معيتيق لـ «الشرق الأوسط»: تحرير سرت لا يعني نهاية «داعش»

دعا المجتمع الدولي إلى دعم قوة مكافحة الإرهاب

معيتيق لـ «الشرق الأوسط»: تحرير سرت لا يعني نهاية «داعش»
TT

معيتيق لـ «الشرق الأوسط»: تحرير سرت لا يعني نهاية «داعش»

معيتيق لـ «الشرق الأوسط»: تحرير سرت لا يعني نهاية «داعش»

دعا أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم الكامل لقوة مكافحة الإرهاب التي قرر المجلس تشكيلها بعد أيام من تحرير مدينة سرت، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن تحرير سرت لا يعني نهاية تنظيم داعش، مشيرا إلى أن الاحتفال بالنصر على التنظيم الإرهابي في سرت «لم ينسنا خطورة بقايا (داعش) في ليبيا».
وتمكنت عملية «البنيان المرصوص»، التي أشرف عليها المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، من إلحاق هزيمة بأكبر مركز لتنظيم داعش في شمال أفريقيا خلال حرب سرت، التي استمرت من مايو (أيار) الماضي حتى منتصف الشهر الماضي. وشارك في العملية عدة آلاف من القوات الموالية للمجلس الرئاسي، لكن معيتيق شدد على أن الحرب على الإرهاب أمر لا يخص ليبيا فقط، بل يخص جميع دول العالم.
وفي سؤال عن مصير القوات الليبية التي استطاعت تحرير مدينة سرت من عناصر تنظيم داعش، أجاب معيتيق بالقول إن تحرير المدينة «لا يعني نهاية التنظيم الإرهابي، حيث تسربت عناصر من التنظيم إلى مناطق أخرى، كما تتواجد خلايا نائمة للتنظيم في عدة أماكن داخل ليبيا»، مشيرا إلى أن المجلس الرئاسي قرر تشكيل قوة نظامية لمحاربة الإرهاب «ستضم شبانا من مختلف أنحاء ليبيا، وستكون قوات (البنيان المرصوص) جزءا من هذه القوة».
وكان تنظيم داعش قد حول سرت إلى أكبر مركز له في شمال أفريقيا منذ وصوله إليها في مطلع عام 2015، وتمكن طوال أكثر من 18 شهرا من استغلال إمكانات المدينة اللوجيستية، خصوصا موقعها المتميز على ساحل البحر المتوسط، كما استفاد من الفراغ الأمني فيها، حيث استقدم عناصر متطرفة من عدة دول، وبخاصة من سوريا والعراق، ومتطرفين من بلدان أخرى، بمن فيهم متطرفون من تنظيم بوكو حرام الموالي لـ«داعش» في وسط أفريقيا.
وأدت الحرب الشرسة في سرت إلى سقوط نحو «700 شهيد» ونحو «3 آلاف جريح» من قوات «البنيان المرصوص»، لكن العملية أسفرت في نهاية الأمر عن طرد التنظيم الإرهابي من المدينة، وتدمير مراكزه والقضاء على عدة مئات من العناصر المتطرفة. وقد حاول التنظيم بكل السبل والوسائل، بما فيها استخدام الدروع البشرية، التشبث للبقاء في سرت، إلا أنه تعرض للهزيمة.
وقال معيتيق إن قوات «البنيان المرصوص» «خاضت حربا شرسة ضد تنظيم إرهابي يشهد العالم على خطورته، فهو لا يتورع عن تفخيخ النساء والأطفال، لكن قوات (البنيان المرصوص) استطاعت بشجاعة وعزيمة وتضحيات الرجال أن تنتصر في حرب سرت»، مشيرا إلى أن هذه القوات «اكتسبت خبرات قتالية نادرة، وأثبتت قدرتها على مواجهة الإرهاب في حرب تختلف عن الحروب التقليدية».
يأتي هذا في وقت لم يتمكن فيه التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم داعش في العراق والشام من حسم المعركة بإمكاناته العسكرية والأمنية الضخمة، رغم مرور نحو عامين على دك مواقع التنظيم ومحاصرته في مدن عراقية وسورية، وعلى هذه الخلفية هيمنت مشاعر الفخر على محاربي عملية «البنيان المرصوص»، بعد إلحاقهم الهزيمة بـ«داعش» في سرت.
ومن جانبه، أوضح معيتيق أن الاحتفال بالنصر لم ينس الليبيين خطورة بقايا «داعش» الموجودة في ليبيا، مشيرا إلى أن المجلس الرئاسي قرر تشكيل قوة نظامية لمحاربة الإرهاب ستضم شبابا من مختلف أنحاء ليبيا وستكون «البنيان المرصوص» جزءا من هذه القوة. وطالب نائب رئيس المجلس الرئاسي المجتمع الدولي بتقديم الدعم الكامل لقوة مكافحة الإرهاب، وأن «يضع ثقته في حكومة الوفاق الوطني التي باستطاعتها القضاء على بؤر الإرهاب أينما وجدت على الأرض الليبية».
وشدد معيتيق على أن هناك حاجة لكي يشعر الليبيون بأن المجتمع الدولي يقف معهم في الحرب على الإرهاب، وأضاف موضحا: «نحتاج إلى أن نشعر بأن المجتمع الدولي يقف وراءنا في هذه الحرب التي تهم العالم أجمعه، وليس ليبيا فقط، فلا يمكن نجاح الحكومة في هذه الحرب إلا بمشاركة ودعم كل دول العالم وبخاصة دول الجوار».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.