في استطلاع للرأي: 70% من الإسرائيليين يطالبون بالعفو عن قاتل الفلسطيني

أزاريا كذب... والسياسيون شعبويون... ونتنياهو موظف يخاف الصوت العالي

الجندي الإسرائيلي أزاريا مع والديه قبل إعلان المحكمة إدانته بالقتل غير العمد قبل يومين
الجندي الإسرائيلي أزاريا مع والديه قبل إعلان المحكمة إدانته بالقتل غير العمد قبل يومين
TT

في استطلاع للرأي: 70% من الإسرائيليين يطالبون بالعفو عن قاتل الفلسطيني

الجندي الإسرائيلي أزاريا مع والديه قبل إعلان المحكمة إدانته بالقتل غير العمد قبل يومين
الجندي الإسرائيلي أزاريا مع والديه قبل إعلان المحكمة إدانته بالقتل غير العمد قبل يومين

طالب نحو 70 في المائة من الإسرائيليين بالعفو عن الجندي القاتل إيليؤور أزاريا، الذي أطلق الرصاص على شاب فلسطيني جريح وطريح وقتله، فيما فرضت الحكومة الإسرائيلية حراسة دائمة على القضاة الذين أدانوه بالجريمة، بعد أن تلقوا تهديدات من يهود محرضين على العنف، اعتقلت سلطات الأمن اثنين منهم. وفي المقابل، أعلنت مصادر في «القائمة المشتركة»، أن موقف رئيس الحكومة نتنياهو والوزراء والمطالبة بالعفو عن الجندي القاتل، يشجع جموع الإرهابيين اليهود على قتل عرب في الشوارع.
وكانت قضية محاكمة الجندي أزاريا سيطرت على الأجندة الإسرائيلية، فأفردت لها الصحف جميع صفحاتها الإخبارية. وانقسم الإسرائيليون على أنفسهم، ودخلوا في اتهامات متبادلة ونقاشات حادة، كثر فيها استخدام كلمة «الخيانة القومية» لوسم من يدافع عن سلطة القانون. وانبرى السياسيون، من اليمين والوسط، ينافقون الجندي وجمهور المتعاطفين الكثيرين معه، وانضموا إلى مطلب إصدار عفو عن أزاريا يمنع بقاءه في السجن يوما واحدا.
وفي قراءة متأنية لبروتوكولات قرار الإدانة في المحكمة العسكرية في تل أبيب، يتضح أن القضاة أجمعوا على أن الجندي أزاريا كذب مرات عدة وهو يبرر تصرفه في قتل الشاب الفلسطيني، عبد الفتاح شريف، في مارس (آذار) الماضي. فقد ادعى، في البداية، أنه شعر بالخطر على حياته، وتبين من شريط الفيديو الذي صوره نشطاء منظمة «بتسيلم» لحقوق الإنسان الإسرائيلية، أنه تصرف بأريحية وبرودة أعصاب لا تدل على الخوف. وقال: إنه شاهد حركة تهديد من قبل الجريح، بينما اتضح من الشريط ومن شهادات زملائه الجنود، أن الفلسطيني الضحية لم يتحرك بتاتا. كما ادعى الجندي أنه شاهد سكينا بمحاذاة الشاب الجريح، وتبين أن السكين كان بعيدا على مسافة أمتار منه، وأنه ما كان بمقدوره وهو في الحالة التي كان عليها، أن يتحرك ويصل إلى السكين.
كما تبين أن الجنود الذين أدلوا بشهادات لصالح الجندي، أفادوا فيها، بأنهم مثله، شعروا بالخطر على حياتهم، لم يكونوا أبدا في ساحة الجريمة، وقد انضموا إليها بعد إقدام أزاريا على إطلاق الرصاص. وأن الضباط الكبار الذين أدلوا بشهادات برروا فيها فعلته، لم يصلوا إلى مكان الجريمة، ولم يشاهدوا الشريط الذي يوثقها، إنما حاولوا فقط التغطية عليه، وبينهم الجنرال عوزي ديان، الذي وصل مرتبة نائب رئيس أركان الجيش في الماضي، وكان مرشحا لتولي وزارة في حكومة بنيامين نتنياهو.
وقال وزير القضاء الأسبق (في حكومة إرئيل شارون)، ووزير الشؤون الاستراتيجية (في حكومة بنيامين نتنياهو الأخيرة)، دان مريدور، إنه مذهول من طريقة المدافعين عن الجندي. وأضاف: من يقرأ البروتوكول يصل إلى قناعة بأن تهمة القتل غير العمد هي تهمة مخففة. وقال موشيه يعلون، وزير الدفاع السابق ورئيس أركان الجيش الأسبق، إن «ما نشاهده هو مجموعة من القادة السياسيين الذين يمارسون الشعبوية على حساب الجندي الصغير، وليس عملية قيادة مسؤولة تريد لإسرائيل أن تكون دولة نظام وقانون». وهاجم يعلون ومريدور، نتنياهو على تأييده العفو عن الجندي، مؤكدين أن هذا يدل على أنه ليس قائدا يقود الناس، بل موظف برتبة رئيس حكومة يخاف من أصحاب الصوت العالي، ويحرص على كرسيه بأي ثمن.
وكانت الشرطة قد حذرت قوى اليمين المتطرف من لغة العنف التي يمارسونها في الشبكات الاجتماعية، وبلغت حد التهديد بقتل رئيس أركان الجيش والقضاة الثلاثة. وقرر جهاز «الشاباك» (المخابرات العامة) فرض حراسة 24 ساعة على القضاة، واعتقل رجلا وامرأة بشبهة التحريض على القتل.
ودلت نتائج استطلاع رأي نشرت أمس، على أن أكثر من 70 في المائة من المواطنين اليهود في إسرائيل، يؤيدون إصدار عفو عن أزاريا، بحيث لا يدخل السجن أبدا، ولا يعاقب على جريمته.
وأصدرت القائمة المشتركة، التي تضم الأحزاب العربية الوطنية الممثلة في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بـ13 مقعدا من مجموع 120 بيانا أكدت فيه قلقها من الأجواء العنصرية التي ترافق المحاكمة، والتي بات التحريض الدامي على المواطنين العرب فيها أمرا عاديا. وقالت، إن تصريحات النفاق التي يطلقها نتنياهو ووزراؤه ونوابه وغيرهم من المتطرفين، تتيح تنفيذ اعتداءات إرهابية على المواطنين العرب في إسرائيل، وعلى العمال الفلسطينيين القادمين من الضفة الغربية والعاملين في إسرائيل. وحمّلت القائمة نتنياهو، مسؤولية ما قد ينجم عن حملتهم الإعلامية لنصرة الجندي القاتل.
وقال النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، إن الفرق الأساسي في هذه القضية، هو وجود الكاميرا التي وثّقت الجريمة، وذلك بفضل جمعية «بيتسلم». لكن توجد مئات الجرائم المشابهة، وكل هذه الجرائم هي بنات شرعيات للجريمة الأكبر، الاحتلال. وقال عودة: حكام إسرائيل هم مجرمو الاحتلال الذي أنتج قتلة أمثال أزاريا. قرار إدانة الجندي هو إدانة لنتنياهو ووزرائه، الذين دعموا الجندي القاتل طيلة سير المحكمة. وأكد عودة، على أن الجندي القاتل يجب أن يعاقب أقسى أنواع العقاب، ولكن المسؤولية العميقة تقع على حكام إسرائيل الذين يواصلون حكمًا عسكريًا على شعب كامل. وكل ما هو غير ذلك، إنما يشكل محاولة بائسة للتستر على الجريمة وعلى المجرمين الكبار.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».