينها وبين المجتمع الدولي برئاسة عبد الله الذي كان يتجول بحقيبته الدبلوماسية في عواصم الدول وهو يشرح طموحات بلاده الجديدة ويرسم خريطة سياسية جديدة في علاقات بلاده مع الجميع، ومن سوء حظ أفغانستان أن الانتماء العرقي والقبلي يلعب دورا مهما في تعيين الشخصيات على مناصب رفيعة ولم يستثن عبد الله عن هذه الظاهرة.
لذلك أُبعد عبد الله من منصبه عام 2006 ضمن تعديل وزاري قام به الرئيس حميد كرزاي. وهو قرار استقبل بكثير من الانتقادات من المجتمع المدني والأوساط السياسية، لكن عبد الله، السياسي المخضرم، بخبرته الواسعة وتجاربه الكبيرة قَبِل قرار الرئيس، مؤكدا أنه سيظل في خدمة الشعب الأفغاني سواء كان في داخل الحكومة أو خارجها لترك الديمقراطية الوليدة تأخذ مسارها الطبيعي.
ولعب عبد الله دورا مهما وبارزا في تقريب وجهات النظر بين كابل وإسلام آباد حول الحرب على ما يسمى بالإرهاب والقضايا المعلقة بين البلدين، وذلك بعد أن عين من الجانب الأفغاني رئيسا على مجلس قبلي لإجراء محادثات مع مجلس قبلي آخر تشكل في الجانب الباكستاني لمناقشة الأوضاع على جانبي الحدود والتوصل إلى رؤية واضحة لحلحلة الملفات العالقة بين البلدين المتجاورين. ولم يسترح عبد الله في الفترة بين 2006 حتى 2009 بل ظل في تواصل مستمر مع الأحزاب والتكتلات السياسية الأفغانية من خلال عقد ندوات ومؤتمرات يشرح فيها رؤيته السياسية لمستقبل بلده، ويقدم طروحات ومقترحات لتحسين الوضع السياسي والأمني.
كما أنه عزز خيوطه مع الدول الكبرى ومع الشخصيات المؤثرة فيها لجلب أنظارها إلى الأزمة الأفغانية التي يراها تتفاقم في ظل فشل الحكومة الأفغانية في بسط سيطرتها على كامل أراضيها وعدم الجدية في التعاطي مع قضية الحوار والمصالحة مع جماعة طالبان، كما أنه يتهم الدول التي لها قوات مقاتلة في أفغانستان بعدم وجود استراتيجية ورؤية واضحة للخروج من المعضلة. ومن أجل مواصلة مسيرته السياسية وتحقيق آماله وطموحاته وبرامجه التي يعتبرها إصلاحية، دخل عبد الله المسرح السياسي الأفغاني المحفوف بالمخاطر مرة أخرى عبر الترشح لخوض ثالث انتخابات رئاسية تشهدها البلاد منذ رحيل نظام طالبان وتجربة أولية في نقل السلطة عبر صناديق الاقتراع بدل البنادق، ثمانية مترشحين خاضوا الانتخابات وكان عبد الله أبرزهم لخلافة كرزاي الذي لا يحق له الترشح لولاية ثالثة وفقا للدستور الأفغاني الجديد لكن المنافسة الحقيقية كانت بين عبد الله الذي يجمع بين البشتون والطاجيك وأشرف غني أحمد زاي وزير المال الأسبق وموظف البنك الدولي السابق، وهو ينحدر من قبيلة أحمد زاي البشتونية، وتميزت الحملة الانتخابية للدكتور عبد الله بشعاره الانتخابي المتميز والكبير والطموح وهو العمل من أجل التغيير والإصلاح، ويعني بالتغيير إجراء تعديل على النظام السياسي من الرئاسي إلى النظام البرلماني وإحداث منصب رئاسة الوزراء لتوزيع السلطة والأدوار لجميع العرقيات في حكم البلد.
اتسمت حملة عبد الله بالهدوء والتنظيم وشدة التماسك وتبرع مجموعة من الشباب المثقفين بقيادة حملة الانتخابية من خلال مشاركاتهم المستمرة في مناظرات تلفزيونية وحلقات نقاش أدارتها قنوات محلية شاهدها ملايين المشاهد والناخب الأفغاني لمعرفة برامج المترشحين.
تحالف عبد الله مع الحزب الإسلامي المنشق عن الحزب الأم بقيادة قلب الدين حكمتيار الذي لا يزال يقاتل الحكومة الأفغانية والقوات الأجنبية من مكان مجهول حيث أخذ في بطاقته الانتخابية المهندس «محمد خان» وهو بشتوني من ولاية غزني كنائب أول له وصحب معه في البطاقة «محمد محقق» زعيم حزب الوحدة الإسلامية الشيعية الذي يعد بنك الأصوات في وسط عرقية الهزارة الساكنة وسط أفغانستان نائبا ثانيا له، هذه الخطوة الذكية جعلته يتصدر النتائج الجزئية للانتخابات الرئاسية الأفغانية التي جرت في الخامس من الشهر الحالي بحصوله على 44 في المائة بعد فرز 50 في المائة من أصوات الناخبين.
من جهته, يقول عبد الشكور واقف وهو كاتب ومحلل سياسي أفغاني إن عبد الله هو الشخصية المناسبة لقيادة المرحلة المقبلة وهي مرحلة لا شك أنها حرجة وحساسة نظرا لعدد من الاستحقاقات أهمها استعداد القوات الدولية الانسحاب من أفغانستان وترك الملف الأمني للقوات الأفغانية التي ستكون وحدها في مواجهة أخطار قد تمثلها طالبان.
وعبد الله الذي ظل في أفغانستان خلال سنوات الحروب الماضية وتجول في وديانها أدرى وأعرف من غيره في التعامل مع مثل هذه القضايا. غير أن عددا من المحللين يرون أن فوز عبد الله بمنصب الرئاسة سيدخل أفغانستان في دوامة جديدة من العنف والعنف المضاد نظرا لأن حجم التمرد المسلح يتمركز في مناطق الجنوب ذات الأغلبية البشتونية وأن عبد الله محسوب على الطاجيك ففوزه سيوسع من دائرة التمرد، يقول خليل الرحمن مجيدي, وهو أستاذ جامعي, إن أفغانستان بحاجة إلى شخصية مستقلة لم تتورط في المشكلات والأزمات لتكون مؤهلة لقيادة البلد ومحل قبول جميع أطراف الصراع.
وعبد الله، متزوج وله ثلاث بنات وابن، معروف بأنه يحب القراءة ومحب للفروسية، ويجيد اللغتين الدارية والبشتونية وهما اللغتان الرسميتان في أفغانستان. كما يجيد اللغة الإنجليزية، ويفهم اللغة العربية والفرنسية. لم يترك عبد الله منطقة في أفغانستان إلا وذهب إليها ضمن حملته الانتخابية وهو يروج لشعاره الإصلاحي.
وفي تفاصيل هذا الشعار قال في أكثر من مناسبة إنه يتطلع إلى تغيير النظام السياسي من الرئاسي المتمركز على شخص واحد إلى إعطاء مزيد من الصلاحيات للمحافظات والأقاليم، وإحداث منصب رئاسة الوزراء ومنح البرلمان صلاحيات أكثر. ويقول إن الوضع الأفغاني لن يتحسن إلا بإحداث تغييرات أساسية تبدأ من رأس السلطة. وقال في إحدى المناسبات لمناصريه «امنحوني السلطة أُعِد لكم حقوقكم». شعارات ربما لن يفهمها الأفغان في هذه المرحلة خاصة أن معظمهم لا يقرأون ولا يعرفون الكتابة. كما أنه يصعب عليهم التخلص من الانتماءات العرقية الضيقة على حساب الوطن والمواطنة.
شعار الإصلاح والتغيير الذي رفعه عبد الله لقي ترحيبا كبيرا وواسعا لدى الأوساط السياسية والطبقة الأفغانية المثقفة، تحديدا جيل الشباب والفتيات، الفئة التي على ما يبدو يئست من الأوضاع الجارية، والتي تتطلع إلى إحداث تغييرات جذرية على كيان الدولة الأفغانية، وبات عبد الله بفضل شعاراته الانتخابية مقربا جدا من جيل الشباب، الذين تطوعوا للترويج لشعاراته وحملته الانتخابية في طول البلاد وعرضها. وعلى الرغم من أن عبد الله مرشح حزب الجمعية الإسلامية الأفغانية فإنه يحظى بدعم جماعات وأحزاب سياسية كبيرة كما يحظى بدعم شريحة كبيرة من المجتمع المدني الأفغاني.
ويؤخذ على عبد الله من قبل خصومه مشاركته في الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي لكن الرجل يقول إنه كان إلى جانب قائد تحالف شمال السابق أحمد شاه مسعود كرجل مدني لا عسكري ولم ينخرط في العمل العسكري، كما يتوجس بعض من المحللين بأنه وفي حال فوزه بمنصب الرئاسية في الانتخابات الثالثة بعد الرئيس كرزاي فإن دائرة التمرد الطالباني ستتوسع حيث ستحث طالبان مقاتليها بأن تحالف الشمال سيطر مرة أخرى على الحكم، غير أن الآخرين يأملون أن يكون فوز عبد الله في حال تحقق خطوة أساسية في تثبيت دعائم الديمقراطية الوليدة في أفغانستان الجديدة بعد طالبان.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».