تونس: الاحتجاجات تتواصل في القصرين والجيش يتدخل لحماية مقرات الأمن

المحتجون رفعوا شعار «الشعب يريد الثورة من جديد»

تونس: الاحتجاجات تتواصل في القصرين والجيش يتدخل لحماية مقرات الأمن
TT

تونس: الاحتجاجات تتواصل في القصرين والجيش يتدخل لحماية مقرات الأمن

تونس: الاحتجاجات تتواصل في القصرين والجيش يتدخل لحماية مقرات الأمن

أكد بلحسن الوسلاتي، المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية، أن وحدات من الجيش تدخلت الليلة قبل الماضية في حي النور بمدينة القصرين (وسط غربي) لحماية المؤسسات العمومية ومقرات الأمن، وذلك بعد اندلاع احتجاجات اجتماعية في المنطقة، مؤكدا مواصلة قوات الأمن حماية الملك العام ومكافحة الفوضى داخل المدينة ومواجهة الاحتجاجات التي استمرت حتى يوم أمس.
ورفع المحتجون أمس شعار «الشعب يريد الثورة من جديد»، وجاءت هذه الاحتجاجات بعد يوم واحد من إضراب عمال الحظائر في المنطقة للمطالبة بتسوية وضعيتهم المهنية، علما بأن القصرين تأتي في مقدمة المناطق التي تعتمد على التشغيل الهش لتوظيف عمال الحظائر، وذلك بنحو 8500 عامل.
وقال عاطف الماسي، أحد ممثلي السلطة في الجهة بولاية (محافظة) القصرين، في تصريح إعلامي إن وحدات الأمن تدخلت لتفريق المحتجين باستعمال الغاز المسيل للدموع، وأكد اعتقال خمسة أشخاص قاموا بالاستيلاء على المستودع البلدي وسرقة 22 دراجة نارية، والمشاركة في محاولة اقتحام محلات تجارية، ومركز الأمن ومقر إحدى شركات الاتصالات بالجهة.
وحول امتداد هذه الاحتجاجات الاجتماعية إلى بقية المدن في القصرين، أشار المصدر ذاته إلى أن رقعة الاحتجاجات تعتبر صغيرة، وجاءت كرد فعل بسبب تضييق الخناق على بعض المهربين على حد تعبيره، موضحا أن المحتجين مجرد شبان لا تزيد أعمارهم على 16 سنة خرجوا للاحتجاج بدعوى التهميش، لكن البعض استغل هذا الوضع للاستيلاء على الأملاك الخاصة والعامة.
وشهدت مدينة القصرين أمس احتجاجات عدد كبير من الشبان في مفترق طريق حي النور، وأحرق المحتجون الإطارات المطاطية وأغلقوا الطريق الرئيسي بشارع الحبيب بورقيبة، وتواصلت هذه الاحتجاجات لكن دون تسجيل أي تدخل أمني.
وتتزامن هذه الاحتجاجات مع إحياء «ذكرى الشهيد» في مدينة القصرين التي توافق يومي 8 و9 يناير (كانون الثاني) من كل سنة، وهو التاريخ الذي سقط فيه عدد من شبان حي النور بنيران القناصة في بداية سنة 2011.
ودعت تنسيقية الحركات الاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة) إلى تنظيم احتجاجات بداية من الثالث من يناير الحالي، انطلقت بمدينة منزل بوزيان المجاورة، وينتظر أن تشمل عدة مدن بولاية القصرين التي تعاني من التفاوت الكبير على مستوى مشاريع التنمية بالمقارنة مع بقية جهات تونس.
على صعيد آخر، كشفت وزارة العدل عن فحوى قانون جديد للتعامل مع مستهلكي المخدرات، يتضمن أربعة محاور أساسية؛ هي الاعتماد على التدابير الوقائية، وإحداث هياكل اجتماعية ونفسية للإحاطة بمستهلكي المخدرات، ورصد الظاهرة ودراستها مع إقرار نظام جديد يعتمد آلية العلاج سواء قبل الجريمة أو بعدها، وتعزيز الجانب الوقائي وتشديد العقوبات، خصوصا على المروجين إلى جانب إقرار العقوبات البديلة بدل الزج بمستهلكي المخدرات لأول مرة في السجن.
وبهذا الخصوص أكد غازي الجريبي، وزير العدل، أن عدد المسجونين في قضايا المخدرات يقدر بنحو 6662 تونسيا من بين نحو 30 ألف سجين، موضحا أن ثلثهم على ذمة التحقيقات القضائية وأن الباقين صدرت بشأنهم أحكام بالسجن. ودعا أمام أعضاء البرلمان إلى إمكانية إقرار عقوبات بديلة دون التراخي في مسائل ردع مستهلكي المخدرات، وبالتالي القضاء على جانب مهم من الاكتظاظ داخل السجون.
وبلغت نسبة الازدحام داخل بعض السجون حدود 117 في المائة مقارنة بطاقة استيعابها، وهو ما يطرح إشكالا إضافيا أمام السلطات تجاه التعامل مع ملف آلاف العائدين من القتال. وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد صرح في السابق بأن السجون التونسية لا تكفي لاستقبال آلاف الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.