انتقائية الميليشيات تفض صفقة تبادل أسرى في تعز

الجيش يجدد دعوته للمغرر بهم إلى تسليم أنفسهم

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى اجتماعه مع قادة عسكريين خلال جولته التي يجريها في حضرموت أمس (سبأ)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى اجتماعه مع قادة عسكريين خلال جولته التي يجريها في حضرموت أمس (سبأ)
TT

انتقائية الميليشيات تفض صفقة تبادل أسرى في تعز

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى اجتماعه مع قادة عسكريين خلال جولته التي يجريها في حضرموت أمس (سبأ)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى اجتماعه مع قادة عسكريين خلال جولته التي يجريها في حضرموت أمس (سبأ)

أفشلت ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية عملية تبادل أسرى مع قوات اللواء 35 مدرع، الجيش اليمني، في جبهة الأقروض بمديرية المسراخ، جنوب مدينة تعز.
وكان «من المقرر إتمام عملية تبادل للأسرى بين قوات اللواء 35 مدرع (الجيش اليمني) والميليشيات الانقلابية يوم الخميس الماضي 22 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلا أن الميليشيات تراجعت عن تنفيذ التزامها بتسليم كل الأسرى، مشترطة تسليم الأسرى الحوثيين فقط دون المتحوثين الذين وقعوا في أسر قوات اللواء 35 مدرع أثناء المعارك في الجبهة».
ونقل المركز الإعلامي للواء 35 مدرع عن مصادر قولها إن «الميليشيات الانقلابية رفضت سحب جثث أفرادها الذين لقوا مصرعهم على يد اللواء 35 في جبهة الأقروض بحجة أنهم متحوثون، علاوة على رفض سحب جثتين لمقاتليها من أبناء ماوية بتعز، كانوا قد لقوا مصرعهم في الجبهة وهم: دارس عبد الله ناجي العتابي، وعلي محسن فارع ناصر العتابي».
وأكد اللواء 35 مدرع أن هذه ليست المرة الأولى التي تتخلى فيها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية عن أسراها، وأنها «دائما ما تتخلى عن الأسرى المتحوثين الذين تطلق عليهم الميليشيات لقب (الزنابيل)، وهم الأفراد المنتمون لمحافظات تعز وإب والجنوب الذين يقاتلون في صفوف الحوثيين وهم من خارج الجماعة، في الوقت الذي تبذل مساعي كبيرة للإفراج عن الأسرى الحوثيين الذين تطلق عليهم لقب (القناديل) وهم غالبًا مقاتلون ينتمون لمحافظات شمال الشمال ومحافظة صعدة على وجه الخصوص، وينتمون فعليًا إلى الحركة». كما أكد اللواء إعدام الميليشيات ثلاثة من أسرى الجيش.
بدوره، قال قائد جبهة الأقروض التابعة للواء 35 مدرع، العقيد فؤاد الشدادي، إن «ميليشيات الإجرام الحوثية تستخدم المغرر بهم من أبناء محافظة تعز للقتال في صفوفها دون أي ضمانات تجاه مصيرهم». ودعا الشدادي «أبناء تعز المغرر بهم إلى العودة لصوابهم والحفاظ على أبنائهم الذين تزج بهم ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية لقتال إخوانهم من أبناء تعز، ثم تتخلى عنهم أسرى لدى قوات الجيش اليمني أو جثث تنهشها السباع في الجبال والأودية».
ميدانيًا، جددت ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية هجماتها على مواقع الجيش اليمني في جبهة الأقروض، مصحوبة بالقصف العنيف من مواقع تمركزها على مواقع الجيش وقرى العزلة.
ويترافق ذلك مع المعارك الأخرى التي تشهدها الجبهات الشرقية والغربية والشمالية، وأشدها في الشرقية في ظل استمرار قوات الجيش اليمني من التقدم صوب التشريفات والقصر الجمهوري، وتحقيقها انتصارات متلاحقة في محيط التشريفات بتحريرها عددا من المباني التي كانت تتمركز فيها ميليشيات الانقلاب.
وفي ظل استمرار القصف المستمر على أهالي مدينة تعز وقرى ومديريات المحافظة ما زالت انتهاكات ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية متواصلة والتي أصبح ضحيتها المدنيون، وكل ذنبهم عدم تأييد الانقلاب، ما جعلهم يلاقون التهجير القسري.
وبحسب مصادر ميدانية، قصفت الميليشيات الانقلابية من مواقع تمركزها في المنصورة بمديرية الوازعية، غرب تعز وإحدى بوابات لحج الجنوبية، على مواقع الجيش اليمني والقوات الموالية لها من أبناء المديرية، وذلك في جبل الضعيف في بني عمر والقرى المحيطة بالجبل، في محاولة منها التقدم والسيطرة عليه.
وأضافت المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط» أن «القصف جاء بعد يومين من تهجير ميليشيات الحوثي وصالح لأهالي قرية قناهو في الوازعية، لتجعل من القرية ومنازلهم ثكنات ومخازن أسلحة لهم، وذلك استمرار لعملية تهجير سابقة تعرضت لها المديرية في الأشهر السابقة»، مؤكدة أنه «ما زالت قوات الجيش تتصدى لهجمات الميليشيات في جبهة الأقروض، وكذلك في محيط معسكر التشريفات وتواصل تقدمها للسيطرة بشكل كامل على التشريفات، بعدما وصلت إلى أسواره وبوابة المعسكر، وكذا لهجوم عنيف ومتواصل على جبهة الأقروض الذي تزامن مع وصول تعزيزات عسكرية للميليشيات»، مشيرين إلى أن قوات الجيش «سيطرت على مبانٍ جديدة في محيط التشريفات وسط تراجع في صفوف ميليشيات الحوثي وصالح، بعد سقوط قتلى وجرحى منهم، وتطهير الجيش للمباني التي كانت تتمركز فيها هذه الميليشيات، مع استمرار نزع العبوات الناسفة في المباني وعلى أسوار التشريفات ومدرسة صلاح الدين».
من جانبها، شنت طائرات التحالف العربي، التي تقودها السعودية، غاراتها على مواقع وتجمعات الميليشيات الانقلابية في مناطق متفرقة من تعز، وكبدتهم الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن طيران التحالف شن غاراته على مواقع الميليشيات الانقلابية في معسكر خالد بن الوليد في مفرق المخأ، غرب تعز، وغارات أخرى استهدفت نقطة تابعة للميليشيات في شارع الخمسين، شمال مدينة تعز.
صحيًا، تستمر الميليشيات الانقلابية في منع دخول المساعدات الدوائية والطبية وأسطوانات الأكسجين إلى مستشفيات تعز العاملة، ما فاقم من الوضع الصحي.
وتلبية لنداء الاستغاثة الذي أطلقه مستشفى الروضة، قدمت مؤسسة «جنات التنموية»، أسطوانات أكسجين للمستشفى، وبدعم من فاعلات خير وإشراف من برنامج «رحماء»، وذلك بعد تلقيها نداء الاستغاثة. وبلغ إجمالي الأسطوانات المقدمة 50 أسطوانة أكسجين، في ظل استمرار استقبال المستشفى يوميًا لحالات الجرحى والإصابات من أبناء المدينة منذ بدء الحرب، حيث تعد هذه المرحلة التاسعة، والتي تزود المستشفيات العاملة في مدينة تعز لإنقاذ أرواح عشرات الجرحى والمصابين.
ودعت إدارة المستشفى لـ«استمرار المنظمات الإنسانية في تقديم المساعدات الطبية للمستشفى حتى يستمر في تقديم خدماته مع استمرار الحرب وتدفق عشرات الجرحى يوميًا للمستشفى».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.