كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن نية فرنسا طرح عدد من المبادئ لتسوية القضايا الكبرى في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، خلال مؤتمر السلام الدولي الذي ستعقده في 15 يناير (كانون الثاني) المقبل في باريس، مثل قضيتي اللاجئين الفلسطينيين ومستقبل القدس الشرقية المحتلة. وفي الوقت نفسه، تلقت إسرائيل تطمينات من إدارة الرئيس باراك أوباما والحكومة البريطانية بأنهما سيستخدمان الفيتو ضد أي مشروع قرار إضافي يطرح على مجلس الأمن الدولي ضدها، لكن حكومة بنيامين نتنياهو ترفض الاطمئنان ولا تستبعد أنهما يخدعانها «فمن يطعنك في الخلف مرة لن يتردد في طعنك مرة ثانية».
وقال مصدر في الحكومة الإسرائيلية، أمس، إن قلقا يساورها من احتمال أن تطرح سويسرا، التي ستتولى رئاسة مجلس الأمن غدا (الأحد) مشروع قرار بروح خطاب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، للتسوية. وإن وزارة الخارجية الإسرائيلية تصل الليل بالنهار في محاولة إجهاض مشروع كهذا قبل أن يطرح على المجلس. وأضاف المصدر، أن هناك أكثر من إشارة إلى أن دول الغرب تصر على استغلال فترة إدارة أوباما، حتى العشرين من يناير، لطرح مشروع تسوية: «ففي الغرب لا يزالون واهمين بأن القضية الفلسطينية هي أساس المشكلات في الشرق الأوسط». وتابع «نحن نحاول إفهامهم بأن إسرائيل لن ترضخ لهذه الضغوط. وأن أي قرار إضافي سيقابل برد إسرائيلي قاس».
وكان مسؤولون فرنسيون ممن يعملون في الطاقم التحضيري لمؤتمر باريس العتيد قد أوضحوا بأن ليس لديهم توقعات في أن يلتئم هذا المؤتمر في أجواء هادئة. وقالوا إن «المداولات ستجرى في أجواء قاسية جدا بعد التصويت في مجلس الأمن. لن تكون التزامات ملموسة، ولكن يجب الشروع في محاولة نحت المبادئ الأساسية على الصخر». المعروف أنه في المؤتمر التحضيري لمؤتمر وزراء الخارجية في باريس، الذي عقد في يونيو (حزيران) الماضي، لم تندرج في القرارات المسائل الأكثر حساسية كمكانة القدس، الحدود، اللاجئين، وكذا موضوعات مثل توزيع المياه والترتيبات الأمنية، أما هذه المرة فسيكون الإعلان النهائي أكثر حدة ووضوحا. وأكدوا أنه برغم رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لدعوة الرئيس فرنسوا هولاند لحضور عشاء بمشاركة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في ختام المؤتمر لسماع النتائج منه، فقد قرر عباس الوصول إلى باريس.
ومن المتوقع أن يصل إلى المؤتمر غالبية المدعوين (70 وزير خارجية ومندوبين عن مؤسسات دولية). وفي يوم الاثنين (بعد غد)، سيصل إلى إسرائيل وإلى السلطة الفلسطينية رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جرار لارشيه، الذي يعتبر ثاني أهم شخصية سياسية في البلاد، ليحاول تقريب وجهات النظر. ولارشيه هو من المعارضة الفرنسية اليمينية التي تسيطر على مجلس الشيوخ في فرنسا، وهو مقرب مرشح الجمهوريين وذي الآمال الأكبر للانتخاب للرئاسة في شهر مايو (أيار) المقبل. وسيلتقي لارشيه الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، ورئيس المعارضة إسحق هرتسوغ والرئيس الفلسطيني أيضا.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرو قد أعرب عن تأييده خطاب جون كيري، ودعا إلى التطبيق العاجل لخطته من خلال مؤتمر السلام الدولي في باريس. وقال «أحيي خطاب جون كيري الواضح، الشجاع والمجند في صالح السلام في الشرق الأوسط وحل الدولتين. فعلى إسرائيل وفلسطين، أن تعيشا جنبا إلى جنب بسلام وأمن. الكثير من الأفكار التي عبر عنها كيري هي تذكير حيوي للتقدم في السلام في هذه المنطقة، التي هي منطقة شهدت المعاناة. وكالمعتاد، فإن فرنسا مستعدة لأن تقدم مساهمتها». ولكن ليس فرنسا وحدها تضغط باتجاه الدولتين: فقد قالت أمس الناطقة بلسان الاتحاد الأوروبي إن هذا الحل هو السبيل الوحيد لإنهاء النزاع.
من جهة ثانية، أدلى بن رودس، نائب مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما للأمن القومي، بتصريحات للصحافة الإسرائيلية نشرت أمس حاول فيها طمأنة إسرائيل بأن إدارة أوباما لا تنوي السماح بتمرير مزيد من القرارات في مجلس الأمن وستستخدم حق الفيتو ضدها. لكنه في الوقت ذاته هاجم سياسة نتنياهو، وقال إنه وحكومته يعيشون «نظرية المؤامرة» ويهاجمون الإدارة الأميركية بفظاظة ويزعمون أن «دفعنا القرار 2334 في مجلس الأمن تغييرا في سياستنا، ولكنهم يعرفون الحقيقة ويعرقون أن انتقاد المستوطنات كان في الماضي أمرا مقبولا وعاديا، ويحاولون الآن نزع الشرعية عن أي انتقاد ضد المستوطنات». وتوقع رودس أن تبقى المستوطنات مركزا لتوتر دولي شديد، حتى بعد بدء ولاية دونالد ترامب. وقال: لا تطمئنوا أنفسكم بأن قدوم ترامب سيتيح لكم حرية البناء الاستيطاني. «سيكون هناك إجماع دولي يؤيد ما استعرضه كيري في خطابه، أي عزلة إسرائيل ورفض مواقفها تجاه الاستيطان». وقال رودس إن نتنياهو يرفض حل الدولتين في الواقع: «لقد تعاملنا بجدية مع أقوال نتنياهو حول التزامه بحل الدولتين، لكن ما نراه اليوم يدل على أنه لم يكن مستعدا لتحمل مخاطر وثمن هذا الحل».
فرنسا تطرح مقترحات لتسوية قضيتي القدس واللاجئين
لندن وواشنطن تطمئنان إسرائيل وتعدان باستخدام الفيتو ضد أي قرار جديد... ونتنياهو غير مطمئن
فرنسا تطرح مقترحات لتسوية قضيتي القدس واللاجئين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة