اقتصاد اليورو يفتتح العام بـ«مؤشرات مبشرة»... لكن يبقى «الهاجس الإيطالي»

«ماركيت» سجل أعلى وتيرة نمو في 5 أعوام ورقم قياسي للعاملين في ألمانيا

اقتصاد اليورو يفتتح العام بـ«مؤشرات مبشرة»... لكن يبقى «الهاجس الإيطالي»
TT

اقتصاد اليورو يفتتح العام بـ«مؤشرات مبشرة»... لكن يبقى «الهاجس الإيطالي»

اقتصاد اليورو يفتتح العام بـ«مؤشرات مبشرة»... لكن يبقى «الهاجس الإيطالي»

أظهرت نتائج مؤشرات اقتصادية أمس أن المنتجين في منطقة اليورو يستهلون عام 2017 على أساس قوي، بعد أن سجلوا أسرع وتيرة نمو للأنشطة فيما يزيد عن خمسة أعوام في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وذلك بالتزامن مع تقارير أخرى تشير إلى نمو هو الأعلى من نوعه في 3 سنوات بقطاع الصناعات التحويلية الألماني، مع بلوغ عدد العاملين في الدولة الأقوى اقتصاديا في منطقة اليورو رقما قياسيا، وهو ما أدى إلى ارتفاعات كبرى للأسهم الأوروبية أمس.. لكن رغم تلك المؤشرات الإيجابية، لا يخفي الخبراء قلقهم من أن «الخطر الإيطالي»، في توقعات على أن إيطاليا ربما تنسحب من منطقة اليورو إذا لم يتحسن مستوى المعيشة.
وسجلت القراءة النهائية لمؤشر «اي إتش إس ماركت» لمديري المشتريات في منطقة اليورو لعام 2016. مستوى 54.9 نقطة، تمشيا مع التقديرات الأولية السابقة، ليسجل بذلك أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) عام 2011.
وتتجاوز القراءة مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش، وهي أعلى من قراءة نوفمبر (تشرين الثاني) عند 53.7 نقطة. وقفز مؤشر يقيس الإنتاج، والذي يغذي مؤشر مدير المشتريات المجمع، لأعلى مستوى في 32 شهرا، إلى 56.1 نقطة، من مستواه السابق عند 54.1 نقطة.
وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين في «أي إتش إس ماركتس»: «يستهل المنتجون في منطقة اليورو عام 2017 على أساس قوي، بعد أن أنهوا عام 2016 بزيادة في الإنتاج»، بحسب ما نقلته «رويترز».
* قوة ألمانية
وجاءت نتائج المسح الخاص بمنطقة اليورو متماشية مع آخر تناول أقوى اقتصادات أوروبا ومنطقة اليورو، حيث أظهر مسح آخر أن نمو نشاط قطاع الصناعات التحويلية الألماني بلغ أعلى مستوي في نحو ثلاث سنوات في ديسمبر (كانون الأول)، مدفوعا بزيادة الطلب من آسيا والولايات المتحدة، مما يشير إلى أن القطاع سيساهم في النمو في الربع الأخير.
وارتفع مؤشر ماركت لمديري المشتريات الخاص بقطاع الصناعات التحويلية، والذي يمثل نحو خمس حجم الاقتصاد الألماني، إلى 55.6 نقطة، من مستواه السابق عند 54.3 نقطة في نوفمبر، ليبلغ أعلى مستوى له في 35 شهرا.
ويفوق هذا بقليل القراءة الأولية للمؤشر، وقال فيليب ليك، الاقتصادي لدي «ماركت» إن «النمو القوي في ديسمبر (كانون الأول) يعني أن منتجي السلع حظوا بأفضل فصل في نحو ثلاث سنوات في الربع الرابع (للعام الماضي). لذا من المرجح أن يساهم قطاع الصناعات التحويلية في تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي من وتيرته المتواضعة البالغة 0.2 في المائة المسجلة في الربع الثالث»، بحسب «رويترز».
وأضاف ليك أن الشركات سجلت تحسنا قويا في الطلب المحلي مع فوزها بأعمال جديدة في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة. وقال إن «هناك أيضا مؤشرات مشجعة على المزيد من النمو في 2017.. الشركات تبدو جاهزة لتوظيف عمالة جديدة في مسعى لزيادة الطاقة التشغيلية بعد الزيادة الحادة في الأعمال غير المنفذة منذ أوائل 2014».
وقالت «ماركت» إن نمو الإنتاج والطلبيات الجديدة دعم التحسن العام في الأوضاع، مشيرة إلى أن الأعمال الجديدة زادت للشهر الخامس والعشرين على التوالي، مع معدل نمو أقل قليلا من المسجل خلال تلك الفترة.
ويمثل المسح علامة إيجابية أخرى، بعد أن أظهر مؤشر معهد «إيفو» لمناخ الأعمال، الذي يجري متابعته عن كثب، أن معنويات المسؤولين التنفيذيين ارتفعت في ديسمبر (كانون الأول) إلى أعلى مستوى منذ فبراير (شباط) عام 2014.
ونما الاقتصاد الألماني بنسبة 0.7 في المائة في الربع الأول، و0.4 في المائة في الربع الثاني. وتوقع المعهد الاقتصادي أن يحقق الاقتصاد نموا بواقع 1.9 في المائة لمجمل العام مدفوعا في الأساس بارتفاع الاستهلاك الخاص وزيادة الأنفاق الحكومي على المهاجرين.
وعلى صعيد متصل، أكد مكتب الإحصاء الاتحادي في ألمانيا أمس أن سوق العمل الألمانية لا تزال تعيش حالة من الازدهار؛ حيث بلغ متوسط عدد العاملين في ألمانيا على مدى العام الماضي 43.5 مليون عامل، محققا بذلك أعلى معدل له منذ إعادة توحيد شطري ألمانيا.
وحسب بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي في مدينة فيسبادن، فإن عدد العاملين داخل ألمانيا ارتفع عام 2016 بواقع 425 ألف شخص، أو بنسبة زيادة 1 في المائة مقارنة بعام 2015، ليصل إلى معدل 43.4 في المائة.
وبذلك تستمر الزيادة التي تشهدها سوق العمل في ألمانيا منذ أكثر من عشر سنوات. بل إن مكتب الإحصاء الاتحادي أكد أن الزيادة التي شهدتها سوق العمل عام 2016 أكبر بعض الشيء من الزيادة التي تحققت عام 2015، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وأوضح مكتب الإحصاء الاتحادي أن كثيرا من هذه الوظائف الإضافية نشأت في قطاعات خدمية، مثل التربية والصحة والتجارة والنزل والفنادق.
* الخطر الإيطالي
ورغم تلك النتائج الإيجابية في منطقة اليورو، يبقى عدد من الخبراء الاقتصاديين متخوفين من «الخطر الإيطالي». وتوقع كليمنس فيوست رئيس معهد «إيفو» الألماني للبحوث الاقتصادية، انسحاب إيطاليا من اليورو إذا لم يتحسن مستوى المعيشة.
وقال رئيس المعهد، في تصريحات لوسائل إعلام ألمانية أمس، إنه يعتقد بأن الإيطاليين سيرفضون التعامل باليورو وسيعودون مرة أخرى إلى عملتهم القديمة المحلية «الليرة». موضحا أن «مستوى المعيشة في إيطاليا هو نفس المستوى الذي كانت عليه في عام 2000، وإن لم يتغير الوضع فإن الإيطاليين في مرحلة ما سيقولون (نحن لا نريد منطقة اليورو هذه أكثر من ذلك)».
وتابع فيوست بأنه «لو كان البرلمان الألماني وافق على برنامج إنقاذ أوروبي لإيطاليا، كان دافعو الضرائب الألمان سيتعرضون لمخاطر لا يعرف حجمها ولا يمكن السيطرة عليها»، مشيرا إلى أنه يجب على المشرعين الألمان عدم الموافقة على القيام بذلك، فإيطاليا لا تسعى لبرنامج الإنقاذ هذا؛ ولكن تركز الحكومة في روما على تأمين استقرار قطاعها المصرفي، بدءا من إنقاذ بنك «مونتي دي باشي دي سيينا»، الأقدم في البلاد، والذي يحتاج خطة إنقاذ تقدر بنحو 4.26 مليار إسترليني.
وانتقد مسؤولون إيطاليون مؤخرا البنك المركزي الأوروبي بسبب مضاعفة تقديراته لعجز رأس المال لبنك «مونتي دي باشي دي سيينا»، الذي تحاول الدولة إنقاذه. وقال وزير الاقتصاد الإيطالي بيير كارلو بادوان، إن على البنك المركزي الأوروبي توضيح لماذا ضاعف تقريبا تقديراته لعجز رأس المال.
* مستويات قياسية للأسهم
وتأثرا بالتقارير الأوروبية القوية، صعدت المؤشرات الرئيسية للأسهم الأوروبية إلى مستويات مرتفعة جديدة أمس، رغم التعاملات الهزيلة نتيجة إجازات بداية العام.
وبحلول الساعة 10 بتوقيت غرينتش ارتفع مؤشر «بورصة ميلانو» الإيطالية 1.3 في المائة، بعد صعوده إلى أعلى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2016، وارتفع مؤشر «داكس» الألماني 0.8 في المائة، بعدما بلغ أعلى مستوى في نحو 17 شهرا، بينما زاد مؤشر «كاك» الفرنسي 0.3 في المائة، عقب بلوغه مستوى الذروة في 13 شهرا في وقت سابق من الجلسة.
وارتفع مؤشر «يورو ستوكس 50» للأسهم القيادية بمنطقة اليورو بنسبة 0.4 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2015، مع صورة أكثر إشراقا للاقتصاد الكلي ساعدت السوق الأوسع نطاقا.
وتلقت الأسهم الإيطالية أيضا الدعم من ارتفاع أسهم البنوك في البلاد، وصعد مؤشر البنوك الإيطالية نحو اثنين في المائة مدعوما بزيادة أسهم مصرف «بانكو بي بي إم» بنسبة 5.6 في المائة في أول أيام التداول للبنك المندمج الجديد. وقال «بانكو بي بي إم» أمس إن المصرف الجديد الناتج عن اندماج بين «بانكو بوبولاري» و«بي بي إم» بدأ العمل برأسمال قدره 7.1 مليار يورو. كما ارتفعت أسهم البنوك الإيطالية الأخرى أيضا مع صعود أسهم «أوني كريديت» و«يو بي أي بنكا» و«ميديو بنكا» ما بين 2.1 و3.5 في المائة.
ومن بين الأسهم التي تحركت بشكل منفرد، انخفض سهم «ديالوغ» لأشباه الموصلات، التي تنتج رقائق تُستخدم في الهواتف الذكية، بنسبة 0.3 في المائة، ليتخلف عن أداء السوق بوجه عام بعد تقرير صدر في وقت متأخر من مساء الجمعة أفاد بأن «آبل» ستخفض إنتاج «آيفون» بنحو عشرة في المائة في الربع الأول من 2017.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).