زيارة عون المرتقبة إلى السعودية تعكس ارتياحًا في الوسط الاقتصادي اللبناني

شقير لـ «الشرق الأوسط» : لبنان لا يستطيع أن يعيش اقتصاديًا من دون دول الخليج

الرئيس اللبناني ميشال عون (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون (دالاتي ونهرا)
TT

زيارة عون المرتقبة إلى السعودية تعكس ارتياحًا في الوسط الاقتصادي اللبناني

الرئيس اللبناني ميشال عون (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون (دالاتي ونهرا)

عكس الإعلان عن زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون إلى المملكة العربية السعودية، الاثنين المقبل، ارتياحًا في أوساط الهيئات الاقتصادية اللبنانية، التي ترى في الزيارة «مفتاحًا أساسيا لعودة العلاقات اللبنانية الخليجية إلى سياقها الطبيعي»، بعد فترة من التوتر سادت العلاقات على خلفية المواقف اللبناني العام الماضي التي خرجت عن الإجماع العربي.
وتوقع محمد شقير، رئيس «اتحاد الغرف الاقتصادية اللبنانية» (الزراعة والصناعة والتجارة في لبنان)، أن تعيد زيارة عون إلى المملكة «العلاقات إلى ما كانت عليه، وربما أفضل»، قائلاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة اللبنانية السابقة أخطأت بحق المملكة، وهناك عتب سعودي، وأتفهمه 100 في المائة»، في إشارة إلى امتناع لبنان عن التصويت على قرار عربي متضامن مع السعودية في مواجهة الأعمال العدائية الإيرانية خلال يناير (كانون الثاني) 2015. مشددًا على أن زيارة عون الأسبوع المقبل إلى المملكة «ستكون مفتاح رجوع الإخوة في دول الخليج إلى لبنان؛ كون زيارة المملكة ستعيد تصويب العلاقة بين دول الخليج ولبنان».
وكشف شقير عن أن لبنان لا يستطيع أن يعيش اقتصاديا من دون دول الخليج، مشددًا على أن العائدات المالية اللبنانية جراء العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج: «تشكل المملكة العربية السعودية نصفها». وأوضح أن دول الخليج تستورد 60 في المائة من الصادرات الزراعية اللبنانية وتصل النسبة إلى 70 في المائة، بينما تستورد دول الخليج نصف الصناعات اللبنانية تقريبًا.
وأضاف شقير «نسمع عن الاستثمارات الأجنبية في لبنان، في الواقع هي الاستثمارات الخليجية لأن 85 في المائة من الاستثمارات هي خليجية»، موضحًا أن «أكبر فنادق في لبنان هي خليجية 100 في المائة أو يساهم مستثمرون خليجيون كشركاء فيها.. أما المصارف العشرة الأولى، فإن الخليجيين مساهمون فيها». كما توقف عند التحويلات اللبنانية من الخارج، مؤكدًا أن اللبنانيين في دول الخليج «يرسلون 60 في المائة من مجمل تحويلات اللبنانيين من الخارج».
وشدد شقير على دور المملكة العربية السعودية الداعم للبنان خلال الحرب والسلم، مؤكدًا أن لبنان «لم ير من المملكة إلا كل خير، ووقفات من الأخ لأخيه»، موجهًا تحية للرئيس اللبناني «الذي اتخذ القرار بزيارة المملكة في أول زياراته الخارجية بعد انتخابه رئيسًا، لأنها مملكة العطاء والسلم والتوافق والمحبة»، مشددًا على أن «قراره كان سليمًا»، واصفًا الزيارة بأنها «ستكون تاريخية».
ورأى شقير أن هناك اهتماما من المملكة تجاه لبنان، مذكرًا بأن عون «تلقى أول اتصال بعد انتخابه رئيسًا من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في إشارة إلى دعم المملكة للعهد الجديد»، لافتًا إلى أن الإشارات الإيجابية توالت «حيث زار وفدان سعوديان بارزان لبنان، بموازاة إرسال القائم بالأعمال السعودي السيد وليد البخاري إلى لبنان».
وبعدما أثنى على جهد البخاري، قال شقير «لطالما دعمت المملكة استقرار لبنان وتوافق قواه السياسية»، مشيرًا إلى أن «كل ما نتمناه كهيئات اقتصادية أن تعيد زيارة عون إلى المملكة، الإخوة الخليجيين إلى لبنان»، مؤكدًا أن الزيارة «ستزيد مظلة الدعم للاقتصاد اللبناني».
وشدد شقير على أهمية العلاقة مع الخليج، معتبرًا أنها أساس الاستقرار. وأضاف «رئيسا الجمهورية والحكومة يعرفان أن الوضعين الاقتصادي والاجتماعي ما كان يمكن أن يستمرا لولا التوافق السياسي بهدف إنقاذ البلاد، وهنا أؤكد على أن إنقاذه يتمثل بإعادة أحسن العلاقات مع دول الخليج والمملكة العربية السعودية».
وتوقف شقير عند أهمية التوافق السياسي اللبناني بعد انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة «الذي فرض استقرارًا أمنيًا وسياسيا»، مشيرًا «إلى أننا شاهدنا الكثير من الإخوة السعوديين عادوا إلى لبنان خلال فترة ديسمبر (كانون الأول) الماضي، علما بأنهم لم يقاطعوا بشكل كامل، متوقعًا أن «تفتح زيارة عون المرتقبة الأبواب على مصراعيها أمام زيارة الإخوة الخليجيين إلى لبنان».
ولفت شقير إلى أن عودة العجلة السياسية إلى لبنان «غيرت نظرة اللبنانيين تجاه بلدهم وعززت ثقتهم به، حيث إننا نرى إعادة الدولة، والثقة اللبنانية بالدولة، وهو مؤشر على أننا قادرون على بنائها»، متوقفًا عند «تحرك الدولة واستجابتها للبنانيين إثر الحادثة الأليمة التي ألمت بتركيا وذهب ضحيتها شهداء لبنانيون وعرب وغيرهم، وذلك في استقبال الجرحى والضحايا في لبنان». ودعا الأفرقاء السياسيين في لبنان لتعزيز التوافق «والحفاظ على علاقة لبنان بدول العالم، وخصوصًا دول الخليج العربي، بهدف تنمية الاقتصاد اللبناني».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».