أنقرة تسعى لدعم من التحالف في معركة الباب «الصعبة»

مصادر دبلوماسية لـ «الشرق الأوسط» : اتصالات مكثفة للاتفاق على أطراف «آستانة»

مقاتلون من فصائل المعارضة في حملة «درع الفرات» العسكرية عند مدخل بلدة الراعي التي تم تحريرها من «داعش» أخيرًا بريف حلب الشرقي (رويترز)
مقاتلون من فصائل المعارضة في حملة «درع الفرات» العسكرية عند مدخل بلدة الراعي التي تم تحريرها من «داعش» أخيرًا بريف حلب الشرقي (رويترز)
TT

أنقرة تسعى لدعم من التحالف في معركة الباب «الصعبة»

مقاتلون من فصائل المعارضة في حملة «درع الفرات» العسكرية عند مدخل بلدة الراعي التي تم تحريرها من «داعش» أخيرًا بريف حلب الشرقي (رويترز)
مقاتلون من فصائل المعارضة في حملة «درع الفرات» العسكرية عند مدخل بلدة الراعي التي تم تحريرها من «داعش» أخيرًا بريف حلب الشرقي (رويترز)

اعترفت أنقرة بوجود صعوبات تعرقل معركة الباب التي تعتبر أن حسمها يشكل نقطة تحول كبيرة في المعركة ضد تنظيم داعش الإرهابي منتقدة في الوقت نفسه تقصير التحالف الدولي للحرب على «داعش» في دعمها في هذه المعركة.
وقال إبراهيم كالين المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية في مؤتمر صحافي بالعاصمة أنقرة، أمس، إن بلاده تسعى للحصول على الدعم الجوي لعملية تحرير مدينة الباب تحت اسم «درع الفرات» التي تنفذها قوات من الجيش السوري الحر بدعم من تركيا من سيطرة «داعش»، موضحا: «يجب أن يقوم التحالف الدولي بواجباته فيما يتعلق بالدعم الجوي للمعركة التي نخوضها في الباب. عدم تقديم الدعم اللازم أمر غير مقبول».
ويحاصر مقاتلو الجيش السوري الحر المدعومون من تركيا مدينة الباب منذ أسابيع مع تقدم بطيء وخسائر كبيرة في صفوف الجيش التركي لم يشهدها منذ انطلاق عملية درع الفرات من جرابلس، في 24 أغسطس (آب) الماضي لتطهير الحدود التركية من «داعش» والمقاتلين الأكراد.
وسيطرت قوات درع الفرات خلال معركة الباب على طريقين رئيسيين يربطان الباب بمنبج وحلب إلى جانب السيطرة الأسبوع الماضي على مستشفى المدينة الذي يستخدمه «داعش» كمقر للقيادة وتخزين الأسلحة.
لكن العملية واجهت صعوبات شديدة مع تدرع «داعش» بالمدنيين، حيث جرى الحديث عن سقوط عشرات المدنيين في القصف الجوي والمدفعي التركي لمواقع «داعش» في الباب.
وفي بيان أمس، لفت الجيش التركي إلى مقتل 30 مدنيًا على الأقل، وإصابة آخرين أثناء هروبهم من مدينة الباب، ليل الأحد، جراء انفجار ألغام وقنابل مصنّعة يدويًا زرعها تنظيم داعش الإرهابي.
كما لفت البيان إلى أن عناصر «داعش» أقدموا على إعدام المواطن السوري مصطفى حزّوري الجمعة الماضي، بذريعة قيامه بتهريب مدنيين إلى مناطق سيطرة الجيش السوري الحر، وعرض جثته وسط المدينة بهدف إرهاب السكان.
ويلجأ عناصر «داعش» لإعداد الكثير من الفخاخ المزودة بأجهزة حساسة للحركة، مستخدمين ألغاما وقنابل مصنّعة يدويًا، يزرعونها في المناطق المكشوفة والطرقات والأبنية بعد تمويهها. ويلقى العشرات من المدنيين وخاصة الأطفال، حتفهم يوميًا جراء انفجار تلك الفخاخ. ويعتمد «داعش» على إحداث ثقوب في جدران المنازل واستخدامها كمواقع مسلحة حصينة.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن مقتل أكثر من 100 مدني في مدينة الباب من القصف التركي.
وبشأن ما إذا كانت عملية درع الفرات ستتجه إلى منبج كما صرح بذلك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أكثر من مرة، أوضح كالين أنه كان هناك اتفاق مع الولايات المتحدة على انتقال العناصر الكردية في منبج إلى شرق الفرات، «وما زلنا متمسكين بموقفنا ونتابع الموضوع عن كثب».
وأضاف أن أنقرة لا تزال تواصل اتصالاتها مع واشنطن بشأن عملية تحرير الرقة المعقل الرئيسي لـ«داعش» في شمال سوريا، قائلا إن هذه المدينة محاصرة من قوات سوريا الديمقراطية لكنّ هناك اتفاقا مع واشنطن أنه عند دخولها سيكون الأمر عائدا للجيش السوري الحر، وأن وجهة نظر تركيا كانت واضحة في اتصالاتها مع واشنطن في هذا الشأن: «قلنا لهم لن نقبل دخول الأكراد إلى الرقة ولا يمكن أن يسمح لتنظيم إرهابي بأن يحل محل تنظيم إرهابي آخر».
وبشأن مفاوضات الحل السياسي المرتقبة في آستانة خلال الشهر المقبل، أكد المتحدث الرئاسي التركي أن تركيا وروسيا وإيران ستكون دولا وسيطة فعالة في حل الأزمة السورية، مشددا على ضرورة مشاركة ممثلي المعارضة والنظام السوري في هذه المفاوضات.
وأشار إلى أن أنقرة تشارك في جهود دبلوماسية مكثفة لتعميم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في حلب والتوصل إلى حل سياسي نهائي للأزمة السورية، «وعلينا أن نشرك المعارضة والنظام في هذا الحل. على أن يمثل النظام الجديد جميع أطياف الشعب السوري، ويكون عادلا».
وتواصل أنقرة اتصالاتها مع الأطراف المعنية بمفاوضات آستانة التي من المتوقع أن تعقد منتصف الشهر المقبل في العاصمة الكازاخية. وتناول الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في اتصال هاتفي للتعزية في ضحايا الطائرة العسكرية التي تحطمت الأحد في البحر الأسود مسألة توسع وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية في سوريا، بحسب ما ذكرت مصادر برئاسة الجمهورية.
كما بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني في الدوحة، أمس، التطورات في سوريا بمشاركة رياض حجاب، المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة السورية.
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة تجري مباحثات مكثفة مع كل من روسيا وإيران وفصائل المعارضة السورية في إطار الإعداد لمفاوضات آستانة، وإن تركيا تتمسك بعدة أمور أهمها مشاركة الهيئة العليا للمفاوضات بالائتلاف الوطني للمعارضة السورية والفصائل العسكرية التي شاركت في اجتماعات أنقرة الشهر الماضي مع ممثلين لرئاسة هيئة أركان الجيش الروسي في أنقرة.
وأوضحت المصادر أن تركيا تتمسك بمشاركة ممثلين للجيش الحر وبعض الفصائل المسلحة المدعومة منها والتي باتت موسكو لا تعترض على إشراكها في المفاوضات، ومنها أحرار الشام، وحركة نور الدين زنكي، بينما ترفض بشكل قاطع مشاركة الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وزعيمه صالح مسلم الذي وضعته أنقرة على اللائحة الحمراء للإنتربول، وتتهم حزبه بالضلوع في عمليات إرهابية وقعت مؤخرًا في تركيا، في إطار رفضها القاطع لإقامة فيدرالية كردية في شمال سوريا وتمسكها بوحدة سوريا كبند أساسي في أي مفاوضات، لافتة إلى أنها لن تجد صعوبة في تحقيق هذا الشرط.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».