قيادات من حزب الاستقلال المغربي تتبرأ من تصريحات شباط

قيادات من حزب الاستقلال المغربي تتبرأ من تصريحات شباط
TT

قيادات من حزب الاستقلال المغربي تتبرأ من تصريحات شباط

قيادات من حزب الاستقلال المغربي تتبرأ من تصريحات شباط

بدأ الخناق يضيق حول حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي، بعد أن تعالت أصوات قيادية من داخل حزبه تتبرأ من تصريحاته حول موريتانيا، التي اعتبر فيها الجار الجنوبي إقليما مغربيا.
وجاء في بيان للوزير السابق توفيق حجيرة، رئيس المجلس الوطني للحزب، أن تصريحات شباط ومضمونها لم تتم مناقشتها والموافقة عليها في أي مؤسسة تابعة للحزب، مضيفا أن «مواقف حزب الاستقلال الرسمية المتعلقة بموريتانيا، البلد الجار والشقيق، كانت دائما مبنية على احترام حدودها ووحدتها الترابية المعروفة والمتعارف عليها في القانون الدولي».
وقال حجيرة في بيانه: «كرئيس للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، ثاني مؤسسة تقريرية بعد المؤتمر العام للحزب، أود أن أعلن أنني سقطت في سوء تقدير لخطورة تصريح الأمين العام على علاقاتنا المتينة والدائمة التي ربطتنا دائما مع الشقيقة موريتانيا، ولمضاعفات تصريح الأمين العام لحزب الاستقلال المتعلق بهذا الموضوع علاقة بمجهودات المملكة المغربية على المستوى الجهوي والقاري، التي كانت دائما تقوم على حسن الجوار والتعاون والتضامن».
وأضاف قائلا: «بعد أخذ الوقت الكافي لتقييم ما وقع، وبعد التداعيات الكبرى للموضوع على المستوى الوطني والقاري والدولي، أود أن أذكر بأن اختيار هذا الموضوع وتوقيته ومضمونه لم تتم مناقشته والموافقة عليه في أي مؤسسة تابعة للحزب، وأن ما صرح به الأمين العام كان تصريحا شخصيا، أخذ حرية التصرف فيه، معتبرا أنه يتكلم في اجتماع داخلي».
ولم تتأخر ردة فعل الأمانة العامة للحزب على تصريح رئيس المجلس الوطني للحزب، إذ أعلنت، في بيان لها، أن ما صدر عن حجيرة «هو رأي شخصي لا يلزم مؤسسة المجلس الوطني للحزب»، مشيرة إلى أن مهام رئيس المجلس الوطني لا تمنحه حق الحديث باسم مؤسسة المجلس الوطني حسب النظام الداخلي للحزب.
ويبدو أن المشكلات التي أثارها شباط في خطابه خلال لقاء حزبي السبت الماضي لم تقتصر على موريتانيا فحسب، بل أثارت أيضا غضب كثير من الشخصيات السياسية المهمة.
فبعد أن وصف عزيز أخنوش، أمين عام حزب التجمع الوطني للأحرار، التصريحات التي خصه بها شباط في خطابه بـ«السب والشتم»، أصدر عباس الفاسي، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، بدوره بيان حقيقة يرد فيه على شباط في الجزء المتعلق به شخصيا، الذي تحدث فيه شباط عن التحضير لمشاركة الحزب في الحكومة السابقة لعبد الإله ابن كيران، وتدخل المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة في ذلك. وأكد الفاسي في بيانه «كأمين عام لحزب الاستقلال أشرفت على المحادثات لتشكيل الحكومات المتعاقبة منذ حكومة التناوب بغيرة وطنية صادقة، وفي جو تسوده الثقة والصدق». وبالنسبة للحكومة التي شكلها ابن كيران سنة 2012، قال الفاسي: «لقد قدت المحادثات رفقة عضوين من اللجنة التنفيذية، وبعد صدور قرار من المجلس الوطني وبالإجماع يقضي بالمشاركة في حكومة السيد ابن كيران... وأريد أن أؤكد أنه بالنسبة للحكومات الأربع التي شارك فيها حزب الاستقلال أو قادها، كانت جميع الأطراف حريصة على احترام الدستور روحا ونصا».
من جانبها، اعتبرت الوزيرة السابقة ياسمينة بادو، أن تصريحات شباط خطيرة، وقالت بهذا الخصوص: «من واجبنا شجب هذه المواقف التي لا تلزمنا، والتي تسيء إلى سمعة بلدنا وحزبنا».
وبذلك أصبح شباط في وضع لا يحسد عليه، علما بأن شباط تولى الأمانة العامة للحزب في سبتمبر (أيلول) 2012، وسط صراع سياسي، كاد يشق وحدة الحزب، مع ظهور تيار معارض له ضم كثيرا من القيادات التاريخية تحت اسم «تيار بلا هوادة». وسرعان ما دخل شباط، القادم من الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الذراع النقابية للحزب، في خلافات مع رئيس الحكومة ابن كيران خلال سنة 2012، انتهت بانسحاب حزبه من الحكومة وتعويضه بحزب التجمع الوطني للأحرار.
وتبعا لتداعيات تصريحاته الأخيرة، يبدو أن دائرة معارضي استمرار شباط على رأس الحزب التاريخي في المغرب بدأت تتسع، وأن أيامه في قيادته باتت معدودة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.