الوثائق البريطانية تظهر صدمة الأميركيين والروس من استقالة ثاتشر

كشفت عن مخاوف لندن من ألمانيا عقب توحيد شطريها

مارغريت ثاتشر في لقطة مع ميخائيل غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفياتي قبل انهياره عام 1987 .. ومع الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان عام 1981 (غيتي)
مارغريت ثاتشر في لقطة مع ميخائيل غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفياتي قبل انهياره عام 1987 .. ومع الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان عام 1981 (غيتي)
TT

الوثائق البريطانية تظهر صدمة الأميركيين والروس من استقالة ثاتشر

مارغريت ثاتشر في لقطة مع ميخائيل غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفياتي قبل انهياره عام 1987 .. ومع الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان عام 1981 (غيتي)
مارغريت ثاتشر في لقطة مع ميخائيل غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفياتي قبل انهياره عام 1987 .. ومع الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان عام 1981 (غيتي)

اتصل هنري كيسنجر هاتفيا ليقول إن خبر الاستقالة جاء «صادما أكثر من خبر وفاة أحد أفراد عائلته»، في حين وصف سفير الاتحاد السوفياتي الخبر بالمرعب. وكشفت الوثائق البريطانية التي أُفرج أول من أمس أن استقالة مارغريت ثاتشر من منصبها كرئيسة وزراء بريطانيا جعلت الدموع تنساب من العيون في واشنطن وموسكو.
وأجرى كيسنجر اتصالا هاتفيا وهو في حالة نفسية سيئة بمكتب ثاتشر بـشارع «داونينغ ستريت» وقال: إن وقع خبر استقالتها «جاء أسوأ من خبر وفاة أحد أفراد عائلته»، في حين أبلغ تشارلز باول، كبير مستشاري ثاتشر، مستشار الأمن القومي الأميركي، بارنيت سكوكروفت، أن استقالتها «جاءت كحدث أليم بالمعايير السياسية».
وشمل ملف الوثائق البريطانية الذي حمل عنوان «استقالة رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر» تعليقات معبرة عن الاحترام والتقدير من مختلف قادة العالم، ومذكرة إحاطة من صفحتين صادرة عن سكرتارية مجلس الوزراء توضح أسباب عدم الحاجة لإجراء انتخابات عامة عاجلة، بالإضافة إلى «خطة لمرحلة ما بعد الاستقالة» وجدول عمل ليوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1990 المشؤوم.
وشملت الوثائق أيضا دحضا من جون واكيمان، وزير شؤون مجلس الوزراء في ذلك الحين، لمزاعم أثيرت عام 1991 عن أنه كان سببا في دفع ثاتشر للتعجيل بتقديم استقالتها بعد أن كان «أول وزير في طابور طويل من الوزراء» أبلغوها كل على حدة بأنها لن تفوز في الانتخابات المقبلة أمام منافسها، مايكل هسلتاين، حسبما ورد في كتاب من المتوقع صدوره قريبا عن الصحافي الآن واتكنز. وتركت ثاتشر موقعها لتمهد الطريق أمام جون ميجور ودوغلاس هيرد لخوض النزال أمام هسلتاين، الذي وثقته صحيفة «الغارديان» في ذلك اليوم تحت عنوان «معركة التصدي للمغتصب». وشملت الملفات التي توثق لعامي 1989 و1990 والتي أفرجت عنها هيئة الوثائق البريطانية بمنطقة كيو الجمعة الماضي محضر آخر اجتماع حضرته ثاتشر لمجلس الوزراء والذي قالت خلاله إن «مشاورتها مع الزملاء أشارت إلى أن الجميع كانوا يدعمونها، لكن الغالبية رأوا أن احتمال فوزها بالانتخابات بات ضعيفا». واشتمل المحضر على «الملاحظة بالغة الحزن التي عبرت عنها رئيسة الوزراء».
وتضمنت الوثائق أيضا مستندات صدرت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1989 عن استقالة مستشارها نايغل لاوسون، والتي أظهرت نصيحة سكرتيرها الخاص، أندرو تيرنبول، لها بأنها تستطيع الاستفادة من استقالته التي تقدم بها بأن تكشف سياسته التي حاول بها إدخال عملة الجنيه الإسترليني إلى منظومة العملة الأوروبية لكن من خلال الأبواب الخلفية بالسير خلف المارك الألماني على الرغم من معارضتها لذلك. وتسببت حالة الاستياء العام مما يعرف بـضريبة (بول تاكس) في التعجيل باستقالة ثاتشر، وكان ينظر لهذه الضريبة كمحاولة لنقل عبء الضرائب من على كاهل الأغنياء لكاهل الفقراء وكمثال لنموذج فاشستي متنامٍ في القيادة.
واستقال جيفري هاو من منصبة كنائب لرئيس الوزراء في منتصف نوفمبر اعتراضا على سياساتها الأوروبية، وفي كلمة مؤلمة أمام مجلس العموم قال: إن الوقت قد حان لزملائه في الحزب كي «يقرروا موقفهم بشأن صراع الولاءات الدرامي، الصراع الذي ناضلت أنا شخصيا لفترة طويلة كي أتغلب عليه». بعد ذلك دخل مايكل هسلتاين في نزال معها على زعامة حزب المحافظين ليشعل منافسة حامية دفعتها إلى الانسحاب. وأظهرت الوثائق البريطانية أيضا أنه رغم النظر إلى استقالة ثاتشر كتصوير لحادث سيارة بالحركة البطيئة قام به أعضاء البرلمان، فقد قوبلت الاستقالة بحالة من الاستغراب في العالم. وفي المكالمة الحزينة التي أجراها كيسنجر عقب نبأ الاستقالة مباشرة، أبلغ مستشارها للسياسة الخارجية، تشارلز باول، أنها «كانت أعظم الشخصيات في العصر الحديث، وأن لا أحد خارج بريطانيا – أو بالأصح لا أحد خارج ويست مينستر – استطاع فهم سبب إقدام رفاقكم في حزب المحافظين على فعل ذلك». كان الإحساس أشد مرارة في موسكو حيث سلم السفير السوفياتي رسالة شخصية إلى مارغريت من ميخائيل غورباتشوف قال فيها إن حالة من «الرعب» من مجريات الأحداث سادت هناك. وحسب باول: «فقد طلب غورباتشوف من وزير خارجيته شيفرنادزه الخروج من اجتماع رفيع المستوى بالكرملين للرد على مكالمته ليعرف منه سبب ما يحدث وكيف له أن يتصور أمرا كهذا». وأضاف باول «قال السفير السوفياتي إنه وجد أنه من الصعب جدا شرح سبب ما يحدث، في الحقيقة، كانت هناك مفارقة، فمنذ خمس سنوات كانت هناك انقلابات داخل الحزب بالاتحاد السوفياتي وانتخابات في بريطانيا، لكن ما يحدث الآن هو العكس تماما».
وقال بيان صادر عن المكتب الإعلامي حول رد فعل الصحافة الإيطالية إن الكثير من الصحف هناك شبهتها بالملكة إليزابيث الأولى والملكة فيكتوريا وإن «الانطباع العام هو أنها كانت قائدة عظيمة لكن ما خذلها هو عنادها الشخصي». ورأت صحيفة «بانوراما» الإيطالية الأسبوعية أنه على الرغم من أن الاقتصاد المحلي و«ضريبة الرؤوس» وأوروبا كلها كانت أسبابا هامة لتراجع شعبيتها: «فقد وجد غالبية الساسة البريطانيين أنه من غير المحتمل أن تستمر امرأة في قيادتهم».
وردت رسائل تعبر عن التقدير لشخصها أيضا من قادة الأجهزة الأمنية، حيث عبر باتريك ووكر، مدير جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية (إم 15)، عن امتنانه لدعمها المتواصل خاصة في «قضية بيتاني» التي أدين فيها أحد ضباط الجهاز (بتهمة التجسس لصالح الاتحاد السوفياتي في الثمانينات) وما أعقب ذلك من تداعيات، وأيضا موقفها من الملحمة البطولية لضابط الاستخبارات بيتر رايت.
وتظهر وثائق الأرشيف الوطني البريطاني أيضا أنه في الوقت الذي أغدق فيه قادة العالم بالمديح على ثاتشر، لم يكن زملاؤها بمجلس الوزراء البريطاني بنفس القدر من الحماسة. وتكشف الوثائق أيضا عدم تحمس ثاتشر إزاء فكرة توحيد شطري ألمانيا لم يكن أمرا مخفيا على أحد، لكن مدى قوة معارضتها لهذه الفكرة فعليا كشفت عنها النقاب وثائق سرية لم يفرج عنها إلا أول من أمس. فقد نشر الأرشيف الوطني البريطاني اليوم سلسلة من الوثائق الحكومية الداخلية التي تعود إلى ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. وتبين من هذه الوثائق أن مستشاري ثاتشر تمكنوا بصعوبة من إقناعها بالنظر إلى ألمانيا الموحدة على أنها دولة حليفة، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وكتب أحد المستشارين الخاصين إفادة للسيدة الحديدية تتضمن توصيات قبل لقائها السفير الألماني في لندن في الثالث من أكتوبر 1990. وجاء فيها: «من الضروري استخدام كلمات صديق وحليف وشريك بقدر استطاعتك».
وكشفت الوثائق أيضا أنه كان هناك تشكك كبير في بريطانيا مما إذا كانت ألمانيا الموحدة ستعود إلى سياستها العدوانية التي كانت تنتهجها في النصف الأول من القرن العشرين. ولم تتمكن مجموعة خبراء بريطانية من الاتفاق خلال أحد الاجتماعات في مارس (آذار) 1990 على رأي في هذا الأمر. وجاء في محضر الاجتماع أن «الطريقة التي يتبعها الألمان حاليا في فرض
إرادتهم دون هوادة واستخدام ثقلهم داخل الاتحاد الأوروبي تشير إلى أن كثيرا من الأمور لم تتغير». ورغم ذلك اختتم الخبراء محضر الاجتماع بتوصية مفادها: «يتعين علينا التعامل بلطف مع الألمان».



الملك تشارلز يصل إلى أستراليا في أول رحلة طويلة منذ إصابته بالسرطان

الملك تشارلز والملكة كاميلا يخرجان من الطائرة لدى وصولهما إلى مطار سيدني (رويترز)
الملك تشارلز والملكة كاميلا يخرجان من الطائرة لدى وصولهما إلى مطار سيدني (رويترز)
TT

الملك تشارلز يصل إلى أستراليا في أول رحلة طويلة منذ إصابته بالسرطان

الملك تشارلز والملكة كاميلا يخرجان من الطائرة لدى وصولهما إلى مطار سيدني (رويترز)
الملك تشارلز والملكة كاميلا يخرجان من الطائرة لدى وصولهما إلى مطار سيدني (رويترز)

وصل الملك تشارلز الثالث إلى أستراليا، الجمعة، في رحلة صعبة لناحية الجهد البدني، منذ إعلان إصابته بالسرطان قبل ثمانية أشهر.

وبعد رحلة طويلة استمرت أكثر من 20 ساعة، وصل الملك البالغ (75 عاماً)، وزوجته الملكة كاميلا، إلى سيدني التي غمرتها الأمطار، واستقبلهما كبار الشخصيات المحلية وأطفال يحملون باقات زهور.

وكان في استقبال الملك تشارلز والملكة كاميلا، تحت الأمطار الخفيفة، بمطار سيدني، رئيس وزراء أستراليا أنتونى ألبانيز، وكريس مينس رئيس وزراء ولاية نيوساوث ويلز كريس، وممثل الملك في أستراليا الحاكم العام سام موستيلن.

الملك تشارلز والملكة كاميلا لدى وصولهما إلى مطار سيدني (د.ب.أ)

وقال الملك وعقيلته، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قبيل وصولهما: «نتطلع حقاً إلى العودة لهذا البلد الجميل للاحتفال بالثقافات والمجتمعات الغنية بشكل غير عادي، والتي تجعله مميزاً جداً».

ويقوم الملك بجولة مُدتها تسعة أيام في أستراليا وجزر ساموا النائية، والتي ستتضمن حفل شواء عامّاً وزيارة معالم شهيرة وتذكيرات بمخاطر المناخ المُلحة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتشارلز أول عاهل بريطاني تطأ قدماه أستراليا منذ عام 2011، عندما استقبل حشد كبير والدته الملكة إليزابيث الثانية.

وتهدف رحلته، المقررة منذ فترة طويلة، إلى تعزيز النظام الملكي بين عامة الناس من الأستراليين المترددين بشكل متزايد.

وقالت المحامية كلير كوري (62 عاماً)، والتي تشعر مثل كثيرين من الأستراليين بأنها على «الحياد» بشأن استمرار دور النظام الملكي في الحياة الأسترالية: «أعتقد أن معظم الناس يرون فيه ملكاً صالحاً».

وأضافت: «لقد مرّ وقت طويل. معظم أسلافي جاؤوا من إنجلترا، أعتقد أننا مدينون بشيء هناك».

صورة للملك تشارلز والملكة كاميلا تُعرض على مبنى أوبرا سيدني (د.ب.أ)

ووفقاً لوسائل إعلام بريطانية، فقد سمح الأطباء للملك بتعليق علاجه، طوال مدة الرحلة التي ستقوده أيضاً إلى جزر ساموا، لحضور اجتماع للكومنولث.

وقد زارها تشارلز، لأول مرة، عندما كان في السابعة عشرة عام 1966، عندما جرى إرساله إلى مدرسة «تيمبرتوب» المعزولة في منطقة جبلية بولاية فيكتوريا (جنوب شرق).

وصرح تشارلز لاحقاً بأنه «أثناء وجودي هنا، تعرضتُ لضرب مبرحٍ من قِبل بعض الأشخاص»، واصفاً ذلك بأنه «أفضل جزء على الإطلاق» في تعليمه.

وعاد تشارلز إلى أستراليا مع زوجته ديانا عام 1983، واجتذب الحشود المتلهفة لرؤية «أميرة الشعب» في المعالم الشهيرة مثل دار الأوبرا في سيدني.

وستكون هذه أطول جولة خارجية يقوم بها تشارلز منذ بدء العلاج من السرطان. وقام بزيارة قصيرة إلى فرنسا، هذا العام؛ للاحتفال بيوم النصر.

الملكة كاميلا تحمل مظلة أثناء وصولها إلى مطار سيدني (رويترز)

وأظهر استطلاع حديث للرأي أن نحو ثلث الأستراليين يرغبون في التخلي عن النظام الملكي، وأن ثُلثهم الآخر يفضلون الإبقاء عليه، في حين أن ثلثهم الأخير متردد.

وتَعامل تشارلز بحذر شديد مع هذه القضية، عشية تولّيه العرش، ونُقل عنه قوله: «الأمر متروك للشعب الأسترالي لاتخاذ القرار». وبينما كان الاستقبال حاراً، إلا أن قادة أستراليا القوميين وحكام الولايات يريدون إزالة الملكية من دستورهم.