عمليات الإجلاء من حلب متواصلة رغم الصعوبات

مسؤول بالمعارضة: من الصعب تقدير عدد المتبقين في المدينة لكنهم بالآلاف

عمليات الإجلاء من حلب متواصلة رغم الصعوبات
TT

عمليات الإجلاء من حلب متواصلة رغم الصعوبات

عمليات الإجلاء من حلب متواصلة رغم الصعوبات

تتواصل اليوم (الخميس)، آخر مراحل عملية إجلاء مقاتلين ومدنيين التي استمرت خلال الليل، من آخر جيب تسيطر عليه الفصائل المعارضة في مدينة حلب، وفق ما أفادت متحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا إنجي صدقي لوكالة الصحافة الفرنسية: «استمرت العملية خلال الليل». وأضافت: «نتوقع خروج عشرات الحافلات والسيارات الخاصة اليوم، على أن تستمر العملية طوال اليوم وحتى المساء». وتابعت: «نتوقع خروج آخر القافلات خلال ليل الخميس، وإذا استمرت الأمور بسلاسة قد تنتهي عملية الإجلاء ليلا»، مشيرة إلى أن «الحافلات موجودة في شرق حلب وننتظر خروجها».
ومنذ بدء عملية الإجلاء التي جرى التوصل إليها بموجب اتفاق روسي تركي إيراني، بشكل متقطع الخميس، أحصت اللجنة الدولية للصليب الأحمر خروج نحو 30 ألف شخص من شرق حلب. وأكدت إجلاء كل الجرحى والمرضى من ذوي الحالات الحرجة خلال الأيام الأخيرة.
وقال مسؤول في الأمم المتحدة في سوريا لوكالة «رويترز» للأنباء اليوم، إنّ المركبات ما زالت تتدفق إلى خارج شرق حلب صباح اليوم، بعد عملية إجلاء لليلة تحت مراقبة المنظمة الدولية.
ويبدو أنّ الثلوج والطقس السيئ والحالة السيئة لبعض السيارات أبطأت عملية الإجلاء من شرق حلب، حيث لم يتبق سوى عدد قليل من مقاتلي المعارضة ينتظرون المغادرة بموجب اتفاق مع النظام السوري.
من جانبه، أفاد متحدث باسم جماعة من المعارضة المسلحة أنّ آلاف المدنيين والمقاتلين ينتظرون اليوم، إجلاءهم من آخر جيب للمعارضة في مدينة حلب، لكنّ صعوبات من بينها ظروف جوية قاسية تعقد المرحلة الأخيرة من العملية.
وقال أحمد قره علي المتحدث باسم جماعة أحرار الشام التي تشارك في المفاوضات لـ«رويترز» إنّ أعدادًا كبيرة تبقت وإنّ من الصعب تقدير عدد المتبقين، لكنهم بالآلاف.
وغادر الآلاف شرق حلب منذ نهاية الأسبوع الماضي في إطار عملية لإجلاء المدنيين والمقاتلين من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. لكن عراقيل عطلت رحيل آخر مجموعة فيما تتبادل المعارضة وفصائل مدعومة من إيران اللوم على التأجيل.
في السياق ذاته، قال مسؤول الأمم المتحدة إنّ «الإجلاء لا يزال جاريًا والمراقبون لا يزالون في الموقع. غادرت نحو 300 مركبة خاصة أثناء الليل وهذا الصباح». فيما أفاد أحد المقاتلين من داخل حلب «عملية الإجلاء مستمرة ولم تنته بعد».
وبدا رئيس النظام السوري بشار الأسد على وشك استعادة السيطرة على حلب بالكامل أمس، لكن الأمم المتحدة ومسؤولين من المعارضة المسلحة نفوا اكتمال عملية إجلاء المقاتلين والمدنيين من المدينة.
وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي قادت قافلة الحافلات وسيارات الإسعاف مع الهلال الأحمر العربي السوري إنّ نحو 30 ألف شخص أجلوا من حلب حتى أمس، في عملية استمرت نحو أسبوع.
وفي جنيف قالت كريستا أرمسترونج المتحدثة باسم اللجنة لـ«رويترز» إن عملية الإجلاء «ما زالت تحتاج لبعض الوقت ربما معظم اليوم / الخميس».
ونقل المدنيون بالأساس إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة في ريف حلب الغربي وإلى محافظة إدلب. ويعتقد أن آخر من يجري إجلاؤهم هم المقاتلون وأسرهم.
وقالت منظمة الصحة العالمية اليوم، إنّه جرى إجلاء 435 مريضًا وجريحًا على الأقل منهم عشرات الأطفال الذين يحتاجون للعلاج بالأساس من الصدمة. ونقلت الحالات الأكثر خطورة إلى تركيا.
ولم تتوفر إحصاءات من أي جهة رسمية حول عدد الأشخاص الذين ما زالوا محاصرين وينتظرون إجلاءهم.
وأكد أحمد الدبيس رئيس وحدة الأطباء والمتطوعين الذين ينسقون عملية الإجلاء من شرق حلب أنّ «خروج سيارات خاصة محملة بالمقاتلين وعائلاتهم والمدنيين مستمر منذ ليل أمس». وأشار، إلى خروج «400 سيارة وآلية خاصة بينها شاحنات وحافلات صغيرة خلال الليل وحتى ساعات الصباح الأولى».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.