خطة من 4 محاور استعدادًا لعودة الإرهابيين في تونس

الحكومة تعقد اليوم جلسة لدراسة التهديد الذي يمثلونه

خطة من 4 محاور استعدادًا لعودة الإرهابيين في تونس
TT

خطة من 4 محاور استعدادًا لعودة الإرهابيين في تونس

خطة من 4 محاور استعدادًا لعودة الإرهابيين في تونس

تعقد الحكومة التونسية، اليوم، جلسة وزارية برئاسة يوسف الشاهد بهدف تحديد «خطة عمل» لمواجهة التهديد الذي تمثله عودة آلاف الإرهابيين التونسيين إلى بلادهم، بحسب ما أفاد مصدر رسمي أمس.
وقال مصدر رسمي في رئاسة الحكومة لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم كشف هويته: «لقد عقدت منذ فترة جلسات عدة حيال هذه الظاهرة بحضور خبراء قضائيين وأمنيين (...) وستعقد جلسة وزارية غدا بهدف إطلاق خطة عمل استراتيجية». وأضاف المصدر أن الجلسة ستشمل جميع الوزراء المعنيين في إدارة تلك الظاهرة، من دون مزيد من التفاصيل. وبحسب المصدر نفسه، فقد «تم تقديم استراتيجية شاملة (لمحاربة التطرف) الشهر الماضي لرئاسة الجمهورية والحكومة وهي في طور الدراسة قطاعيا». وهذه الاستراتيجية، بحسب الرئاسة، تتعلق بأربعة محاور هي «الوقاية والحماية والملاحقات (القضائية) والاستجابة».
وخلّف طرح ملف عودة الإرهابيين التونسيين من بؤر التوتر إلى تونس، جدلا سياسيا ومجتمعيا قويا سرعان ما تحول إلى نقطة خلاف أساسية بين حزب النداء وحركة النهضة، وهما الحليفان الأساسيان في حكم تونس بعد أحداث 2011.
ولم تخل تدخلات ممثلي عدد من الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان التونسي من توجيه اتهامات مباشرة لحركة النهضة، ورئيسها وحكومة تحالف «الترويكا» التي حكمت تونس سنة 2011 إثر انتخابات المجلس التأسيسي (البرلمان)، وتحميلها المسؤولية عن سفر آلاف التونسيين إلى بؤر التوتر والبحث عن سبل لعودتهم الآمنة و«استغلالها سياسيا» في محطات انتخابية مقبلة.
وينتظر البرلمان التونسي مساءلة هادي المجدوب، وزير الداخلية، خلال الأسبوع المقبل حول مآل 800 إرهابي بعد تأكيده على عودتهم إلى تونس. ودعا بعض النواب المجدوب إلى تقديم إجابة واضحة حول من يقف وراء عودتهم ومتى تمت هذه العودة وطريقة عودتهم، مع ضرورة إنارة الرأي العام حول مدى جدية التعاطي مع أشخاص حملوا السلاح واقترفوا جرائم.
وكان تصريح رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بعدم منع عودة الإرهابيين إلى تونس، قد خلف جدلا سياسيا حادا قبل أن توضح رئاسة الجمهورية أن تونس تتخذ الإجراءات الضرورية كافة لتحييد المتطرفين التونسيين العائدين من بؤر النزاع في سوريا والعراق وليبيا. وقال الباجي في تصريح لوسائل إعلام أجنبية: «لن نضعهم جميعا في السجن، لأننا إن فعلنا ذلك لن يكون لدينا ما يكفي من السجون، بل سنتخذ الإجراءات الضرورية لتحييدهم».
ونظم مئات التونسيين يوم السبت الماضي وقفة احتجاجية أمام البرلمان، ودعوا إلى عدم استقبال الإرهابيين وإسقاط الجنسية عنهم. وخلافا لموقف الباجي مؤسس حزب نداء تونس، أعلنت كتلة نداء تونس بالبرلمان (67 مقعدا برلمانيا) رفضها القاطع لعودة الإرهابيين من أصول تونسية من بؤر التوتر إلى البلاد، ودعت في المقابل إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية باتجاه ضمان محاكمتهم في البلدان التي ارتكبوا فيها جرائمهم. ودعت إلى «تشكيل لجنة قانونية لإعداد مقاربة تشريعية تعزز مواجهة مخاطر عودة الإرهابيين» إلى تونس. واتهمت ابتسام الجبابلي، من حزب النداء، بعض الأطراف السياسية التي لم تسمها بمحاولة فتح الباب على مصراعيه لاستقبال العائدين من بؤر التوتّر، واعتبرتهم بمثابة «قنابل موقوتة سيتم زرعها في الأحياء والمدن التونسية».
وكان نواب حزب نداء تونس قد رفعوا شعار «لا لعودة الإرهابيين» تحت قبة البرلمان التونسي. ويلقى هذا الموقف الرافض لعودة الإرهابيين دعما قويا من الأحزاب اليسارية، إذ قال عمار عمروسية النائب عن الجبهة الشعبية (تحالف يساري) إن «مناقشة عودة الإرهابيين (يتم) في كواليس السفارات الأجنبية وغيرها من اللقاءات المشبوهة، حيث يتم تمرير هذا الموضوع في مغالطة للرأي العام».
في المقابل، كان موقف قيادات حركة النهضة ونوابها في البرلمان أكثر غموضا. وفي هذا السياق، اعتبر رمزي بن فرج القيادي في حركة النهضة، أن هؤلاء الإرهابيين تونسيون بحسب الدستور وعودتهم إلى أرض الوطن يجب أن تخضع للمحاكمة وفق قوانين البلاد على حد تعبيره. كما دعا البرلمان التونسي إلى العودة للمنظومة القانونية المحلية، ومعالجة نقائصها بمبادرات تشريعية وليس برفع الشعارات داخل المجلس، على حد قوله.
في السياق ذاته، رفض النائب الصحبي عتيق من «النهضة» المزايدة بين ممثلي الأحزاب السياسية في مقاومة الإرهاب، وذكّر ممثلي الأحزاب اليسارية ورموز النظام السابق بمعاناة حركة النهضة من تبعات العمليات الإرهابية. وقال: «نحن معنيون قبل غيرنا بمعرفة من يقف وراء تسفير شباب تونس والشبكات الضالعة في ذلك ومن دفع الأموال»، وتابع: «عودة الإرهابيين يجب أن تكون وفق مقتضيات الدستور والقوانين لمحاسبة ومحاكمة كل الأطراف الضالعة في هذا الملف».
وأفادت معطيات رسمية بوجود 3600 تونسي يقاتلون ضمن مجموعات إرهابية في بؤر التوتر في كل من العراق وسوريا وليبيا، إلا أن تقارير دولية تشير إلى أن عددهم أكثر من ذلك بكثير وقد يصل إلى حدود 10 آلاف إرهابي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.