الأمم المتحدة تدين «مجزرة عرقية» في جنوب السودان

المتمردون قتلوا مئات المدنيين داخل دور عبادة ومستشفى

الأمم المتحدة تدين  «مجزرة عرقية» في جنوب السودان
TT

الأمم المتحدة تدين «مجزرة عرقية» في جنوب السودان

الأمم المتحدة تدين  «مجزرة عرقية» في جنوب السودان

أعلنت الأمم المتحدة أمس أن مسلحين متمردين في جنوب السودان قتلوا «مئات» المدنيين أثناء سيطرتهم على مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة النفطية الأسبوع الماضي، بينما قال متحدث باسم حركة التمرد إن قواته تتقدم نحو ولاية واراب، التي يتحدر منها الرئيس الجنوبي سلفا كير، مما دفع كير إلى التهديد بنقض اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) الماضي.
ووفق بيان صادر عن الأمم المتحدة أمس، قتل أكثر من 200 شخص في مسجد وقتل آخرون في كنيسة وفي مركز مهجور تابع للأمم المتحدة، فضلا عن مستشفى مدينة بانتيو، والتي سيطر عليها المتمردون في 15 أبريل (نيسان) الماضي. وأضاف البيان أنه «حين سيطر المتمردون على بانتيو، فتشوا مناطق عدة اتخذ منها مئات المدنيين الجنوب سودانيين والأجانب ملجأ لهم، وقتلوا المئات من المدنيين بعد تأكدهم من انتمائهم الإثني وجنسيتهم».
ويتواجه في الحرب الدائرة في جنوب السودان منذ نحو أربعة أشهر القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير من قبيلة الدينكا، والمتمردون الموالون لنائبه السابق رياك مشار من قبيلة النوير. ووفق بيان بعثة الأمم المتحدة، فإن «أكثر من 200 مدني قتلوا، وأصيب 400 آخرون في مسجد». وأكد البيان أن القوات الموالية لمشار «فصلت أشخاصا من جنسيات معينة ومجموعات إثنية ووضعتهم تحت الحماية، بينما قتل الآخرون». وتابعت بعثة الأمم المتحدة أنه «في مستشفى بانتيو، قتل رجال ونساء وأطفال من النوير، لأنهم اختبأوا ورفضوا الانضمام إلى باقي المنتمين إلى النوير الذين يحتفلون بدخول القوات المتمردة إلى المدينة».  وأوضح البيان أن أشخاصا من مجموعات جنوب سودانية أخرى، فضلا عن آخرين من منطقة دارفور، «استهدفوا بشكل خاص وقتلوا في المستشفى». كما طلبت القوات المتمردة من المدنيين اللاجئين إلى الكنيسة وإلى مركز مهجور لبرنامج الأغذية العالمي التصريح بانتماءاتهم الإثنية وجنسياتهم، وقتلوا الكثيرين من بينهم، وفق البيان الأممي.
وعلى صعيد ذي صلة، قال المتحدث باسم المتمردين، جيمس قاديت داك، لـ«الشرق الأوسط»، إن قواته سيطرت صباح أمس على بلدة «ميوم» في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، وهي بلدة استراتيجية لوقوعها على الحدود مع ولاية «واراب»، مسقط رأس الرئيس كير. وأضاف أن قواته دحرت قوات جيش جنوب السودان واستطاعت السيطرة التامة على «ميوم» وما حولها من نقاط، وأن «جيش سلفا كير لم يصمد كثيرا ويعاني كثيرا بعد هبوط معنوياته.. ونحن نتقدم نحو ولاية واراب وهي منطقة مهمة».
وأفاد داك أن قواته تتجه نحو مناطق النفط للاستيلاء عليها و«منع حكومة جنوب السودان من الاستفادة منها لدعم عملياته الحربية واستئجار جنود أجانب من أوغندا والمتمردين في السودان»، حيث تتهم جماعة التمرد ضلوع حركة العدل والمساواة المتمردة ضد الخرطوم في القتال إلى جانب قوات جيش جنوب السودان. ونفت الحركة بشدة أن تكون طرفا في القتال، وقالت إنها تقف على مسافة واحدة في قتال الجنوبيين ولا دخل لها في ما يحدث في جنوب السودان.
من جانبه، قال رئيس وحدة المعلومات والإعلام في جيش جنوب السودان، مالاك أوين، لـ«الشرق الأوسط»، إن قيادة الجيش لم تتلق أي معلومات حول سيطرة المتمردين على بلدة «ميوم»، وقال إن مشار يستخدم المواطنين من قبيلته لمحاربة جيش دولة. وتابع أن «ما يسمى بالجيش الأبيض هم ميليشيا تابعة لمشار وجميعهم من قبيلته.. ونحن لا يمكن أن نستهدف قبيلة أو مجموعات منها. وتعليمات قيادة الجيش الشعبي واضحة وصارمة في عدم التمييز بين مواطني الدولة، لذلك هناك صعوبة في التعامل مع الواقع حيث إن هناك مواطنين يحملون السلاح مع التمرد».
ويتوقع أن تبدأ المحادثات بين وفدي جوبا والمتمردين غدا (الأربعاء) في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وينتظر أن تبدأ بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية الموقع بين الطرفين في يناير الماضي. وقررت الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (الإيقاد)، والتي تقود الوساطة، إرسال قوات من دولها لحماية حقول النفط، كما أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين أنه أبلغ كير الخميس الماضي أن القوات الأفريقية استكملت الاستعدادات لإرسال القوات الأفريقية بنهاية أبريل (نيسان) الجاري.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».