مصادر روسية: ضعف قوات الأسد استلزم إرسال وحدات خاصة

لم يعد موضوع وجود قوات برية روسية في سوريا، سرًا، وموسكو التي كانت تصر على نفي وجود قوات برية هناك، أعلنت مؤخرا عبر وسائل إعلامها، عن وصول كتيبة من قوات الشرطة العسكرية للحفاظ على الأمن في مدينة حلب.
وأمس توقفت صحيفة «كوميرسانت» الروسية عند هذا الموضوع، ضمن تقرير موسع بعنوان: «العام السوري - كيف عززت روسيا نشاطها العسكري والسياسي في الشرق الأوسط»، تؤكد فيه أن العمليات التي كانت تقوم بها قوات النظام السوري في الدفاع والهجوم، كانت تجري بدعم من جانب القوات الجوية الروسية، بل ومن جانب ضباط قوات المشاة الروسية وعناصر الوحدات الخاصة الذين تم إرسالهم إلى سوريا، مشيرة إلى أن موسكو تمسكت بنهجها هذا على الرغم من سيل الانتقادات والاتهامات بأنها تتدخل في النزاع بين الأطراف السورية إلى جانب نظام الأسد وتقصف المدنيين.
وبعد جزمها بأن الحملة الروسية في سوريا ستتصاعد عام 2017، مما يعني زيادة دور القوات الروسية هناك، تشير «كوميرسانت» نقلا عن مصدر من أوساط الإدارة العسكرية، إلى أن المقاتلين كانوا في وضع جيد بداية عام 2016، بينما كانت قوات النظام ضعيفة. و«من أصل 130 ألف جندي أعلنت أركان الجيش السوري أنهم قوة فعلية، لم يكن هناك أكثر من 20 - 25 ألف قادرين على القتال». ويؤكد المصدر العسكري الروسي أنه لم يكن بالإمكان الحديث في ظل ذلك الوضع عن تحقيق قوات النظام نجاحات استراتيجية؛ «إذ لم يكن كافيًا تأمين الغطاء الجوي فحسب للقوات الحكومية أثناء الهجوم، وكان لا بد من تأمين الدعم لهم على الأرض»، لافتًا إلى أن القيادة الروسية لم تكن راغبة باتخاذ قرار إرسال قوات برية إلى سوريا، نظرا للتوتر بينها وبين قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب، «فكان لا بد من إيجاد مخرج عاجل من هذا الوضع».
ويوضح المصدر العسكري الروسي للصحيفة، أن روسيا قامت بإرسال عناصر «سطع مدفعي»، (مراقبون لتوجيه القصف المدفعي)، إلى محافظة حمص، أشرفوا على عمل 6 مدافع «هاوتزر»، وتم نقلهم من كيميروفا في روسيا لتعزيز قوات الأسد، مضيفًا أن الخبراء العسكريين الروس كانوا في غضون ذلك يساعدون قيادة أركان قوات النظام، ميدانيا، لوضع الخطط العسكرية، بينما كانت المقاتلات الروسية تشن غارات مكثفة على مواقع المقاتلين.
أما الاستخدام الأكثر نجاحا للقوات البرية الروسية في المعارك في سوريا فكان في تدمر، وفق ما يقول مصدر من قيادة الأركان الروسية في حديثه لصحيفة «كوميرسانت»، لافتًا إلى أنه تم إرسال «وحدات خاصة عبارة عن عدة مجموعات مهيأة للمشاركة في المعارك، وتنفيذ أعمال تخريبية»، مؤكدا أنهم «كانوا يقدمون إحداثيات الأهداف للمقاتلات الروسية، ويشاركون في الوقت ذاته في المواجهات على الأرض». وتشير الصحيفة إلى أن «وزارة الدفاع الروسية على قناعة بأنه دون دعم تلك الوحدات، لم تكن قوات الأسد لتتمكن أبدا من تنفيذ تلك المهمة في تدمر. وكل المهام في التخطيط وتنفيذ العملية، بما في ذلك نزع الألغام من تدمر، وقعت على عاتق الضباط الروس». من ثم تُذكّر «كوميرسانت» بأن قوات النظام خسرت تدمر مجددا في شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتقول، بناء على معلومات متوفرة لديها، إن «المطلوب من تلك القوات الآن الحفاظ على مواقعها الحالية، وانتظار الدعم من حلب. ومجددا ستساعدهم الوحدات الخاصة الروسية للدخول إلى تدمر».
كما تتوقف الصحيفة الروسية عند الإنفاق الروسي على العملية العسكرية في سوريا، وتلفت في هذا السياق إلى ما قاله بوتين بأن 5 أشهر من تلك العملية كلفت الميزانية العسكرية الروسية 33 مليار روبل (ما يعادل نصف مليار دولار تقريبا). وحول مصدر تمويل العملية في سوريا، يؤكد مصدر رفيع المستوى في وزارة الدفاع الروسية لصحيفة «كوميرسانت»، أن «التمويل تم تأمينه من حساب تحويل الإنفاق المخصص للمناورات في روسيا لتغطية العملية في سوريا. وجزء آخر من التمويل تم تأمينه عبر تقليص الإنفاق في فقرات أخرى من الميزانية الروسية». أما الصحيفة ذاتها، فإن معطياتها الخاصة تشير إلى أن إجمالي ما قد تحتاج روسيا لإنفاقه على العملية السورية خلال عام يتراوح بين 120 - 130 مليار روبل روسي (2 - 2.1 مليار دولار أميركي تقريبًا».
وفي ختام تقريرها تنقل «كوميرسانت» عن ضابط من قيادة الأركان الروسية قوله إن «العلاقة مع إيران كانت متقلبة»، وهي أرسلت ما يسمى «حزب الله» اللبناني للمشاركة في القتال إلى جانب الأسد، «أما تعزيزات الحرس الثوري الإيراني الموعودة فلم يرها أحد»، في إشارة منه إلى بعض جوانب الخلافات بين موسكو وطهران في سوريا، لافتا إلى أن «موسكو وطهران تمكنتا من تسوية المسائل المتعلقة بإشراك قاعدة همدان الجوية (في العمليات في سوريا)، وسيعمل الخبراء الإيرانيون على تعزيز تدريبات الوحدات الخاصة السورية، وسيشاركون جنبا إلى جنب وعلى قدم المساواة مع الخبراء العسكريين الروس في وضع خطط العمليات».