انشقاقات انقلابية في الجوف وتصعيد للجيش بتهامة

قوات «الشرعية» في كهبوب تتقدم صوب مديرية ذباب

نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر متحدثًا مع المقاتلين في إحدى جبهات نهم (سبأ)
نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر متحدثًا مع المقاتلين في إحدى جبهات نهم (سبأ)
TT

انشقاقات انقلابية في الجوف وتصعيد للجيش بتهامة

نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر متحدثًا مع المقاتلين في إحدى جبهات نهم (سبأ)
نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر متحدثًا مع المقاتلين في إحدى جبهات نهم (سبأ)

أعلن محافظ الجوف اللواء أمين العكيمي عن انشقاق مقاتلين من جماعة الحوثي وانضمامهم في صفوف الشرعية، وقال: إنهم باتوا أكثر قناعة من ذي قبل «بأن الميليشيات ليس لها مشروع غير القتل والدمار، وأن المشروع الظلامي الذي عبث باليمن أرضًا وإنسانًا يدفع كل ذي عقل إلى الاختلاف معه والوقوف ضده».
وسلم عدد من المقاتلين والقيادات الميدانية أنفسهم إلى المحافظ العكيمي معلنين انشقاقهم عن جماعة الحوثي وانضمامهم إلى صفوف الشرعية، بينهم القيادي محمد الاهنوم أحد أقرباء القيادي الحوثي سام الملاحي المعين من قبل الانقلابيين محافظا للجوف. وكان العكيمي دعا قبل أيام، أبناء القبائل لمغادرة صفوف الانقلابيين والعودة إلى جادة الصواب والالتحاق بصفوف الشرعية.
ميدانيا، قالت مصادر عسكرية يمنية إن قوات الجيش اليمني واصلت هجماتها المباغتة على مواقع وتجمعات الميليشيات الانقلابية في محافظات إقليم تهامة، إذ شنت هجمات في مدينة الحديدة ومديرية باجل التابعة للمحافظة، استهدفت خلالها عناصر من الميليشيات، كما شنت القوات هجومها على نقطة تفتيش للميليشيات في منطقة الخشم بمحافظة حجة، إلى جانب وادي بن علي في مديرية الشغادرة، وأسفرت الهجمات عن وقوع قتلى وإصابات في صفوف الميليشيات.
ودعا محافظ محافظة الحديدة – رئيس اللجنة التنسيقية لمحافظي إقليم تهامة، عبد الله أبو الغيث، جميع الهيئات الإنسانية والإغاثية لإنقاذ نازحي محافظة حجة، التابعة لإقليم تهامة، وانتشالهم من كارثة إنسانية تعصف بهم.
كما طالب في بيان «جميع المنظمات المحلية والدولية بالالتفات لكارثة المجاعة والتشرد التي تعصف بنازحي حرض وميدي وبكيل المير وحيران ومستبا وعبس، جراء تهجيرهم من منازلهم ومزارعهم من قبل ميليشيات الحوثي وصالح التي انقلبت على الشرعية وفرضت حروبًا بالجملة ضد أبناء الإقليم التهامي خصوصًا واليمن عمومًا».
وفي جبهة أخرى، تجددت المواجهات في مناطق التماس بين محافظتي لحج وتعز أمس عقب محاولات فاشلة لميليشيات الحوثي وصالح اختراق جبال ومواقع استراتيجية تحت سيطرة مقاتلي الجيش اليمني بمديرية المضاربة، وباب المندب شمال غربي محافظة لحج.
وأوضح أحمد الصبيحي المتحدث باسم جبهات الصبيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن القوات خسرت اثنين من مقاتليها أمس وهما فهد عبد الله المحولي وصفوان مريبش المحولي، إثر إصابتهما بقذائف استهدفت مواقع الجيش اليمني بمنطقة المشرف المحاذية لمنطقة الاحيوق، في حين سقط قتلى من ميليشيات الحوثي وصالح إثر رد مدفعية الجيش في المنطقة ذاتها.
وفي جبهات كهبوب الاستراتيجية المطلة على ممر الملاحة الدولية باب المندب؛ تواصل قوات الجيش اليمني عملياتها العسكرية في التصدي للميليشيات والتقدم ناحية مديرية ذباب التابعة لمحافظة تعز.
ولفت ضباط بجبهات كهبوب والصبيحة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قوات الشرعية باتت على مشارف ذباب وبانتظار قرار القيادات العسكرية العليا لبدء معركة تحرير تعز عبر أكثر من محور، وبما فيها المحور الساحلي ولم يدلِ بأي تفاصيل أكثر كونهم غير مخولين بالحديث لوسائل الإعلام كما يقولون.
وبالعودة إلى جبهات كرش الاستراتيجية، تتواصل فيها انتصارات الجيش وسط معارك كر وفر مع الميليشيات التي فشلت في إحراز أي تقدم لها ناحية كرش ورغم استمرار التعزيزات العسكرية الواصلة لها، فإن غارات التحالف ومدافع مقاتلي الجيش اليمني سرعان ما تكون لهم بالمرصاد لتدمير أي عتاد عسكري للميليشيات قادم من تعز.
وعلى صعيد تطورات الجبهات في مناطق بيحان بمحافظة شبوة (شرق البلاد)، تتواصل المواجهات بشكل متقطع في بيحان العليا وعسيلان عقب فشل الميليشيات في إحراز أي تقدم بالمناطق النفطية التي تمثل العمق وتربط محافظة شبوة بمحافظات مأرب والبيضاء وحضرموت، وفقا لمصادر الجيش والمقاومة.
وكشفت مصادر محلية وعسكرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تحركات واستعدادات مكثفة تجريها قيادات قبلية وعسكرية في بيحان ومحافظة شبوة، بعد التغيرات الأخيرة التي أجراها الرئيس منصور هادي بتعيين قيادات عسكرية رفيعة في اللواءين 19 و21 مشاة في بيحان، ومعلومات عن انطلاق حملة عسكرية ضخمة لتحرير ما تبقى من مناطق مديريتي بيحان وعسيلان من 16 مديرية تضمها محافظة شبوة منها 95 في المائة تحت سيطرة قوات الشرعية اليمنية. وتأتي تلك التطورات في ظل الانتصارات المتتالية التي تحققها قوات الجيش اليمني في جبهات نهم بمحافظة صنعاء وفي الجوف وصعدة وميدي والبيضاء خلال أمس والأسبوع المنصرم.
وفي تعز، تواصل قوات الجيش اليمني تقدمها إلى معسكر التشريفات، شرق تعز، بعد تقدمهم إلى أسوار المعسكر وسيطرتهم على مبان كانت تتمركز بها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، علاوة على إفشالها لمحاولات الميليشيات المتكررة في مختلف جبهات القتال الغربية والجنوبية والشمالية، للتقدم إلى مواقعها واستعادة مواقع تم دحر الميليشيات منها.
وبحسب مصادر عسكرية ميدانية لـ«الشرق الأوسط» تمكنت قوات الجيش اليمني من نزع الكثير من العبوات الناسفة التي كانت معدة للتفجير في مدرسة صلاح الدين، المجاورة لمعسكر التشريفات التي يفصل بينهما الشارع الرئيسي الذي يصل إلى بوابة القصر الجمهوري، حيث كانت معدة للتفجير في المدرسة ومحيط المدرسة، في حين استكملت تطهير المبنى الثاني من المدرسة.
وذكرت أن «ميليشيات الحوثي وصالح جددت الهجوم على قرية المديهين وموقع المكلل (شرقا)، ويرافقها القصف العنيف من مواقعها في الحوبان، على مواقع الجيش ومنازل المواطنين، في محاولة مستميتة منها التقدم، بالإضافة إلى شن هجمات أخرى في الجبهات الغربية والشمالية وريف تعز، وجبهتي حيفان والصلو، جنوب المدينة»، مشيرين إلى «مقتل خمسة من الميليشيات في المعارك التي شهدها محيط معسكر التشريفات، جراء استهدافهم بنيران الجيش، وسقوط عدد من الجرحى».
كما شهدت جبهة الاحكوم بمديرية حيفان (جنوبا)، معارك عنيفة على إثر استمرار محاولة الميليشيات الانقلابية التسلل إلى مواقع الجيش اليمني في الخضراء.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.