عصام مرعب: عيني على العالمية والساحة الفنيّة لا تتمتّع بمستوى الماضي نفسه

الممثل اللبناني تأثّر بشخصية والده آلان مرعب وبأصالة خاله روميو لحّود

عصام مرعب: عيني على العالمية والساحة الفنيّة لا تتمتّع بمستوى الماضي نفسه
TT

عصام مرعب: عيني على العالمية والساحة الفنيّة لا تتمتّع بمستوى الماضي نفسه

عصام مرعب: عيني على العالمية والساحة الفنيّة لا تتمتّع بمستوى الماضي نفسه

قال الممثل عصام مرعب إن ما يحزّ في نفسه اليوم تدهور مستوى الساحة الفنيّة، التي ما عادت تفرز نجوما عمالقة كما في الماضي. وقال: «يوجد فرق كبير بين الشهرة والنجوميّة، ومع الأسف فإن فناني اليوم يخيّل إليهم بأنهم نجوم لكونهم مشهورين إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما». وأضاف: «إن عمالقتنا أمثال الراحلين وديع الصافي وصباح وكذلك بالنسبة للسيدة فيروز لم يحفروا في ذاكرتنا بالصدفة، بل لأنهم عملوا من أجل استمرارية نجوميتهم ليس من باب الشهرة فقط».
عصام مرعب، وهو ابن الفنان الراحل آلان مرعب وزوجته الفنانة ناي لحّود، استطاع اللبنانيون التعرّف إليه عن كثب في مسلسل «أمير الليل»، بعدما كانوا يعرفونه بشخصية (سيمي) عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال أسلوب الـ«فلفيس». كان حينها يتوجّه إليهم بانتقادات ساخرة تطال المجتمع اللبناني من خلال فيديوهات قصيرة تحمل رسائله تلك. «هو نوع من التمثيل أيضا اعتمدته للتعبير عما يستفزّني في مجتمعنا اللبناني، فلاقى متابعة لدى شريحة لا يستهان بها من اللبنانيين لكونهم وجدوا فيه فشّة خلق تنطق بلسانهم». ويتابع: «هو أمر ما زلت أقوم به حتى الساعة ولا أعتقد أنني سأتوقّف عن ممارسته يوما ما، لأنه يعبّر عن أفكاري الحقيقية تجاه شريحة من الناس تهتمّ بالمظاهر أكثر من أي شيء آخر».
برع عصام مرعب في أداء دوره المركّب في مسلسل «أمير الليل» فلفت المشاهد بموهبته التمثيلية وبحضوره القوي أمام الكاميرا فذكّرنا بوالده آلان مرعب الذي كان يلقّب بـ«أبو الهوّارة» اللبنانية فيحصد انتباه الحضور من الدقائق الأولى لاعتلائه المسرح. «أفتخر في تشبيهي بوالدي وهو ثناء أعتزّ به وأعدّه أهم ما يمكن أن أتلقّاه في حياتي العملية، فلقد أخذت منه كثيرا ولا سيما شغفه وحبّه للفن عامة... أما أكثر ما حفظته عنه فهو حضوره الذكوري الطاغي على الخشبة، فكان رجلا بكل ما للكلمة من معنى، لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام». وماذا عن خالك روميو لحود؟ يرد: «هو رمز المسرح اللبناني الأصيل ومعه قمت بأولى خطواتي الفنيّة، ورغم أنني تخصّصت في عالم إدارة الأعمال، فإنه كان يشعر بموهبتي الفنيّة دائما مما دفعه للاستعانة بي في مسرحياته الجديدة (طريق الشمس وبنت الجبل وكاريكاتور) ومن هناك انطلقت في عالم التمثيل فأنا مدين له بانطلاقتي هذه». وعمّا إذا هو راض عن أدائه وعن مسيرته بشكل عام، أجاب: «بصراحة أنا مقتنع تماما بما أقوم به ولكني لست راضيا ولا يجب أن أكون كذلك وإلا فسأفشل. فأنا لا أعرف لماذا بعض الفنانين يصيبهم الاكتفاء فيخيّل إليهم بأنهم ما داموا مشهورين فهذا يعني أنهم موجودون، وهو أمر خاطئ تماما ولذلك نرى بعضهم اختفى عن الساحة وما عاد يتذكّره الناس». ويوضح: «ليس هدفي أن أشتهر بل أن أرضي المشاهد ولا أعتقد أن الشعور بالرضا سيصيبني إلا وأنا على فراش الموت».
أنت متطلّب جدّا إذن؟ يردّ: «أبدا إنما أنا شخص يعرف تماما ماذا يريد».
وعن النصيحة التي حفظها من خاله روميو لحّود يقول: «هي نصيحة بسيطة جدّا ولكنها أساسية في عالم التمثيل، وهي أن أحافظ على أداء طبيعي. هذا الشعور يسكنني حتى إنه يكتسحني أثناء قيامي بأي دور، وهو ما حصل معي في (أمير الليل) عندما بالغت في تقمّص دوري وأنا أعنّف زوجتي في أحد المشاهد إلى حدّ أصبت فيه بانهيار عصبي، فانفجرت بالبكاء لاشعوريا وقد صوّرني المخرج خلال تلك المراحل حين وقفت وكفكفت دموعي ونظرت إلى والدتي (هيام أبو شديد) بعتب، إلا أنه لم يتمّ عرضها بسبب مقصّ المونتاج وهو أمر أزعجني».
وعمّا إذا صار في استطاعته أداء دور البطولة المطلقة في عمل جديد، أجاب: «طبعا في استطاعتي ذلك، وأنا أقوم بهذا النوع من الأدوار على خشبة المسرح. حتى الآن لم أتلق أي عرض بهذا الخصوص ولكني في المقابل أودّ أن أشير إلى أن ما يهمّني في الطليعة هو طبيعة الدور فلا أتأثر لا بحجمه ولا بنوعيته، لأن الممثل في نظري يجب أن يكون جديرا بالقيام بأي دور يعرض عليه، فلا يهمّني أن أمثل دور عامل النفايات أو الشحّاذ وما شابههما، بل أن أقوم بالدور على المستوى المطلوب». وعن النجم الذي يعدّه أهم ممثل عربي، أجاب: «هو الراحل رشدي أباظة فلطالما تابعت أعماله وتأثرت بأدائه الرائع وهو بنظري لن يتكرر».
لم يدرس عصام مرعب قواعد الفنّ حتى إنه لم يتابع أي اختصاص جامعي، ومع ذلك فهو عندما يقف على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا يشعر مشاهده بأن الفنّ يغمره من رأسه حتى أخمص قدميه، «أعتقد أن الجينات الوراثية تلعب دورا أساسيا... لقد ورثت الجينة الفنية عن والديّ، فكما والدي الراحل والدتي، سكنهما الفنّ منذ صغرهما، فبرعا في مجالات عدّة بشكل طبيعي. كما أنني كنت باحثا لا يتعب في مجال الفنّ وأطرح أسئلة كثيرة على أفراد عائلتي أجمعين، وهم في غالبيتهم فنانون معروفون، ولا سيما خالي روميو لحّود». وعما إذا هو يجيد ترداد الهوّارة على طريقة والده، أجاب: «أبدا فأنا لست بارعا في هذا الموضوع رغم تجاربي وتمريناتي المتكررة فيه، وأتمنى أن أصل يوما ما إلى ربع ما كان يمثّله والدي».
لا يتابع عصام مرعب بصورة دائمة أعمال الدراما اللبنانية فهي لا تقنعه كما يقول، كما يرى أنه يلزمها كثير لتصبح على المستوى المطلوب. «في استطاعتي أيضا أن أوجه بعض الانتقادات لمسلسل (أمير الليل)، العمل الذي أطلّ فيه حاليا على شاشة «إل بي سي آي»... ومع احترامي لجميع المؤلّفين فأنا أجد نصّ منى طايع الأفضل تلفزيونيا، وكذلك الأمر بالنسبة لروميو لحّود الذي أعده صاحب أفضل نصّ مسرحي».
ويصف مشاركته في مسلسل «أمير الليل» بالفرصة التي لا تفوّت بعد أن وقف إلى جانب أساتذة في عالم التمثيل، وقال: «كنت محظوظا في التعاون مع أسعد رشدان الذي كان يزوّدني بنصائح دائمة ويشجعني، وكذلك الأمر بالنسبة لهيام أبو شديد فكل ما ترونه في أدائي بفضل رسمها خطوط شخصيتي على طريقتها، أما بيتر سمعان الذي لم تجمعني به مشاهد كثيرة فإن علاقة صداقة وطيدة ولدت بيننا، ولا يجب أن أنسى أداء داليدا خليل الراقي والممتع، والحضور اللافت لرامي عيّاش، فهو فنان حقيقي كريم الأخلاق والنفس وصاحب خفّة ظلّ عالية».
وأشار إلى أن أداءه سيشهد تغييرات كثيرة في الحلقات الأخيرة من المسلسل، تنطوي على مشاهد مؤثّرة وعنيفة معا، طالبا من المشاهدين متابعتها لأنها تحمل كثيرا من المفاجآت. ويختصر الممثلين اللبنانيين الذين يكنّ لهم الإعجاب في اثنين، وهما غبريال يمين وطارق تميم.
عصام الذي كانت له تجربة تلفزيونية سابقة لم يتمّ خروجها إلى الضوء حتى الساعة بعنوان «شريعة الغاب» وهي من تأليف مالك الرحباني (نجل مروان منصور الرحباني)، يعود بالفضل لدخوله عام التلفزيون من بابه العريض إلى الكاتبة منى طايع والمنتجة مي أبي رعد، اللتين وثقتا بموهبته. وعن الحلم الذي يراوده اليوم قال: «عيني اليوم على العالمية فلقد سبق أن فوّت فرصة قبل أشهر قليلة عندما عرض علي المشاركة في فيلم سينمائي عالمي لم تصل إلى خواتيمها المطلوبة، أما اليوم فسأعمل في هذا الاتجّاه ولو تطلّب منّي الأمر أداء دوري بلغة مختلفة، على أمل في أن أتوصّل يوما إلى تحقيق حلمي بلغتي الأم».



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».