إجراءات أكثر تشددًا في بكين لمواجهة «المضاربات العقارية»

مخاوف من توترات وآثار على الاستقرار واستمرار القلق من «الفقاعة»

بلدية بكين تتجه إلى تشديد القيود على العقارات من أجل الحفاظ على استقرار أسعار المنازل العام المقبل (غيتي)
بلدية بكين تتجه إلى تشديد القيود على العقارات من أجل الحفاظ على استقرار أسعار المنازل العام المقبل (غيتي)
TT

إجراءات أكثر تشددًا في بكين لمواجهة «المضاربات العقارية»

بلدية بكين تتجه إلى تشديد القيود على العقارات من أجل الحفاظ على استقرار أسعار المنازل العام المقبل (غيتي)
بلدية بكين تتجه إلى تشديد القيود على العقارات من أجل الحفاظ على استقرار أسعار المنازل العام المقبل (غيتي)

تتجه الصين إلى تشديد القيود على العقارات في العاصمة بكين، وهي من أكثر أسواق العقارات السكنية سخونة في الصين، وذلك من أجل الحفاظ على استقرار أسعار المنازل العام المقبل.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) قبل يومين، عن لجنة بلدية بكين، أن أسعار المنازل في العاصمة «مرتفعة أكثر من اللازم نتيجة المضاربة»، مما يؤجج التوترات الاجتماعية ويمثل تحديًا كبيرًا للاستقرار في بكين.
وارتفع متوسط سعر المنازل الجديدة في بكين بنسبة 26.4 في المائة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة به قبل عام.. إلا أن وتيرة الزيادة سجلت تباطؤًا للشهر الثاني على التوالي بفضل الإجراءات التي تبنتها الحكومة. وفي الثلاثين من سبتمبر (أيلول) الماضي، رفعت بكين قيمة الدفعة المقدمة لمشتريات العقارات.
وأخذت أكثر من 12 مدينة صينية من بينها تيانجين وشنغهاي وقوانغشو وشنتشن إجراءات للحد من المضاربة على العقارات، التي ترجع جزئيًا لسهولة الحصول على ائتمان. وقال مسؤولون كبار في المؤتمر الاقتصادي السنوي الذي عقد الشهر الحالي إن الصين ستفرض قيودًا أكثر صرامة على تدفق الائتمان للمضاربة في السوق العقارية في 2017. وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فرضت 3 مدن صينية قيودًا على شراء العقارات في إطار مساعي كبح الأسعار الآخذة في الارتفاع جراء المضاربة في العقارات.
وقالت الحكومة المحلية في تشنغتشو بموقعها الإلكتروني في أكتوبر إنه لن يسمح لسكان المدينة الذين يملكون عقارين، وغير السكان الذين يملكون عقارًا واحدًا، سوى بشراء المنازل التي تتجاوز مساحتها 180 مترًا مربعًا.
وفي تشنغدو، عاصمة مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي البلاد، صار يسمح للمشترين المحتملين بشراء عقار واحد في أحياء معينة في المدينة، ويطلب ممن يشترون عقارًا ثانيًا سداد 40 في المائة من ثمن العقار على الأقل كدفعة مقدمة.
وقالت حكومة تشنغدو في أكتوبر أيضًا إنه تفترض عقوبات على المطورين العقاريين الذين يحتفظون بالأرض ويرجئون بدء البناء عن الموعد الذي يتعهدون به، وستتصدى لنشر الشائعات في السوق العقارية.
وقالت مدينة جنان في شرق الصين أيضًا إنها لن تسمح للسكان الذين يملكون 3 عقارات بالفعل بشراء المزيد. ورفعت الدفعة المقدمة التي يسددها راغبو الشراء إلى 30 في المائة، بدلاً من 20 في المائة، فضلاً عن إجراءات أخرى ذكرت تفصيلاً على موقع حكومة المدينة.
وفي سبتمبر الماضي، ذكر مسح رسمي أن أسعار العقارات واصلت نموها المتسارع في الصين خلال شهر أغسطس (آب)، حيث زاد عدد المدن التي سجلت زيادة شهرية في أسعار المساكن الجديدة.. وذلك على الرغم من التحذيرات الكثيرة التي يطلقها كثير من الاقتصاديين حول خطورة استمرار أسعار العقارات الصينية في الارتفاع غير المبرر، أو المدعوم بقيمة فعلية حقيقية للأصول العقارية، مما يشكل «فقاعة عقارية» متنامية.
وأظهر مسح شمل 70 مدينة صينية كبيرة ومتوسطة الحجم خلال أغسطس الماضي، ارتفاع أسعار المساكن الجديدة في 64 مدينة، مقابل ارتفاعها في 51 مدينة في يوليو (تموز) الماضي، و55 مدينة في يونيو (حزيران) الماضي.
وعلقت روسيلا ياو، الخبيرة الاقتصادية في «جافيكال دراغنوميكس»، على نتائج المسح آنذاك، قائلة إن «القفزات الزائدة في الأسعار تسبب فيها قليل من المدن الساخنة عالية الإقبال، على غرار المدن الأربع الكبرى عقاريًا، وهي بكين وشنغهاي وغوانزو وشينشن»، بحسب «رويترز».
وتأتي تلك المخاوف مرتبطة مع ارتفاع ديون شركات التطوير العقاري الصينية، التي سجلت مستويات قياسية خلال العام الماضي. وأشارت تقارير في منتصف العام الحالي إلى أن حجم القروض العقارية تجاوزت حد 1.9 تريليون دولار، مما ينشر مخاوف من أن يؤدي تدهور القطاع العقاري إلى أزمة كبرى عامة في الصين.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن تقرير لاتحاد التطوير العقاري الصيني في يونيو الماضي القول إن «متوسط معدل الديون بالنسبة لـ198 شركة تطوير عقاري بلغ العام الماضي 96.09 في المائة من إجمالي رأسمالها، بزيادة نسبتها 7.23 في المائة عن العام السابق».
وبحسب التقرير، فإنه في حين ارتفع متوسط أرباح هذه الشركات بنسبة 6.41 في المائة خلال العام الماضي، فإن معدل العائد على حصص المساهمين وإجمالي قيمة أصول الشركات واصل التراجع خلال الفترة نفسها.
في الوقت نفسه، فإن مبيعات العقارات واصلت نموها مع استمرار ارتفاع أسعار المساكن في المدن الصينية. وينقسم المحللون حول ما إذا كان ارتفاع معدلات ديون الشركات يمكن أن يؤدي إلى انهيار خطير يؤثر على مجالات أخرى، مثل البنوك والتشييد أم لا، وقد يؤدي إلى أزمة اقتصادية عامة في الصين.
ويذكر أن القطاع العقاري في الصين سجل نموًا سريعًا خلال الفترة بين عامي 2000 و2008، ويعد محركًا مهمًا للنمو الاقتصادي، لكن الوحدات العقارية الخالية زادت بشدة، حيث ظلت وحدات سكنية كثيرة خالية بسبب شرائها لأغراض المضاربة.
وفي نهاية شهر مايو (أيار) الماضي، أظهر تقرير أن حجم القروض العقارية في الصين بلغ 1.9 تريليون دولار. حيث تقرض البنوك الكبرى في الصين بشكل أكبر لمشتري المنازل والمطورين، مما يجعلها عرضة لمخاطر أي هبوط في أسواق العقار في ظل الارتفاعات القوية التي شهدتها الأسعار وتزايد عبء الديون على المطورين.
وتبلغ القروض المقدمة للقطاع العقاري من قبل أكبر 5 مصارف في الصين تريليونًا وتسعمائة مليار دولار في نهاية عام 2015، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 11 في المائة عن الفترة ذاتها من عام 2014، كما تمثل هذه القروض 28 في المائة من إجمالي الديون.
وتجدر الإشارة إلى أن الديون المشكوك في تحصيلها نمت إلى أعلى مستوياتها في 11 عامًا، أو نحو 2 في المائة من إجمالي الديون. وقد شهدت بعض شركات القطاع العقاري تعثرًا في تسديد الديون منذ عام 2014.
وعلى صعيد متصل، ذكر تقرير متزامن في منتصف العام الحالي أن الديون غير المنتجة في الصين قد تجاوزت المستوى المسجل في الولايات المتحدة قبل وقوع الأزمة المالية العالمية، في إشارة إلى خطورة ارتفاع الدين في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وقال تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين الدوليين في «دويتشه بنك»، عبر مذكرة بحثية، إن الدين في الصين تم استخدامه لرفع أسعار الأصول في عام 2015. وقارنت المذكرة البحثية مستوى نمو الائتمان المطلوب في الولايات المتحدة والصين من أجل توليد معدل نمو بنسبة 1 في المائة للناتج المحلي الإجمالي.
وشهدت الصين في العام الماضي ارتفاعًا في قيمة الأسهم الصينية، كما صعدت السلع الأساسية مثل خام الحديد والصلب في الصين سلسلة من المكاسب والخسائر الحادة، بفعل الائتمان السهل في البلاد.
وحذر التقرير من أن تباطؤ النمو الاقتصادي من شأنه أن يدفع القروض المصرفية إلى الاتجاه لزيادة عائدات الأصول المالية، وليس إلى إنشاء مزيد من المصانع أو توفير فرص العمل.



سوق الإسكان في الصين تواصل الاستقرار خلال فبراير الماضي

رغم تفشي كورونا الجديد فإن التوقعات تستبعد تأثيره على سوق العقارات في البلاد
رغم تفشي كورونا الجديد فإن التوقعات تستبعد تأثيره على سوق العقارات في البلاد
TT

سوق الإسكان في الصين تواصل الاستقرار خلال فبراير الماضي

رغم تفشي كورونا الجديد فإن التوقعات تستبعد تأثيره على سوق العقارات في البلاد
رغم تفشي كورونا الجديد فإن التوقعات تستبعد تأثيره على سوق العقارات في البلاد

واصلت سوق الإسكان في الصين الاستقرار بشكل عام خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، حيث سجلت 70 مدينة رئيسية ارتفاعاً طفيفاً في أسعار المساكن على أساس شهري، حسب بيانات رسمية صدرت أول من أمس. وأظهرت الإحصاءات أن أسعار المساكن الجديدة في 4 مدن على المستوى الأول، وهي بكين وشانغهاي وشنتشن وقوانغتشو، ظلت دون تغيير على أساس شهري خلال فبراير (شباط) الماضي، مقارنة بنمو نسبته 0.4 في المائة سجل في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وشهدت المدن على المستوى الثاني ارتفاعاً نسبته 0.1 في المائة على أساس شهري في أسعار المساكن الجديدة، بانخفاض 0.1 نقطة مئوية عن الشهر السابق، بينما شهدت المدن على المستوى الثالث أيضاً ارتفاعاً طفيفاً نسبته 0.1 في المائة على أساس شهري في أسعار المساكن الجديدة، مقارنة بزيادة نسبتها 0.4 في المائة سجلت في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وازدادت أسعار المساكن المعاد بيعها في المدن على المستوى الأول على أساس شهري، إلا أنها كانت بوتيرة أبطأ، في حين ظلت الأسعار دون تغيير في المدن على المستوى الثاني، وانخفضت بشكل طفيف في مدن المستوى الثالث على أساس شهري.
وقال كونغ بنغ، الإحصائي في المصلحة، إنه رغم أن تفشي فيروس كورونا الجديد غير المتوقع جلب تأثيراً ملحوظاً على سوق العقارات في البلاد، فقد اتخذت السلطات عدداً كبيراً من السياسات والإجراءات للحفاظ على استقرار سوق العقارات بشكل عام.
وأظهرت بيانات المصلحة أيضاً أن الاستثمارات في التطوير العقاري بالبلاد انخفضت بنسبة 16.3 في المائة على أساس سنوي خلال أول شهرين من العام الحالي. كما انخفضت الاستثمارات في المباني السكنية بنسبة 16 في المائة عن العام الذي سبقه. وذكرت مصلحة الدولة للإحصاء أن الاستثمار في التطوير العقاري بالصين انخفض بنسبة 16.3 في المائة على أساس سنوي في الشهرين الأولين من عام 2020.
إلى ذلك، أفادت صحيفة «تشاينا سيكيوريتيز جورنال» بأن كبار مطوري العقارات في الصين أعلنوا عن ربحية أفضل خلال العام الماضي، وأصدرت 56 شركة عقارات صينية مدرجة في سوق الأسهم «إيه» وسوق هونغ كونغ للأوراق المالية تقاريرها السنوية لعام 2019. وسجلت 29 شركة زيادة في صافي الأرباح. ومن بينها، سجلت الشركات العقارية المدرجة في سوق الأسهم «إيه» أداء أفضل بشكل عام من نظيراتها المدرجة في سوق هونغ كونغ، حسبما ذكرت الصحيفة.
وانخفض متوسط صافي الأرباح العائد لمساهمي 38 مطوراً عقارياً مدرجاً في بورصة هونغ كونغ بنسبة 27.58 في المائة إلى 3.25 مليار يوان (466.3 مليون دولار)، في حين ارتفع صافي أرباح الشركات المدرجة في بورصة «إيه»، البالغ عددها 18 شركة، بنسبة 22.67 في المائة إلى 3.59 مليار يوان.وقالت الصحيفة إن معظم الشركات التي شهدت نتائج مالية محسنة سجلت توسعًا في أصولها وديونها. ومع ذلك، فإن نسبة الأصول إلى الديون التي تخصم من الإيرادات غير المكتسبة، والتي ترتبط بالنتائج المستقبلية لمطور العقارات، انخفضت بسبب المحاسبة المالية المثلى، مما يشير إلى ظروف مالية أفضل.
وقالت الصحيفة إن قطاع العقارات شهد مزيداً من عمليات الدمج والاستحواذ في 2019. وذكرت الصحيفة، نقلاً عن بيانات من معهد الأبحاث العقارية «تشاينا إنديكس أكاديمي»، أنه بصفتها وسيلة فعالة لشراء الأراضي وتوسيع الأعمال التجارية، أبرم مطورو العقارات الصينيون 333 صفقة دمج واستحواذ بقيمة 296.1 مليار يوان في العام الماضي، بزيادة 14.7 في المائة و31.6 في المائة على التوالي على أساس سنوي.
إلى ذلك، كشف بيانات رسمية أن أسعار العقارات الصينية سجلت معدلات نمو أقل في نهاية عام 2019، مقارنة مع العام السابق. وذكر بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، في أحدث تقرير فصلي له حول تطبيق السياسة النقدية، أن أسعار المساكن التجارية حديثة البناء في 70 مدينة كبرى ومتوسطة في أنحاء البلاد ارتفعت بواقع 6.8 في المائة على أساس سنوي بنهاية عام 2019، بانخفاض 3.7 نقطة مئوية مقارنة مع عام 2018.
وارتفعت أسعار المساكن المستعملة بنسبة 3.7 في المائة على أساس سنوي، بانخفاض 4 نقاط مئوية مقارنة مع عام 2018. وكانت المساحة الأرضية للمساكن التجارية المبيعة على مستوى البلاد هي ذاتها لعام 2018. مع ارتفاع المبيعات بنسبة 6.5 في المائة على أساس سنوي، بينما انخفض معدل نمو المبيعات بمعدل 5.7 نقطة مئوية مقارنة مع نهاية عام 2018. وواصل معدل النمو للقروض العقارية الانخفاض على نحو مطرد.
وبنهاية عام 2019، بلغ حجم القروض العقارية من كبرى المؤسسات المالية -بما في ذلك المؤسسات المالية ذات الاستثمار الأجنبي- 44.41 تريليون يوان (6.34 تريليون دولار)، بارتفاع 14.8 في المائة على أساس سنوي. وانخفض معدل النمو بواقع 5.2 نقطة مئوية، مقارنة مع نهاية عام 2018.
ومثل حجم القروض العقارية 29 في المائة من إجمالي القروض. ومن بين القروض العقارية، بلغ حجم قروض الإسكان الشخصي 30.2 تريليون يوان، بزيادة 16.7 في المائة على أساس سنوي. وانخفض معدل النمو 1.1 نقطة مئوية مقارنة مع نهاية عام 2018.
وأظهرت بيانات رسمية أن سوق المساكن في الصين واصلت الحفاظ على الاستقرار بشكل عام في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث سجلت أسعار المساكن في 70 مدينة رئيسية ارتفاعاً معتدلاً بشكل عام على أساس شهري. وأظهرت البيانات الصادرة عن مصلحة الدولة للإحصاء أن 47 من أصل 70 مدينة سجلت ارتفاعاً في أسعار المساكن الجديدة على أساس شهري، بتراجع من 50 مدينة في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.
وبحسب البيانات، فإن أسعار المساكن الجديدة في 4 مدن من الدرجة الأولى، وهي بكين وشانغهاي وشنتشن وقوانغتشو، ازدادت 0.4 في المائة على أساس شهري في يناير (كانون الثاني)، حيث شهد معدل النمو زيادة 0.2 نقطة مئوية عن الشهر الأسبق. كما شهدت مدن الدرجتين الثانية والثالثة في البلاد التي شملها مسح المصلحة ارتفاعاً معتدلاً على أساس شهري في يناير (كانون الثاني)، ولكن بوتيرة أبطأ من الشهر الأسبق.
وارتفعت أسعار المساكن المعاد بيعها في مدن الدرجة الأولى ومدن الدرجة الثالثة على أساس شهري، في حين ظلت الأسعار في مدن الدرجة الثانية ثابتة. وقال كونغ بنغ، الإحصائي الكبير في مصلحة الدولة للإحصاء، إن سوق العقارات ظلت مستقرة بشكل عام في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث تؤكد الحكومات المحلية على مبدأ أن «المساكن للعيش وليس للمضاربة»، إلى جانب تنفيذ آلية إدارة طويلة الأجل للسوق.