روسيا وتركيا وإيران تتطلع إلى تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ

يتوقع أن يتحمل الاتحاد الأوروبي مع دول الخليج فاتورة إعادة الأعمار

روسيا وتركيا وإيران تتطلع إلى تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ
TT

روسيا وتركيا وإيران تتطلع إلى تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ

روسيا وتركيا وإيران تتطلع إلى تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ

تقول مصادر مطلعة، إن سوريا ستُقسم إلى مناطق نفوذ غير رسمية للقوى الإقليمية، وإن بشار الأسد سيبقى رئيسا لبضع سنوات على الأقل بموجب اتفاق إطار بين روسيا وتركيا وإيران.
وتقول مصادر على دراية بتفكير روسيا، إن اتفاقا من هذا القبيل سيسمح بحكم ذاتي إقليمي في إطار هيكل اتحادي تسيطر عليه طائفة الأسد العلوية ولا يزال في مراحله الأولى، وهو عرضة للتغيير، وستتطلب موافقة الأسد والمعارضة المسلحة، وفي نهاية المطاف دول الخليج والولايات المتحدة.
وقال أندريه كورتونوف، المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الدولية، وهو مركز أبحاث مقرب من وزارة الخارجية الروسية، في تصريحات لـ«رويترز»: «هناك تحرك صوب حل وسط... الاتفاق النهائي سيكون صعبا لكن المواقف تتغير».
ويقول عدد من المصادر، إن سلطات الأسد ستتقلص بموجب اتفاق بين الدول الثلاث. وستسمح له روسيا وتركيا بالبقاء حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة عندما يتنحى لصالح مرشح علوي أقل إثارة للانقسام.
وتضيف المصادر، أن إيران لم تقتنع بذلك بعد. لكن على أي حال سيرحل الأسد في آخر الأمر بطريقة تحفظ ماء الوجه مع ضمانات له ولأسرته.
وقال كورتونوف (رافضا ذكر أسماء): «تردد ذكر اسمين في القيادة كخليفتين محتملين».
وقال السير توني برينتون، السفير البريطاني السابق لدى موسكو، لـ«رويترز»: «ستكون جائزة كبيرة جدا لهم إذا استطاعوا أن يظهروا أنهم في صدارة المشهد ويغيرون العالم. اعتدنا جميعا أن الولايات المتحدة تفعل ذلك ونسينا أن روسيا اعتادت اللعب على المستوى نفسه».
صفقات خلف الكواليس
إذا نجحت روسيا في مساعيها، فسوف تبدأ محادثات سلام جديدة بين الحكومة السورية والمعارضة في منتصف يناير (كانون الثاني) في آستانة عاصمة كازاخستان الحليف المقرب من روسيا.
وسوف تكون هذه المحادثات منفصلة عن المفاوضات المتقطعة التي تتوسط فيها الأمم المتحدة، ولن تشمل الولايات المتحدة في بادئ الأمر. وأثار هذا حفيظة البعض في واشنطن.
وقال مسؤول أميركي، رفض نشر اسمه، بسبب حساسية الموضوع: «هذه الدولة التي لديها اقتصاد في حجم اقتصاد إسبانيا... أقصد روسيا، تتبختر وتتصرف كما لو كانت تعرف ماذا تفعل. لا أعتقد أن الأتراك والروس يمكنهم إجراء تلك المفاوضات السياسية من دوننا».
والتقى وزراء الدفاع والخارجية من روسيا وتركيا وإيران في موسكو في 20 ديسمبر (كانون الأول)، ووضعوا المبادئ التي يعتقدون أن أي اتفاق سوري ينبغي أن يلتزم بها.
وتقول مصادر روسية، إن الخطوة الأولى هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، ثم الشروع في المحادثات. وسيكون الهدف عندئذ إشراك دول الخليج ثم الولايات المتحدة، وفي مرحلة لاحقة الاتحاد الأوروبي الذي سيطلب منه - ربما مع دول الخليج - أن يتحملوا فاتورة إعادة الأعمار.
ومسعى السلام الثلاثي هو للوهلة الأولى مسعى غير متجانس. فإيران أشد مؤيدي الأسد، وتقدم مقاتلين لمساعدته كما تدعمه روسيا بالغارات الجوية، في حين تساند تركيا قوات معارضة له. وتقول عدة مصادر على معرفة بالعملية، إن بوتين توصل إلى سلسلة من التفاهمات خلف الكواليس مع نظيره التركي طيب إردوغان، لتسهيل الوصول إلى اتفاق محتمل.
وقال برينتون، السفير البريطاني السابق، إن موسكو وأنقرة توصلتا إلى اتفاق، لأن موسكو احتاجت تركيا لإخراج المعارضة من حلب وللمجيء إلى مائدة التفاوض.
وأضاف: «الغرض الحقيقي للأتراك من اللعبة ومبعث قلقهم هو ظهور كردستان شبه مستقلة داخل سوريا، وما له من تداعيات مباشرة عليهم».

الواقعية السياسية
تحرك الواقعية السياسية يغير المواقف لدى موسكو وأنقرة. فروسيا لا تريد التورط في حرب طويلة، وتريد الحفاظ على وحدة سوريا وإبقائها حليفا لها.
وتريد تركيا أن تسيطر بشكل غير رسمي على مساحة من شمال سوريا توفر لها منطقة آمنة لإيواء النازحين وقاعدة لمعارضي الأسد وحصنا ضد النفوذ الكردي.
ومصير الباب تلك المدينة التي يسيطر «داعش» عليها وتقع على بعد نحو 40 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من حلب عامل آخر في هذا الصدد. فإردوغان مصمم على سيطرة قوات المعارضة المدعومة من تركيا على المدينة، لمنع الفصائل الكردية المسلحة من فعل الشيء نفسه. وقال عدد من المصادر، إنه كان هناك تفاهم بين أنقرة وموسكو على إمكانية مغادرة مقاتلي المعارضة حلب للمساعدة في السيطرة على الباب.
وفهم مصالح إيران أكثر صعوبة، لكن علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، قال إن سقوط حلب قد يغير كثيرا في المنطقة.
وضمنت طهران بمساعدتها الأسد على استعادة حلب، ممرا بريا يربط بين طهران وبيروت، مما يمكنها من إرسال أسلحة إلى ما يسمى «حزب الله» في لبنان. وتقول مصادر دبلوماسية روسية وغربية، إن إيران ستصر على الحفاظ على هذا الممر وعلى بقاء الأسد في السلطة في الوقت الحالي. وإذا تنحى بالفعل فسوف ترغب طهران أن يحل محله آخر من الطائفة العلوية التي تعتبرها أقرب الطوائف إلى الشيعة.
وكثيرة هي الشكوك بشأن فرص التوصل إلى اتفاق أوسع.
وقال دينيس روس، الذي عمل مستشارا للإدارات الديمقراطية والجمهورية الأميركية، ويعمل الآن بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إنه لا يعتقد أن اتفاقا من هذا القبيل سيجلب السلام إلى سوريا.
وقال لـ«رويترز»: «أشك في أن هذا سينهي الحرب في سوريا حتى بعد معركة حلب. وجود الأسد سيظل مصدرا للصراع مع المعارضة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».