قلق من توجهات للانقلابيين بتغيير المناهج على أسس طائفية ومذهبية

وزير التربية اليمني لـ«الشرق الأوسط»: نرفض أية تعديلات عليها واعتمدنا طباعة 2014

قلق من توجهات للانقلابيين بتغيير المناهج على أسس طائفية ومذهبية
TT

قلق من توجهات للانقلابيين بتغيير المناهج على أسس طائفية ومذهبية

قلق من توجهات للانقلابيين بتغيير المناهج على أسس طائفية ومذهبية

علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر خاصة في صنعاء، أن الانقلابيين يجهزون لإجراء تعديلات على المناهج الدراسية، بصورة جوهرية، وهي تعديلات «مذهبية»، كما وصفتها المصادر، وتنقل الأفكار «الاثنا عشرية» إلى الطلاب في المدارس اليمنية، بشكل يخل بالتوازن الطائفي والمذهبي السائد في اليمن منذ قرون.
وقالت المصادر إن يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم المتمردين الحوثيين، والذي عين وزيرًا للتربية والتعليم في حكومة الانقلابيين بصنعاء، يسعى عبر منصبه إلى تطبيق خطة تغيير المناهج وإجراء التعديلات عليها، بحيث تحذف أحاديث نبوية معينة وأسماء بعض الصحابة ويتم استبدالها بأحاديث وأسماء أخرى. وبالتزامن مع ذلك، وجه رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، بطباعة نسخ جديدة من الكتب المدرسية، بعد سنوات من التوقف عن الطباعة وانعدامها في المدارس، في ظل مخاوف تنتاب الأوساط اليمنية على مستقبل طلاب المراحل الدراسية (الثانوية والإعدادية)، في ظل بقاء الانقلابيين مسيطرين على الجهاز الإداري لوزارة التربية في صنعاء (الكونترول).
وقال وزير التربية والتعليم اليمني، الدكتور عبد الله لملس، لـ«الشرق الأوسط» إنه لا توجد لدى الحكومة اليمنية أية تعديلات على المناهج الدراسية، وإنما ستقوم بطباعة الكتب الدراسية المقرة سلفًا، كإجراء روتيني يتم سنويا في شهري مارس (آذار) ونوفمبر (تشرين الثاني)، للفصلين الأول والثاني من كل عام. وبخصوص توجهات الانقلابيين لتغيير المناهج الدراسية، قال الوزير لملس: «لقد تنبهنا مبكرًا لمثل هذه التوجهات واتخذنا قرارًا في 2015، باعتماد الكتب المدرسية المطبوعة في 2014، والتي طبعت بالتوافق بين كل القوى السياسية والأكاديمية في الجمهورية اليمنية». مؤكدًا أن «الانقلابيين يحاولون إدخال تعديلات على الصفحات وليس المناهج بشكل كامل. وإجراء تعديلات على الصفحات مسألة أخطر من تعديل المنهج الذي يتطلب تعديله فترة طويلة وجهدا كبيرا».
وأضاف الوزير لملس أن «المؤشر المقلق هو أن الانقلابيين عينوا في حكومتهم بصنعاء، شقيق عبد الملك الحوثي (يحيى الحوثي)، وهذا يعد مؤشرا خطيرا من قبل الانقلابيين ويكشف توجهاتهم المذهبية لتغيير المناهج وفقًا لتوجهاتهم الطائفية والمذهبية، وهذا ما لا نرضاه، باعتبار الشعب اليمني، جله أو معظمه ليسوا من أتباع مذهبهم الذي يريدون تعميمه على جميع طلابنا في الجمهورية اليمنية».
وقال وزير التربية والتعليم اليمني إن «التعديلات التي يسعى الحوثيون إلى إدخالها على المناهج والكتب المدرسية، هي تعديلات مذهبية، ولا تخدم جميع اليمنيين ونرفضها جملة وتفصيلاً»، مؤكدًا أن المنهج الذي طبع عام 2014، هو المرجع الأساسي للمناهج الدراسية في الجمهورية، ولم يخف الوزير لملس رغبة حكومته في تطوير المناهج الدراسية برؤية وطنية شاملة وليست مذهبية ضيقة، مشيرًا إلى ورشة عمل عقدت قبل أيام في عدن، وشارك فيها أكاديميون وكبار مؤلفي الكتب المدرسية، وناقشت قضية أن المناهج الدراسية في اليمن لم يتم تطويرها وتحديثها منذ 15 عامًا مضت، رغم التطور الكبير الذي يشهده العالم في مجال المعلومات والتكنولوجيا.
وكشف الوزير عن توجهات لدى الوزارة بإجراء تغييرات شاملة في النظام الدراسي في اليمن، يبدأ من المراحل الأساسية، ثم ينتقل إلى تغيير نظام الثانوية العام بشكل كامل، بحيث تكون تخصصية أو متعددة المسارات. وذلك في إشارة إلى العودة إلى نظام الثانويات المتخصصة كالتجارية والصحية والمهنية وغيرها، خاصة وأن أكثر من 210 آلاف طالب وطالبة يتخرجون في الثانوية العامة كل عام، فيما الطاقة الاستيعابية للجامعات اليمنية لا تزيد على 70 ألف طالب في السنة.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.