فرنسا تطرح مقترحات لتسوية قضيتي القدس واللاجئين

لندن وواشنطن تطمئنان إسرائيل وتعدان باستخدام الفيتو ضد أي قرار جديد... ونتنياهو غير مطمئن

فرنسا تطرح مقترحات لتسوية قضيتي القدس واللاجئين
TT

فرنسا تطرح مقترحات لتسوية قضيتي القدس واللاجئين

فرنسا تطرح مقترحات لتسوية قضيتي القدس واللاجئين

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن نية فرنسا طرح عدد من المبادئ لتسوية القضايا الكبرى في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، خلال مؤتمر السلام الدولي الذي ستعقده في 15 يناير (كانون الثاني) المقبل في باريس، مثل قضيتي اللاجئين الفلسطينيين ومستقبل القدس الشرقية المحتلة. وفي الوقت نفسه، تلقت إسرائيل تطمينات من إدارة الرئيس باراك أوباما والحكومة البريطانية بأنهما سيستخدمان الفيتو ضد أي مشروع قرار إضافي يطرح على مجلس الأمن الدولي ضدها، لكن حكومة بنيامين نتنياهو ترفض الاطمئنان ولا تستبعد أنهما يخدعانها «فمن يطعنك في الخلف مرة لن يتردد في طعنك مرة ثانية».
وقال مصدر في الحكومة الإسرائيلية، أمس، إن قلقا يساورها من احتمال أن تطرح سويسرا، التي ستتولى رئاسة مجلس الأمن غدا (الأحد) مشروع قرار بروح خطاب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، للتسوية. وإن وزارة الخارجية الإسرائيلية تصل الليل بالنهار في محاولة إجهاض مشروع كهذا قبل أن يطرح على المجلس. وأضاف المصدر، أن هناك أكثر من إشارة إلى أن دول الغرب تصر على استغلال فترة إدارة أوباما، حتى العشرين من يناير، لطرح مشروع تسوية: «ففي الغرب لا يزالون واهمين بأن القضية الفلسطينية هي أساس المشكلات في الشرق الأوسط». وتابع «نحن نحاول إفهامهم بأن إسرائيل لن ترضخ لهذه الضغوط. وأن أي قرار إضافي سيقابل برد إسرائيلي قاس».
وكان مسؤولون فرنسيون ممن يعملون في الطاقم التحضيري لمؤتمر باريس العتيد قد أوضحوا بأن ليس لديهم توقعات في أن يلتئم هذا المؤتمر في أجواء هادئة. وقالوا إن «المداولات ستجرى في أجواء قاسية جدا بعد التصويت في مجلس الأمن. لن تكون التزامات ملموسة، ولكن يجب الشروع في محاولة نحت المبادئ الأساسية على الصخر». المعروف أنه في المؤتمر التحضيري لمؤتمر وزراء الخارجية في باريس، الذي عقد في يونيو (حزيران) الماضي، لم تندرج في القرارات المسائل الأكثر حساسية كمكانة القدس، الحدود، اللاجئين، وكذا موضوعات مثل توزيع المياه والترتيبات الأمنية، أما هذه المرة فسيكون الإعلان النهائي أكثر حدة ووضوحا. وأكدوا أنه برغم رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لدعوة الرئيس فرنسوا هولاند لحضور عشاء بمشاركة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في ختام المؤتمر لسماع النتائج منه، فقد قرر عباس الوصول إلى باريس.
ومن المتوقع أن يصل إلى المؤتمر غالبية المدعوين (70 وزير خارجية ومندوبين عن مؤسسات دولية). وفي يوم الاثنين (بعد غد)، سيصل إلى إسرائيل وإلى السلطة الفلسطينية رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جرار لارشيه، الذي يعتبر ثاني أهم شخصية سياسية في البلاد، ليحاول تقريب وجهات النظر. ولارشيه هو من المعارضة الفرنسية اليمينية التي تسيطر على مجلس الشيوخ في فرنسا، وهو مقرب مرشح الجمهوريين وذي الآمال الأكبر للانتخاب للرئاسة في شهر مايو (أيار) المقبل. وسيلتقي لارشيه الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، ورئيس المعارضة إسحق هرتسوغ والرئيس الفلسطيني أيضا.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرو قد أعرب عن تأييده خطاب جون كيري، ودعا إلى التطبيق العاجل لخطته من خلال مؤتمر السلام الدولي في باريس. وقال «أحيي خطاب جون كيري الواضح، الشجاع والمجند في صالح السلام في الشرق الأوسط وحل الدولتين. فعلى إسرائيل وفلسطين، أن تعيشا جنبا إلى جنب بسلام وأمن. الكثير من الأفكار التي عبر عنها كيري هي تذكير حيوي للتقدم في السلام في هذه المنطقة، التي هي منطقة شهدت المعاناة. وكالمعتاد، فإن فرنسا مستعدة لأن تقدم مساهمتها». ولكن ليس فرنسا وحدها تضغط باتجاه الدولتين: فقد قالت أمس الناطقة بلسان الاتحاد الأوروبي إن هذا الحل هو السبيل الوحيد لإنهاء النزاع.
من جهة ثانية، أدلى بن رودس، نائب مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما للأمن القومي، بتصريحات للصحافة الإسرائيلية نشرت أمس حاول فيها طمأنة إسرائيل بأن إدارة أوباما لا تنوي السماح بتمرير مزيد من القرارات في مجلس الأمن وستستخدم حق الفيتو ضدها. لكنه في الوقت ذاته هاجم سياسة نتنياهو، وقال إنه وحكومته يعيشون «نظرية المؤامرة» ويهاجمون الإدارة الأميركية بفظاظة ويزعمون أن «دفعنا القرار 2334 في مجلس الأمن تغييرا في سياستنا، ولكنهم يعرفون الحقيقة ويعرقون أن انتقاد المستوطنات كان في الماضي أمرا مقبولا وعاديا، ويحاولون الآن نزع الشرعية عن أي انتقاد ضد المستوطنات». وتوقع رودس أن تبقى المستوطنات مركزا لتوتر دولي شديد، حتى بعد بدء ولاية دونالد ترامب. وقال: لا تطمئنوا أنفسكم بأن قدوم ترامب سيتيح لكم حرية البناء الاستيطاني. «سيكون هناك إجماع دولي يؤيد ما استعرضه كيري في خطابه، أي عزلة إسرائيل ورفض مواقفها تجاه الاستيطان». وقال رودس إن نتنياهو يرفض حل الدولتين في الواقع: «لقد تعاملنا بجدية مع أقوال نتنياهو حول التزامه بحل الدولتين، لكن ما نراه اليوم يدل على أنه لم يكن مستعدا لتحمل مخاطر وثمن هذا الحل».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.