ملفات سياسية واقتصادية في أول زيارة لهادي إلى حضرموت

مستشار الرئيس اليمني: نواجه «خلايا نائمة» وسندحر الإرهاب والانقلاب

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى وصوله إلى المكلا أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى وصوله إلى المكلا أمس («الشرق الأوسط»)
TT

ملفات سياسية واقتصادية في أول زيارة لهادي إلى حضرموت

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى وصوله إلى المكلا أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لدى وصوله إلى المكلا أمس («الشرق الأوسط»)

يبحث الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته الوضع في محافظة حضرموت (جنوب شرقي البلاد)، وذلك خلال زيارة بدأها، فجر أمس، هي الزيارة الأولى له إلى المحافظة منذ استعادة السيطرة عليها من قبضة تنظيم القاعدة في أبريل (نيسان) الماضي، على يد قوات الجيش اليمني، وبدعم مباشر من قوات التحالف.
وأكد مستشار رئاسي يمني أن زيارة الرئيس هادي إلى حضرموت «تأكيد على أن المناطق المحررة تنعم بالاستقرار والسلام، وتتجه حاليا نحو إعادة البناء، دون أن تتناسى حق الدفاع عن النفس، وتحارب حتى انتصار مشروع الدولة الاتحادية».
وردا على سؤال حول الوضع الأمني في المناطق المحررة، وتحديدا حضرموت، بعد أشهر من استعادة السيطرة عليها، قال عبد العزيز المفلحي، مستشار الرئيس اليمني لـ«الشرق الأوسط»، إن الوضع الأمني مستقر تماما «لكن ما نشهده أنه توجد خلايا نائمة، وهذا أسلوب خفافيش الظلام الذين يحاولون تعكير صفو الحياة في المناطق المحررة»، مؤكدا صمود قيادة الشرعية «أمام هذه الأعمال القذرة، التي لن تزيدنا إلا قوة وستعطينا من الإرادة ما يكفي للاتجاه صوب الهدف النهائي وهو إسقاط الانقلاب».
وتأتي زيارة الرئيس هادي إلى المكلا، عاصمة حضرموت، بعد أن بسطت قوات الشرعية سيطرتها الكاملة على المحافظة، ولتبحث الزيارة جملة من الملفات الرئيسية، أمنيا وسياسيا واقتصاديا، أهمها إنهاء سيطرة الانقلابيين في صنعاء على منشآت وموارد النفط في حضرموت، التي تعد محافظة نفطية، وذلك بعد أيام على اتخاذ السلطة المحلية بالمحافظة إجراءات في هذا الاتجاه، كما تبحث الزيارة الترتيبات التي تجرى لإعلان إقليم حضرموت، والذي يضم إلى جانب حضرموت، محافظات المهرة وشبوة وأرخبيل جزيرة سقطرى.
ويقول المحلل السياسي اليمني علي الكثيري، إن زيارة هادي هي الأولى إلى حضرموت «منذ تحرير عاصمتها وجميع مديريات ساحلها من سيطرة عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في أبريل 2016. ولهذا فإن أبناء حضرموت يأملون في أن تسفر هذه الزيارة عن مزيد من الدعم الرئاسي لجهود بناء مؤسسات السلطة المحلية المدنية والعسكرية والأمنية بحضرموت، على النحو الذي يعزز من تمكين أبناء حضرموت من حقهم في إدارة شؤونهم المحلية والاستفادة من ثرواتهم، وتولي جميع المهام والمسؤوليات في مختلف الشؤون الأمنية والعسكرية والمدنية».
وأضاف الكثيري أن الزيارة تأتي «في ظل تواصل الاستعدادات لعقد مؤتمر حضرموت الجامع، الذي سيقول من خلاله أبناء حضرموت كلمتهم الفصل وسيتوحدون على رؤية واحدة تحدد مطالبهم في أي وضع سياسي مقبل لليمن، لذلك فإن الأمل في أن تسهم زيارة الرئيس عبد ربه منصور هادي في الدفع بتلك الجهود والاستعدادات إلى حيث يتأتى إنجاح المؤتمر الذي يلتف حوله كل أبناء حضرموت في الداخل والخارج».
وقال: «لا شك في أن ملف الشركات النفطية وحق حضرموت في الاستفادة من ثرواتها بعيدا عن السطوة الحكومية المركزية (صنعاء)، سيكون على رأس الموضوعات التي ستحظى بمساحة واسعة من النقاش في إطار زيارة الرئيس إلى حضرموت».



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.