العائدون من «داعش» إلى أوروبا... قنابل موقوتة تثير الرعب

قدم جيل دي كيرشوف المنسق الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب، تقريرا لوزراء الداخلية والعدل في دول التكتل الموحد، حول ما يطلق عليه «دواعش أوروبا»، في إشارة إلى المقاتلين الأوروبيين، الذين التحقوا بصفوف «داعش» في سوريا والعراق، وعاد أعداد منهم إلى أوروبا، ووصفهم البعض من الخبراء في بروكسل وعواصم أوروبية أخرى بأنهم كالقنابل الموقوتة.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» خلال الشهر الجاري في بروكسل قال كيرشوف، إن عدد ما يعرف باسم «المقاتلين الأوروبيين» في صفوف «داعش» يزيد عن 2500 شخص، ولكن بين الحين والآخر تصدر تقارير من منظمات أوروبية تعطي أرقاما أخرى في هذا الصدد.
ويشكل «الدواعش العائدون» قضية متفاعلة في أوروبا منذ أكثر من عامين، أي بعد عودة أوائل من توجه إلى العراق وسوريا للانضمام للقتال إلى جانب وفي صفوف التنظيم الإرهابي، الذي سيطر قبل أكثر من عامين على مناطق واسعة من هذين البلدين. ويعتقد خبراء أن كثيرين ممن عادوا منهم إلى بلادهم، خصوصا إلى الدول الأوروبية، يشكلون قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت، بينما تعتقد فئة من الخبراء أن بعض هؤلاء «الدواعش العائدين» عادوا بهدف شن هجمات إرهابية على وجه التحديد.
وبينما تشير التقديرات إلى أن عدد «الأوروبيين الدواعش» أكثر من 5 آلاف شخص، بعضهم قتل في المعارك في سوريا والعراق، وبعضهم ما زال يقاتل، بينما عاد قرابة 1750 منهم إلى بلادهم، وفقا لتقرير قدمه منسق مكافحة الإرهاب جيل دي كيرشوف إلى الوزراء في الاتحاد الأوروبي. وينص التقرير، الذي لم يتضمن أرقاما محددة حول العائدين، بوضوح على أن الدواعش العائدين ينتمون إلى فئتين محددتين، الفئة غير المؤذية، والفئة عالية التدريب التي تشكل تهديدا محتملا للأوروبيين.
وقال كيرشوف لـ«الشرق الأوسط»: «التهديدات في أوروبا حاليا هي أكثر تعقيدا وتنوعا مما كانت عليه من قبل وخاصة في أعقاب الهجمات التي وقعت في باريس وبروكسل وغيرهما وأتوقع أن تزداد التهديدات خلال الأشهر المقبلة وخاصة في أعقاب ما حدث في الموصل بالعراق والرقة في سوريا وبالتأكيد فإن انهيار تنظيم داعش أو ما يعرف بـ«دولة الخلافة» سيكون له تأثير على أوروبا ودول أخرى وربما ستتدفق موجات من المقاتلين للعودة إلى أوطانهم وتنفيذ هجمات إرهابية فيها ومع ذلك كان هناك عمل مكثف في الأعوام الثلاثة الأخيرة هنا في أوروبا وحاولنا بقدر الإمكان التقليل من نقاط الضعف التي كانت موجودة من قبل وإذا تحدثنا عن التهديدات ونقاط الضعف يمكن القول: إننا حققنا تقدما ملحوظا ولكن في نفس الوقت يجب عينا أن نكون على أعلى درجة من الحذر والتأهب.
وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول أعداد محددة للمقاتلين الأوروبيين قال كيرشوف «أعتقد هناك أكثر من 2500 مقاتل أوروبي في سوريا والعراق حتى الآن وهناك بطبيعة الحال عدد منهم قتل في العمليات القتالية في البلدين إنما بالنسبة للاستعداد لعودة هؤلاء والخطر الذي يمكن أن يمثله هذا الأمر أستطيع القول: إن هناك عملا كبيرا نقوم به ولدي مقترحات حول هذا الصدد قدمتها لوزراء الداخلية والعدل في دول الاتحاد خلال الاجتماع الأخير في بروكسل، وهي مقترحات تتعلق بتحديد طرق التعامل الأوروبي في هذا الاتجاه، ولكن سأكون صريحا نحن لا نعرف ماذا سيحدث في حال العودة، فهناك من سيفضل البقاء في المنطقة والاختفاء فيها والبعض الآخر سيتحرك في المنطقة وربما يحاول الاختفاء في دول مجاورة، وربما يذهب البعض إلى مناطق الصراعات الأخرى أو ما نسميه النقاط الساخنة مثل ليبيا بشكل خاص وفي المقام الأول، وربما يذهب إلى دول أخرى مثل الفلبين أو غيرهما ولكن في النهاية سيعود عدد منهم إلى أوروبا، والآن نعمل على الجاهزية لاستقبال هؤلاء ونحن لا نريد أن نعيد أخطاء الماضي التي وقعنا فيها في نهاية الثمانينات عندما غادر الروس أفغانستان ولم نعط الاهتمام والترقب لما كان يعرف في ذلك الوقت بـ«المجاهدين».
وأشارت دراسة أجرتها السلطات الألمانية إلى أن 10 في المائة من الدواعش العائدين قالوا: إنهم تعرضوا للتضليل من قبل التنظيم. ووجدت الدراسة الألمانية، وحصل عليها موقع «دي فيلت» الإخباري، أن 48 في المائة من العائدين يظلون ملتزمين بآيديولوجية التنظيم الإرهابي أو يظلون على اتصال مع أصدقائهم المتطرفين. وأظهرت الدراسة الألمانية أن 8 في المائة فقط من العائدين إلى ألمانيا عادوا قبل أن يلتحقوا بالقتال مع التنظيم في سوريا والعراق. ونظرا لتداخل وتشابك الكثير من العناصر معا بخصوص العائدين أو التائبين، خصوصا فيما يتعلق بصدقيتهم، فقد طالب التقرير بوضعهم قيد المراقبة على مدار 24 ساعة يوميا.
وما ينطبق على الدواعش الأجانب ينطبق إلى حد كبير على الدواعش العرب، لكن أعدادهم أكثر بكثير من الدواعش الأجانب. ووفقا لأرقام المركز الألماني «فيريل» فإن عدد الأتراك الذين التحقوا بتنظيم داعش يصل إلى 25800 تركي، قتل منهم 5760. بلغ عدد المفقودين 380 شخصا، في حين تقدر دراسات أخرى عددهم بنحو 2200 شخص فقط، عاد منهم قرابة 600 شخص. أما عدد الشيشان الذين التحقوا بالتنظيم فيصل إلى 21 ألف شخص، قتل منهم 5230 شخصا، فيما بلغ عدد المفقودين 1920 مفقودا.