الخشية من العولمة واللاجئين تعزّز شعبية اليمين في ألمانيا

شرطي ألماني في مركز لإيواء اللاجئين يفحص حالات الهجرة في مقاطعة باسو التي كانت تستقبل نحو 6000 لاجئ يوميا في يناير الماضي (غيتي)
شرطي ألماني في مركز لإيواء اللاجئين يفحص حالات الهجرة في مقاطعة باسو التي كانت تستقبل نحو 6000 لاجئ يوميا في يناير الماضي (غيتي)
TT

الخشية من العولمة واللاجئين تعزّز شعبية اليمين في ألمانيا

شرطي ألماني في مركز لإيواء اللاجئين يفحص حالات الهجرة في مقاطعة باسو التي كانت تستقبل نحو 6000 لاجئ يوميا في يناير الماضي (غيتي)
شرطي ألماني في مركز لإيواء اللاجئين يفحص حالات الهجرة في مقاطعة باسو التي كانت تستقبل نحو 6000 لاجئ يوميا في يناير الماضي (غيتي)

صعد اليمين المتطرف في ألمانيا عام 2016 بشكل لم يسبق له مثيل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وشهدت المدن الألمانية تحالفًا وثيقًا بين المناهضين للمهاجرين وطالبي اللجوء وبين حركة مناهضي أسلمة أوروبا العنصرية. وبالتدريج تحول هذا التحالف المعلن إلى مغناطيس تنجذب إلى حقوله المغناطيسية معظم الأحزاب النازية الصغيرة.
وما زال الجدل في ألمانيا دائرًا حول الأسباب التي أدت إلى صعود اليمين المتطرف، وخصوصًا حزب «البديل لألمانيا» الشعبوي. ويرى بعض المحللين السياسيين أن سياسة الباب المفتوح للاجئين دفعت معظم الناخبين الألمان القلقين على مستقبلهم إلى أحضان اليمين. بينما يرسم البعض الآخر لموجات اللاجئين دورًا ثانويًا ويلقي اللائمة على فشل الأحزاب التقليدية في برامجها الاجتماعية والسياسية.
وبينما اعتبرت دراسة أوروبية، أجراها معهد «برتلسمان» الألماني وشملت 11 ألف مواطن أوروبي، أن سبب المد اليميني المتطرف الكاسح من المجر إلى هولندا عبر ألمانيا هو الخشية من العولمة، ينحى البعض الآخر باللائمة على النظام الرأسمالي وأزمته الدائرة منذ سنوات. ولم يوجه أصابع الاتهام إلى العولمة والأزمات الرأسمالية كاتب يساري، وإنما رئيس تحرير مجلة «دير شبيغل» رودولف أوغشتاين.
من ناحية أخرى، فإن المستشارة أنجيلا ميركل، التي نفت في البداية وجود علاقة لارتفاع المد اليمني بسياسة احتواء اللاجئين، عادت عن رأيها واعترفت بأن هذه السياسة غذت الأرض التي ينمو عليها اليمين المتطرف. وجاء هذا الاعتراف بعد خسارة قاسية لحزبها الحزب الديمقراطي المسيحي في ولاية مكلنبورغ - بومرانيا الخارجية (شمال شرقي البلاد) وحصول حزب «البديل لألمانيا» في الانتخابات على نسبة 21.4 في المائة من الأصوات تاركًا الموقع الثاني لحزب المستشارة المحافظة (19.1 في المائة). وواصل هذا الحزب الشعبوي اليميني صعوده ليحقق نسبة 24.3 في المائة في انتخابات ولاية سكسونيا - آنهالت (أيضًا في الشمال الشرقي) خلال مارس (آذار) الماضي. ومن ثم، أصبح هذا الحزب القوة الثانية في سكسونيا - آنهالت (متفوقًا على الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب اليسار)، وتزامنت هذه القفزة، التي لم يحلم أي حزب يميني بتحقيقها حتى الآن، مع «أزمة اللاجئين» وتصاعد العداء للاجئين والأجانب والإسلام.
وتكشف الدراسة الأوروبية التي أجراها معهد «برتلسمان» عن انقسام اجتماعي ظاهر في الموقف من العولمة رغم مرور 3 عقود عليها. وينظر 55 في المائة من الأوروبيين إلى العولمة كاتجاه إيجابي، وخصوصًا بين مثقفي المدن، لكن نسبة 45 في المائة تنظر بخشية وجزع إلى العولمة. وعن مفهومهم للعولمة جمع الأوروبيون عوامل «الأتمتة» (automation) في الإنتاج والمجتمع (الخشية من البطالة) والهجرة وطغيان المؤسسات المالية الكبرى، واعتبروها مصدر قلقهم.
يثبت ذلك أن خشية 69 في المائة من سكان النمسا من العولمة أدى إلى صعود كبير لليمين. كما يثبت ذلك تصويت مناطق الريف في ألمانيا لصالح حزب «البديل» اليميني، لأن الخشية من العولمة ترتفع في الريف إلى 67 في المائة (47 في المائة في المدن). وتكشف الدراسة أن غالبية الأوروبيين يخجلون من التصريح برفضهم لسياسة استقبال اللاجئين، ويخشون من انتقاد هذه السياسة، خوفًا من اتهامهم بالتطرف. ولا شك أن هؤلاء «الكاظمين للغيظ» أصبحوا من ناخبي اليمين المتطرف.
والقيم الاجتماعية التقليدية مهمة جدًا بالنسبة لناخبي حزب «البديل» الألماني بنسبة 67 في المائة، مع ملاحظة أن هذه القيم لا تسجل أكثر من 46 في المائة بالنسبة لناخبي الحزب الديمقراطي المسيحي. ويخفي هذا التشبث بالتقاليد الخشية من دعوات «المجتمع متعدد القافات» بالضد من سياسة «الثقافة الألمانية» السائدة.
وعند تحليل مواقف ناخبي حزب «البديل لألمانيا» في مكلنبورغ - بومرانيا الخارجية نرى أنهم لم يختاروه بسبب برنامجه ووعوده وسياسته. وأفاد معهد «أيمند» بأن استطلاعات الرأي التي أجراها تكشف أن 38 في المائة لم يصوتوا للحزب الديمقراطي المسيحي بسبب فشل سياسة السوق وارتفاع معدلات البطالة في الولاية. تليها نسبة 27 في المائة عزفوا عن انتخاب القوى الديمقراطية بسبب سوء الهياكل الارتكازية والخدمات في الولاية. وتأتي سياسة ميركل تجاه اللاجئين في المرتبة الثالثة وصوتت بسببها نسبة 24 في المائة إلى صالح اليمين المتطرف.
وللعلم، طالما تغنت ميركل بسياستها التي تعتبرها تمثيلاً للوسط في الحزب وفي المجتمع الألماني. إلا أن موقفها من اللجوء والجنسية المزدوجة والتحالف مع «الخضر» (في ولاية بادن فورتمبرغ) وتقبلها الإسلام كجزء من ألمانيا، اعتبر من قبل المحافظين «انحرافًا» نحو اليسار مما أبعد ناخبي الوسط عن الحزب. وربما أن هذا الاتهام هو الذي دفع ميركل في مؤتمر الحزب الأخير إلى التراجع عن مختلف مواقفها «اليسارية» السابقة.
من ناحيتها، تعتبر الأحزاب اليسارية أن فرقتها وفشلها في تأليف «جبهة يسار» في مواجهة النازية، هو سبب لحمة وتكافل معسكر اليمين الفاشي بكل تنوعاته وتلاوينه. كذلك تتهم الأحزاب اليسارية الأجهزة الأمنية بالعور في العين اليمين، بمعنى نشاطها في مكافحة اليسار المتطرف والإرهاب الإسلامي، وتغاضيها عن نشاط اليمين المتطرف، وتحملها مسؤولية مباشرة عن تضاعف نشاط النازيين.
وأخيرًا، لا يجب أن ننسى دور العداء للإسلام في صعود اليمين المتطرف. وتكشف دراسة معهد «برتلسمان» المذكورة أن العداء للإسلام حل محل العداء لليهود بالتدريج في برامج الأحزاب النازية خلال السنوات العشر الماضية.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.