هل يتمكن اليسار في أميركا اللاتينية من تجديد نفسه؟

بعد هزائمه المتتالية في صناديق الاقتراع واختفاء العديد من رموزه السياسيين

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يلقي خطابا وخلفه صورة للزعيمين فيديل كاسترو وهوغو شافيز (أف.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يلقي خطابا وخلفه صورة للزعيمين فيديل كاسترو وهوغو شافيز (أف.ب)
TT

هل يتمكن اليسار في أميركا اللاتينية من تجديد نفسه؟

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يلقي خطابا وخلفه صورة للزعيمين فيديل كاسترو وهوغو شافيز (أف.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يلقي خطابا وخلفه صورة للزعيمين فيديل كاسترو وهوغو شافيز (أف.ب)

بعد نحو عشرين عامًا على اجتياحه أميركا اللاتينية، يواجه اليسار في هذه القارة تحدي إعادة ابتكار نفسه، في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لاستقبال عهد دونالد ترامب.
وفي حدث ينطوي على بعض الرمزية، طويت صفحة مهمة في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوفاة فيدل كاسترو، الذي كان مصدر وحي ودعم لكثير من المتمردين السابقين والقادة النقابيين، الذين وصلوا إلى السلطة في الألفية الثالثة.
وبدفع من شخصيات مثل هوغو تشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، ولويس إيناسيو لولا دا سيلفا في البرازيل، تمكن يسار متنوع وفي أوج عملية تجديد متواصلة من تولي السلطة في نحو 15 بلدًا داخل أميركا اللاتينية. لكن يوم وفاة زعيم الثورة الكوبية لم يبق من هؤلاء في السلطة سوى ثمانية.
ومن الانتخابات الرئاسية في دولتي البيرو والأرجنتين، إلى الاستفتاء في بوليفيا والانتخابات التشريعية في فنزويلا، يواجه اليسار هزيمة تلو الأخرى في صناديق الاقتراع، وتابع بعجز إقالة ديلما روسيف في البرازيل بتهمة التلاعب بحسابات عامة. كما يمكن أن تواصل «الموجة الوردية» تراجعها في القارة. فرئيس الإكوادور رافايل كوريا لن يحاول البقاء في منصبه لولاية ثالثة في 2017، ورئيسة تشيلي ميشيل باشيليه تستعد لمغادرة السلطة بعد ولاية شابتها فضائح ووعود لم تف بها.
وفي هذا الصدد قال مايكل شيفتر من المعهد الفكري الأميركي «إنتر أميركان دايلوغ» إن عاملين كانا حاسمين في ضعف هذا اليسار: الأول تراجع أسعار المواد الأولية التي كانت عائداتها تدعم هذه الحكومات، والثاني رغبة طبيعية في التغيير.
وهذه الانتكاسات المتتالية تؤدي بحكم الأمر الواقع إلى تراجع تأثير كوبا، التي تعد المرجع الأخير لليسار الأميركي اللاتيني. وقد تأثرت داخليًا أيضًا بالأزمة الخطيرة التي تواجهها حليفتها الرئيسية التي تمدها بالنفط فنزويلا.
ومع بدء تقارب تاريخي مع الولايات المتحدة في عهد باراك أوباما، تمكنت الجزيرة من تحسين صورتها، وتبدو مقبولة في نظر الدول الغربية الأخرى. لكن كوبا لم تعد بلدا لا يمكن تجاوزه في القارة، وأصبح على قادة الثورة التركيز أولاً على تحديين أساسيين هما إعادة بناء اقتصاد قائم على أسس قديمة، ونقل السلطة المقرر خلال أقل من 15 شهرًا بين راؤول كاسترو والجيل الجديد.
وبهذا الخصوص قال الدبلوماسي السابق بول ويبستر هير، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بوسطن في الولايات المتحدة، إن «التمثيل الدولي في جنازة فيدل لم يكن بالمستوى الذي كان يتوقعه البعض، وهذا يعني أن مكانة كوبا تتراجع». وفي هذا الإطار أيضًا توقع الخبير أن «تحث دول مثل روسيا والصين راؤول كاسترو على التخلي عن شاعرية الثورة القديمة، وإجراء إصلاحات حقيقية في الاقتصاد».
وفي قارة تشهد انكماشًا منذ سنتين، تصطدم الاشتراكية «الأسطورية» وسياسات إعادة التوزيع بالواقع، وتضر بها أخطاء بعض القادة الذين لم يظهر خلفاء لهم بعد.
ففي دول مثل بوليفيا والإكوادور حيث السلطة ماثلة بشكل واضح، يتوجب على التحالفات القائمة منذ نحو عشر سنوات أن «تتعلم كيف تنظم صفوفها كأحزاب معارضة»، كما قال كريستوفر ساباتيني من جامعة كولومبيا في نيويورك. وخلال أقل من شهر، سيكون على اليسار الأميركي اللاتيني التعامل مع وضع جديد هو دخول الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
لكن الكثير من الخبراء يرون أنه من المبكر جدًا الحديث عن «تهديد يشكله ترامب»، إذ إنه لا يبدو مهتمًا بأميركا اللاتينية باستثناء القضايا المتعلقة بالهجرة. لكن شيفتر رأى أن ميله إلى الاستفزاز يمكن أن يؤدي إلى إيقاظ التيار الاشتراكي، وأضاف هذا الخبير موضحًا أنه «إذا حاول ترامب إعادة استراتيجية هيمنة في أميركا اللاتينية بلهجة وأسلوب عدائي، فإن هذا سيؤدي إلى رد فعل في المنطقة كلها»، مؤكدًا أنه يمكن أن «نشهد بذلك ظهور قادة يساريين جدد» في القارة.
ورأى رئيس الإكوادور رافاييل كوريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن وصول ترامب إلى السلطة قد يكون «أفضل لأميركا اللاتينية»، مذكرا بأن «الرفض» الذي غذاه جورج بوش سمح «بوصول حكومات تقدمية» إلى السلطة خلال ولايتيه الرئاسيتين (2001 - 2009).



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.