طلاب الإمارات يبحثون عن فرصهم في عاصمة الاقتصاد الإسلامي المقبلة

مؤسسات دبي التعليمية تواصل مساعي تحدي لندن وكوالالمبور

الإماراتية ماريا أحمد تسعى للحصول على درجة الماجستير في الصيرفة الإسلامية
الإماراتية ماريا أحمد تسعى للحصول على درجة الماجستير في الصيرفة الإسلامية
TT

طلاب الإمارات يبحثون عن فرصهم في عاصمة الاقتصاد الإسلامي المقبلة

الإماراتية ماريا أحمد تسعى للحصول على درجة الماجستير في الصيرفة الإسلامية
الإماراتية ماريا أحمد تسعى للحصول على درجة الماجستير في الصيرفة الإسلامية

تقول ماريا محمد أحمد، طالب إماراتية من دبي، إنها تنوي إعداد رسالة الماجستير في التمويل والصيرفة الإسلامية، في أعقاب قرار حكومة دبي، الذي نشر في ديسمبر (كانون الأول) بإنشاء هيئة جديدة للصناعة، مركز دبي للتنمية الاقتصادية الإسلامية. وستقدم الهيئة الجديدة، كجزء من هدف الإمارة في التحول إلى محور عالمي للاقتصاد الإسلامي، الخدمات القانونية والخدمات الأخرى للصناعة المالية الإسلامية، بما في ذلك خدمات المحاسبة، ومنصة للتحكيم وحل النزاعات.
يشهد قطاع التمويل القائم على الشريعة الإسلامية نموا؛ سواء على صعيد النطاق أو التطور، لكنه يواجه مشكلة، بحسب الخبراء، في نقص الأفراد المؤهلين للعمل في هذا المجال. وتقول ماريا، التي تدرس التمويل في الجامعة البريطانية في دبي: «يوجد كثير من الإماراتيين المتخصصين بشكل أكاديمي في هذا المجال، ودائما ما كانت تحدوني الرغبة في معرفة كيفية اختلافها عن التمويل التقليدي. وقد كنت حريصة على الحصول على الخبرة العملية في التمويل الإسلامي. وإذا تحولت الآن إلى عاصمة للاقتصاد الإسلامي، فسوف أتمكن من الحصول على منصب جيد».
وعلى الرغم من سهولة الحصول على دراسات وبرامج التمويل في الإمارات، فإن دراسات الصيرفة الإسلامية لا تزال محدودة، حتى بالنسبة للطلبة الراغبين في دراستها، مثل ماريا، وهو ما يعيق جهود الإمارة الخليجية في تحدي قادة الأسواق الكبار في كوالالمبور ولندن. ويقف على المحك قدر أساسي ومتنامٍ من الأعمال التجارية المحتملة. فيتوقع أحدث تقارير مؤسسة «ستاندرد آند بورز»، إصدار صكوك بقيمة تتجاوز 100 مليار دولار على مستوى العالم في عام 2014. وهو ما يقارب مستوى العام الماضي نفسه، لكنه في المجمل سيضاعف من نسبة النمو المتوقع في الإصدار من قبل المقترضين الخليجيين لتمويل الإنفاق الكثيف على البنية التحتية في المنطقة. وفي أعقاب قرار ديسمبر (كانون الأول) ستعزز مؤسسات التعليم العالي من في دبي من برامجها الخاصة بالصيرفة الإسلامية. وهناك عروض جديدة، من بينها درجات الماجستير في الجامعة البريطانية التي تقول ماريا إنها تأمل في الانضمام إليها. وتشهد أصول الصيرفة الإسلامية الإجمالية نموا بلغ 17 في المائة سنويا، ويتوقع أن تصل قيمتها إلى 2.67 تريليون دولار، بحسب مؤسسة «برايس ووتر هاوس كوبرز». وتوقع التحليل الأخير لشركة تحسين للاستشارات، التي تقدم الاستشارات في القضايا المؤسسية والاستراتيجية في العالم العربي أن تتضاعف نسبة الوظائف في قطاع الصيرفة الإسلامية في الإمارات من 10 آلاف إلى 20 ألف وظيفة.
ومع تطور الصناعة سعت الأكاديمية إلى مواكبة هذا التطور عبر تقديم التدريب الخاص بها. فيشير التقرير الذي أصدرته في العام الماضي وكالة رويترز ومنظمة التعاون الإسلامي للتنمية للقطاع الخاص، إلى وجود أكثر من 530 مؤسسة حول العالم تقدم في الوقت الراهن الدورات التدريبية والدرجات العلمية في الصيرفة الإسلامية. وتأتي الإمارات في المرتبة الثالثة خلف كل من بريطانيا وماليزيا، وتقيم مقررا دراسيا، وتسعة منها تقدم درجات علمية معترفا بها تماما.
لكن تقرير تنمية الصيرفة الإسلامية الذي استند إلى دراسة استقصائية لـ60 بنكا في 15 دولة، قال إن نصف هذه البنوك تحدثت عن صعوبات في توظيف خريجين مهرة مؤهلين لشغل الوظائف الأساسية.
ويقول عبد الله الشامسي أستاذ إدارة الأعمال في الجامعة البريطانية في دبي: «لا يزال أمام الإمارات ما تقطعه فيما يتعلق بمعلمي الجودة والتنوع وعدد البرامج المقدمة والمناهج. والأمر لا يعود بالكامل إلى الأكاديمية، بل ينبغي علينا العمل مع البنوك والمحامين وأصحاب المصلحة الآخرين للتعامل مع القصور في المهارات». وتشكل مدينة دبي الأكاديمية الدولية، التي أنشئت عام 2007، منطقة حرة للجامعات الدولية. ويصل عدد طلابها إلى نحو 20 ألف طالب مسجلين في 400 برنامج دراسي. لكن أيوب كاظم المدير الإداري قال: «تاريخيا، كان التركيز على التدريب والتعليم في هذه الصناعة المتخصصة محدودا للغاية».
وأضاف كاظم: «نحن نعمل على ذلك، حيث نستقدم خبراء الصناعة والمسؤولين الحكوميين والأكاديميين البارزين لتحديد فجوات المهارات الناشئة والقائمة داخل قطاع الصيرفة الإسلامية». وهناك بعض المؤسسات داخل صناعة الصيرفة تطور برامجها الداخلية لتقديم المزيد من التدريب للطلبة للحصول على الخبرة العملية. فعلى سبيل المثال، قامت مؤسسة «إمارات إسلاميك»، التي تدير برنامجا للتدريب الصيفي منذ خمس سنوات، بتوسيع البرنامج ليضم 20 متدربا بدلا من 12.
على الرغم من ذلك لا يزال هناك حاجة إلى المزيد، فيقول رشيد محبوب، نائب رئيس بنك دبي الإسلامي: «يجب أن يلزم أرباب الأعمال أنفسهم بتقديم التدريب العملي الحقيقي. ونحن بحاجة إلى العمل مع الأكاديمية لزيادة رأس المال البشري الذي نحتاجه لتلبية النمو المتوقع في القطاع». ويقول منير خان، الشريك في «سيمونز آند سيمونز ميدل إيست»، المتخصصة في الصيرفة الإسلامية في لندن ودبي: «ما تدركه دبي هو أن عدد السكان صغير نسبيا، ومجتمع الشركات، ولذا فهم يرغبون في استقطاب مجتمع أوسع نطاق نظرا لتنامي شعبية الصيرفة الإسلامية إقليميا ودوليا».
* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.