الصناعات التحويلية في بريطانيا تتجاهل تداعيات «البريكست»

في استطلاع لـ «الشرق الأوسط» : ثقة العمال لم تتأثر بالانفصال

الصناعات التحويلية في بريطانيا تتجاهل تداعيات «البريكست»
TT

الصناعات التحويلية في بريطانيا تتجاهل تداعيات «البريكست»

الصناعات التحويلية في بريطانيا تتجاهل تداعيات «البريكست»

مع بداية العام الجديد، تلاشت نسبيا تأثيرات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي على بيئة الأعمال، حيث قفز إنتاج الصناعات التحويلية في بريطانيا الشهر الماضي إلى أعلى مستوى في عامين ونصف العام بدعم من الطلبيات الجديدة من السوق المحلية والخارج، بما يضيف إشارات إلى أن الاقتصاد البريطاني اختتم عام 2016 «قويا نسبيا»؛ مقارنة بالتوقعات السابقة الأكثر تشاؤما.
وارتفع مؤشر ماركيت «سي آي بي إس» لمديري المشتريات في قطاع الصناعات التحويلية البريطاني إلى 56.1 نقطة في ديسمبر (كانون الأول)، وهو أعلى مستوى منذ يونيو (حزيران) 2014، مقارنة مع 53.6 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) الأسبق، ويتجاوز ذلك جميع التوقعات التي جاءت في استطلاع للرأي أجرته «رويترز» في وقت سابق الشهر الماضي، التي أشارت لهبوط المؤشر إلى 53.1 نقطة في القراءة.
ولم تتأثر ثقة العمال البريطانيين بحالة عدم اليقين حول مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، ففي استطلاع أجرته «الشرق الأوسط» في أوساط عمالية عشوائية، قال 42 في المائة من العينة إنهم سيبحثون عن وظيفة جديدة خلال العام الجديد، في حين قال 45 في المائة إنهم سعداء بوظائفهم الحالية، و13 في المائة لم يحددوا بعد.
وفي استطلاع آخر لمؤسسة «ريد» للتوظيف، فإن 48 في المائة غير راضيين عن وظائفهم الحالية، في حين أن 43 في المائة يشعرون بالتفاؤل إزاء حياتهم المهنية، و9 في المائة لم يحددوا بعد.
وكان الاقتصاد البريطاني أفضل حالا بكثير مما توقع كثير من خبراء الاقتصاد في أعقاب التصويت لصالح الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي، وذلك في ظل قوة إنفاق المستهلكين واستمرار الأداء القوي للشركات.
وأظهر مؤشر مديري المشتريات الخاص بقطاع الصناعات التحويلية أن دفاتر أوامر التصدير والطلبيات المحلية نمت، لكن ذلك قابلته أيضا زيادة في ضغوط التكلفة التي واجهتها المصانع، وهو الأمر الذي سينعكس بشكل متزايد على أسعار المستهلكين العام المقبل.
وأفادت ماركيت التي أعدت التقرير، بأن المسح متسق مع ارتفاع إنتاج قطاع الصناعات التحويلية بوتيرة فصلية بلغت نحو 1.5 في المائة.
وأكد المحلل الاقتصادي، كونر كامبل، في معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن قراءة مؤشر مديري المشتريات أظهرت عدم تضرر قطاع الصناعات التحويلية في المملكة المتحدة، مشيرا إلى أن هبوط الإسترليني بنحو 18 في المائة مقابل العملات الرئيسية عزز القدرة التنافسية لبريطانيا على الساحة الدولية.
وأوضح كامبل أن انخفاض الإسترليني يعني أيضا ارتفاع تكلفة مكونات وتكاليف الإنتاج، الأمر الذي يعكس زيادة في الضغوط التضخمية في السلع الاستهلاكية المستوردة والطاقة، الأمر الذي سيزيد الضغط على إنفاق الأسر.
واعتبر المحلل الاقتصادي أن تحسن قطاع الصناعات التحويلية «خبر سار وسيئ» في آن واحد، حيث إنه سيزيد من قوة القطاع خلال الفترة المقبلة، وكذلك سيكون عامل ضعف محتمل للقطاع الاستهلاكي، متوقعا تباطؤ نمو الناتج المحلي في 2017 ليكون أعلى قليلا من 1 في المائة، هبوطا من 2.2 في المائة في 2016.
وقفز مؤشر البورصة البريطانية فوتسي 100 إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في أول أيام التداول في العام الجديد (أمس)، ليتخطى حاجز 7200 نقطة، وليسجل رقما قياسيا جديدا.
كما ارتفع الإسترليني لأعلى مستوى في أسبوعين مقابل اليورو أمس الثلاثاء - أول أيام التداول في لندن لعام 2017 - وصعد الإسترليني إلى 84.6 بنس لليورو بعد صدور البيانات وهو أقوى مستوى منذ 22 ديسمبر، ليرتفع بنسبة 0.6 في المائة خلال الجلسة، وذلك بعد أن كان يجري تداوله عند 85.01 بنس لليورو قبل صدور نتائج المسح.
ومقابل الدولار القوي بوجه عام، تحول أداء الإسترليني إلى الصعود ليجري تداوله عند 1.2296 دولار، مرتفعا من مستوى 1.2258 دولار قبل نشر البيانات، لكن هذا يترك الإسترليني مرتفعا بنسبة 0.1 في المائة فقط خلال الجلسة ليظل قريبا من أدنى مستوى في شهرين، البالغ 1.2201 دولار، الذي سجله الأسبوع الماضي.
وانخفض الإسترليني بنسبة 16 في المائة مقابل الدولار، و14 في المائة مقابل اليورو، في عام 2016، ليسجل أسوأ أداء سنوي في ثمانية أعوام. وجاءت معظم الخسائر بعد أن صوتت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو 2016.



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.