شاشة الناقد: صمت سكورسيزي على الشاشات

الممثل ليام نيسون في فيلم «صمت»
الممثل ليام نيسون في فيلم «صمت»
TT

شاشة الناقد: صمت سكورسيزي على الشاشات

الممثل ليام نيسون في فيلم «صمت»
الممثل ليام نيسون في فيلم «صمت»

* الفيلم: Silence
- إخراج: ‪مارتن سكورسيزي‬
- دراما تاريخية | الولايات المتحدة
- تقييم: (****)
- المشروع الذي يستطيع فيه المخرج المعروف مارتن سكورسيزي أن يختتم به حياته المهنية، إذا أراد، وهو سعيد: بحث في الذات يؤدي إلى رحلة روحانية التأسيس تودي بأبطالها إلى مغامرة تقع أحداثها في الصين خلال القرن السابع عشر. كما ورد في مقال منفصل عنه هنا، الفيلم هو بدوره رحلة عقود طويلة من محاولة المخرج إنجازه قبل أن ينتهي الأمر به، وبعد تغييرات عدة في السيناريو وفي الممثلين، إلى الاعتماد على ثلاثة ممثلين يقودون العمل بجدارة هم أندرو غارفيلد ويليام نيسون وأدام درايفر. تجربة لا بد من مشاهدتها على الشاشة الكبيرة.
* الفيلم: A Monster Calls
- إخراج: ‪جوان بايونا‬
- فانتازيا | الولايات المتحدة
- تقييم: ‪‬(***)
- الفيلم الأول للمخرج بايونا منذ أن قدّم تلك الدراما الجيدة «المستحيل» سنة 2012 حول العائلة الأوروبية التي تعرضت لكارثة تسونامي بينما كانت تمضي إجازتها في تايلاند. الفيلم الجديد مختلف في حكايته، إذ يدور حول صبي في الثانية عشرة من عمره يعاني من وحدته في البيت والمدرسة ويجد في شجرة يسكنها وحش ملاذًا لإنقاذه من شقائه.
إنها حكاية مطروقة إلى حد ما لكن المثير فيها معالجة المخرج لها، مما يجعلها مؤثرة وذكية في الوقت ذاته.
المؤثرات الخاصة هنا تعمل لخدمة الفيلم ولا تخرج منه لإعلان نفسها على نحو مباشر. بعض المفادات يتكرر وهناك ميل صوب تأكيدها في عدة مشاهد، لكن ما يسود هو الجانبان الفني والبصري.
* الفيلم: Hidden Figures
- إخراج: ‪تيودور ملفي‬
- دراما اجتماعية | الولايات المتحدة
- تقييم: (***)
- يقوم هذا الفيلم على أحداث واقعية بقيت دون مستوى الاكتشاف إلى أن بحث المخرج تيودور ملفي طويلاً في ملفاتها وقرر التطرّق إليها: خلال سباق وكالة «ناسا» الفضائية لإرسال أول ملاح فضائي إلى سطح القمر، في الستينات، استعان بثلاث نساء أفرو - أميركيات ليعملن في مجال توفير المعلومات الحسابية الدقيقة، هذا في عصر كان «الكومبيوتر» فيه ما زال في مهده.
نجاح الشخصيات المنتخبة لهذه الغاية فاق التصور آنذاك، ولا يوازيه سوى نجاح الممثلات الثلاث اللواتي يقدن هذا الفيلم وهن تراجي هنسن وأوكتافيا سبنسر وجانيل موناو. كفن كوستنر وكرستن دنست للمساندة في هذه الدراما التي تأخذ منحى عاطفيًا مناسبًا.

لا يستحق:(*)
وسط: (**)
جيد: (***)
ممتاز: (****)
تحفة: (*****)



«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).