مصر تقدم روايتين لأسباب سحب مشروع قرار «إدانة الاستيطان» بمجلس الأمن

بعد غضب شعبي وحرج دولي

مصر تقدم روايتين لأسباب سحب مشروع قرار «إدانة الاستيطان» بمجلس الأمن
TT

مصر تقدم روايتين لأسباب سحب مشروع قرار «إدانة الاستيطان» بمجلس الأمن

مصر تقدم روايتين لأسباب سحب مشروع قرار «إدانة الاستيطان» بمجلس الأمن

قدمت الخارجية المصرية، أمس، رواية ثانية حول أسباب سحب القاهرة مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن، بعد ساعات من رواية أولى تبنتها سلطات البلاد، في محاولة لتجاوز حرج دولي وغضب شعبي، فاقمه تبني مجلس الأمن للقرار بعد إصرار 4 دول على الدفع به مجددًا.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أحمد أبو زيد، في بيان أمس، إن بلاده سحبت مشروع القرار الفلسطيني الخاص بالاستيطان لخشيتها من احتمالات استخدام حق النقض (الفيتو)، ولرغبتها في الحفاظ على توازن يسمح لها بأن تكون طرفًا فعالاً في أي مفاوضات مستقبلية.
وأوضح أبو زيد أنه في ضوء استمرار وجود احتمالات لاستخدام الفيتو على مشروع القرار، وتمسك الجانب الفلسطيني وبعض أعضاء المجلس بالتصويت الفوري عليه رغم المخاطر، فقد قررت مصر سحب المشروع لإتاحة مزيد من الوقت للتأكد من عدم إعاقته بالفيتو، وهو ما تحقق بالفعل لاحقًا، وشجع دولاً أخرى على إعادة طرح ذات النص للتصويت.
وسحبت مصر مسودة مشروع القرار، لكن نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال دعت إلى التصويت على المشروع، الذي حظي بموافقة 14 دولة، وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.
وتبنى مجلس الأمن الدولي، الجمعة، قرارًا يطالب بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت. ووافقت 14 دولة على القرار وضجت القاعة بالتصفيق. وهذا أول قرار يتبناه المجلس بشأن إسرائيل والفلسطينيين منذ نحو 8 سنوات.
وجاء التعليق المصري بعد 24 ساعة من رواية أولى حول أسباب التراجع عن طرح مشروع القرار. وحملت الرواية الأولى توقيع مؤسسة الرئاسة التي قالت إن قرارها جاء في مسعى لمنح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مزيدًا من الوقت لطرح حل متكامل.
وكان الرئيس الأميركي المنتخب قد اتصل هاتفيًا بالرئيس السيسي لإقناعه بإفساح مزيد من الوقت لإدارته التي لم تتسلم السلطة بعد. وقال بيان للرئاسة أول من أمس إن الاتصال تناول «مشروع القرار المطروح أمام مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي، حيث اتفق الرئيسان على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأميركية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كل أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية».
ولم يشر بيان الرئاسة إلى احتمالية أن تستخدم الإدارة الأميركية حق النقض، كما أكدت مصادر دبلوماسية في وقت سابق على التصويت أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لا تعتزم استخدام الفيتو ضد القرار.
لكن المتحدث باسم الخارجية المصرية، قال في بيانه أمس، إن قرار بلاده جاء بعد أن أعلن الرئيس الأميركي المنتخب أن موقف الإدارة الانتقالية هو الاعتراض على المشروع، مطالبًا الإدارة الأميركية الحالية باستخدام حق الفيتو.
وتابع أبو زيد أن مصر باعتبارها شريكًا رئيسيًا في رعاية أي مفاوضات مستقبلية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بالتنسيق مع الإدارة الأميركية الجديدة، كان من المهم أن تحافظ على التوازن المطلوب في موقفها لضمان حرية حركتها وقدرتها على التأثير على الأطراف في أي مفاوضات مستقبلية بهدف الوصول إلى تسوية شاملة وعادلة تضمن استرجاع كل الحقوق الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية.
وتسبب القرار المصري في موجة من الغضب الشعبي تجلت على شبكات التواصل الاجتماعي، كما تسبب الترحيب الدولي والعربي لقرار مجلس الأمن في حرج بالغ للدبلوماسية المصرية.
وعبر محمد البرادعي، النائب السابق للرئيس المصري عن أسفه من أن تفقد بلاده ما أسماه «بوصلتها القومية أو التزامها الأخلاقي» أيًا كانت الضغوط والمصالح الضيقة، على حد تعبيره.
وتقدم النائب هيثم الحريري بطلب إحاطة لوزير الخارجية، حول موقف ممثل مصر بمجلس الأمن الدولي، من مشروع قانون يجرم الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال الحريري إنه يتقدم بطلب الإحاطة حول موقف ممثل مصر بعد تقديم مشروع القرار ثم سحبه وتأجيله ثم التصويت مع القرار مرة أخرى بعد تقديمه من دول أخرى غير عربية.
وأضاف الحريري أن «هذا الموقف أساء إلى تاريخ مصر ومواقفها التاريخية من القضية الفلسطينية، والرأي العام المصري يسأل عن أسباب ما حدث». وبدا مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة، عمرو أبو العطا، أكثر وضوحًا في تفسيره لأسباب قرار بلاده بعد أن قال خلال كلمته في مجلس الأمن التي نقلها التلفزيون المصري: «اضطررنا لسحب مشروع قرار إدانة الاستيطان بسبب الضغوط والمزايدات».
وأوضح أبو العطا أنه لا أحد يستطيع أن يشكك في دور مصر تجاه القضية الفلسطينية، وأن مصر ترفض المزايدات على دورها مع فلسطين شكلاً وموضوعًا.
وتابع: «المواقف المصرية الثابتة لا يمكن التشكيك فيها إزاء الحقوق الفلسطينية المشروعة.. نرفض المساومة وصوّتنا على قرار وقف الاستيطان الإسرائيلي».
وأشار مندوب مصر إلى أن «مزايدة حدثت أثناء قيام مصر بمشاورات سياسية مكثفة منذ طرح مشروع القرار، لضمان الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة، من خلال تسوية دائمة وعادلة، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة».
وأضاف أبو العطا: «مصر أول من حمل السلاح دفاعًا عن الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة، وأول من دشن السلام مع إسرائيل، إيمانًا منها بجدوى السلام بدلاً من النزاع المسلح، وتدعم السلام في الشرق الأوسط على أساس مبدأ حل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).