ألمانيا تصنف 548 شخصًا «إرهابيين محتملين»

منفذ حادث الدهس تقمص 14 شخصية على الأقل

سوق أعياد الميلاد ببرلين بعد العملية (د.ب.أ)
سوق أعياد الميلاد ببرلين بعد العملية (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تصنف 548 شخصًا «إرهابيين محتملين»

سوق أعياد الميلاد ببرلين بعد العملية (د.ب.أ)
سوق أعياد الميلاد ببرلين بعد العملية (د.ب.أ)

صنفت السلطات الأمنية في ألمانيا حتى 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي 548 شخصًا من المحيط المتشدد ضمن الأشخاص الذين يمكن أن يعرضوا البلاد للخطر وأطلقت عليهم اسم «إرهابيين محتملين».
وترجح الشرطة والاستخبارات أن هؤلاء الأشخاص قادرون على ارتكاب جرائم ذات دوافع سياسية.
وبحسب معطيات شرطة الجنايات الاتحادية هناك ما يزيد على 80 شخصًا منهم محتجزون بألمانيا حاليًا. فضلا عن ذلك، هناك أيضًا نحو 360 «شخصًا ذوي صلة» في محيط الإرهابيين المحتملين ومستعدين لتقديم المساعدة أو الدعم من الناحية اللوجستية في ارتكاب أي جريمة بدافع سياسة. وبحسب وزارة الداخلية الاتحادية، فإن مصطلح «إرهابي محتمل» ليس له تعريف قانوني، وأوضحت أن عملية التصنيف تتم وفقا للتقييم الداخلي للسلطات الأمنية في الولايات.
من جهته، دافع ديتر شورمان، رئيس شرطة الجنايات في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، عن شرطة الولاية ضد تهمة الإخفاق في إلقاء القبض على الإرهابي التونسي الذي قتل 12 شخصًا في عيد الميلاد في العاصمة برلين.
وقال شورمان أمام لجنة الشؤون الداخلية في برلمان الولاية يوم أمس الخميس أن أنيس العامري (24 سنة) تخفى باستخدام 14 شخصية مختلفة في الأقل أثناء إقامته في ألمانيا، وأن الشرطة كانت تخضعه إلى مراقبة دائمة، إلا أنه لم تتوفر أدلة ملموسة تكفي لإلقاء القبض عليه بتهمة التحضير لتنفيذ عمليات إرهابية.
وأكد شورمان أمام برلمان العاصمة المحلية دسلورف أن العامري سجل نفسه في دوائر اللجوء في مختلف مدن الولاية بأسماء مختلفة وباستخدام أوراق ثبوتية مختلفة. وجرى طرح اسم العامري 7 مرات في الأقل في مركز مكافحة الإرهاب الألماني في السنة الماضية، وتم تصنيفه ضمن «الخطرين» في فبراير (شباط) 2016 في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، ومن ثم في ولاية برلين منذ مارس (آذار) من نفس السنة، بعد انتقاله إليها. وبذلت شرطة الولايتين «قصارى جهدها» لجمع الأدلة الكافية لإلقاء القبض عليه، إلا أنها لم تفلح في ذلك، بحسب تقرير شورمان.
كما حاولت شرطة ولاية الراين الشمالي فيستفاليا إقامة دعوى قضائية ضد العامري بتهمة الاحتيال وانتحال الشخصية، بعد الكشف عن تسلمه مبالغ المساعدات الاجتماعية بعد أسماء مختلفة، إلا أن النيابة العامة في الولاية رفضت التهمة. وحاولت شرطة برلين إقامة الدعوى عليه بتهمة التعامل بالمخدرات، واستمعت إلى اتصالاته الهاتفية طوال ستة أشهر، إلا أنها لم تنجح في مساعيها أيضًا.
ومعروف أن السلطات الألمانية أنشأت «مركز مكافحة الإرهاب» في العام الماضي بعد تزايد مخاطر تعرض ألمانيا إلى الإرهاب. ويضم المركز ممثلين عن الشرطة على مستوى الاتحاد والولايات، إضافة إلى ممثلين عن مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية. وقاد أنيس العمري شاحنة ضخمة في سوق أعياد الميلاد في ساحة برايتشايدت البرلينية يوم 19 ديسمبر 2016 وقتل 12 شخصًا تحت عجلاتها. ونجح العامري في الهروب طوال 3 أيام، وصل خلالها إلى إيطاليا، حيث تعرف عليه شرطيان في محطة قطارات ميلانو وأردياه قتيلاً.
قبل شورمان، كان وزير داخلية الولاية رالف ييغر، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، قد دافع عن منهج شرطة الولاية في قضية العامري أيضًا أمام الاجتماع الخاصة للجنة الشؤون الداخلية في برلمان دسلدورف. وأكد ييغر أن الأدلة التي تم جمعها ضد العامري، رغم كل مساع الشرطة التي بلغت «الحدود القصوى لدولة القانون»، لم تكن لتقنع أي قاض بإصدار أمر القبض عليه بتهمة التحضير لعملية إرهابية.
وذكر ييغر أن العملية الإرهابية ببرلين ارتكبت بواسطة رجل «تعرف القوى الأمنية عنه الكثير»، وأنه كان يخضع إلى رقابة مكثفة ودائمة، إلا أن الأدلة لم تكن كافية. ورد ييغر بذلك على استفسارات المعارضة، ممثلة بالحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الليبرالي، التي تحدثت عن «إخفاق» القوى الأمنية.
بدوره تحدث بوركهارد شنايدر، رئيس قسم الشؤون الخارجية في وزارة الداخلية، عن أسباب إخفاق سلطاته في ترحيل أنيس العامري إلى بلده. وقال شنايدر إنه كان على سلطاته إثبات وجود خطر فعلي من استمرار وجود العامري في ألمانيا كي تقنع القضاء بضرورة إلقاء القبض عليه أو ترحيله قسرًا. وأضاف أن العقبة الأساسية أما ترحيل العامري كانت رفض اعتراف السلطات التونسية بجنسيته طوال أشهر. ولم توفر السلطات التونسية الوثائق المؤقتة اللازمة لتسفير المتهم، الذي رفض السلطات الألمانية الاعتراف به كلاجئ من سنة 2015، إلى تونس إلا بعد أيام من تنفيذه العملية الإرهابية.
إلى ذلك، كشفت التحريات التي أجراها راديو الغرب (ف د ر)، الذي يبث برامجه باسم ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، أن العامري امتلك شبكة اتصالات عريضة مع «خطرين» آخرين في الولاية، وأنه كان يتردد بشكل مكشوف على عدد من المساجد التي تخضع إلى المراقبة في منطقة الرور في الولاية. وأضاف البرنامج، وفق تحرياته الخاصة، أن العامري حاول قبل أشهر من عملية برلين الحصول على قطعة سلاح، وأنه اتصل برجل أمن متخف للحصول على السلاح.
وكتبت صحيفة «كولنر شتادت انتزاغر» في عددها ليوم أمس أن العامري «تبجح» أكثر من مرة علنًا عن استعداده لتنفيذ عمليات إرهابية في ألمانيا. وجاء في التقرير أن شرطة ولاية الراين الشمالي فيستفاليا تلقت تقريرًا من رجل أمن متخف في مطلع سنة 2016 يقول إن العامري دعا آخرين في محيطه إلى التعاون معه لتنفيذ عمليات إرهابية في ألمانيا. وكان التونسي يبحث بشكل محموم في الإنترنيت عن طرق تركيب القنابل والمتفجرات. كما تلقت الشرطة تقريرًا آخر في يوليو (تموز) 2016 من رجل الأمن المتخفي يقول فيه أن العامري يستعد لارتكاب «حمام دم» في ألمانيا.
وكتبت مجلة «دير شبيغل»، من مصادرها الخاصة، أن تحليل أفلام الفيديو التي التقطتها الكاميرات المنصوبة في محطة قطارات حديقة الحيوانات ببرلين، كشفت أن العامري وقف أمام الكاميرات بشكل استعراضي بعد تنفيذه العملية الإرهابية. وأضافت أنه رفع إبهامه في الهواء أمام الكاميرا على طريقة إرهابيي «داعش» عند تبجحهم بارتكاب المجازر.
وكانت تقرير صحيفة متعددة أشارت في السابق إلى صلات للعامري أقامها مع محيط شبكة العراقي الأصل المدعو بـ«أبو ولاء» الذي اعتقلته الشرطة الألمانية قبل شهر بتهمة دعم الإرهاب والتحضير لعمليات إرهابية تهدد أمن الدولة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».