هجوم برلين: المنفذ لا يزال طليقًا وقد يكون مسلحًا

ارتفعت حصيلة عملية الدهس في برلين إلى 12 قتيلا، وأصيب أيضا 48 آخرون على الأقل أول من أمس، جراء قيام سائق شاحنة بدهس حشد شعبي في سوق مزدحمة لأعياد الميلاد وسط العاصمة برلين. فيما قالت السلطات الألمانية إن منفذ عملية الدهس في سوق أعياد الميلاد في برلين قد يكون طليقا، وربما مسلحا، وذلك بعد أن أبدت في بادئ الأمر ثقة بأن الشاب المهاجر الذي اعتقلته مساء أول من أمس قرب موقع الجريمة هو المهاجم.
وأوضح رئيس شرطة برلين كلاوس أن أجهزة الأمن ليست متأكدة من أن طالب اللجوء الباكستاني المعتقل لديها هو بالفعل منفذ العملية. وحذر قائد الشرطة في برلين من أن «مجرما خطيرا» ارتكب اعتداء الدهس بشاحنة في سوق عيد الميلاد، وأنه قد يكون لا يزال طليقا، داعيا إلى «مزيد من اليقظة». فيما أعرب هولجر مونش رئيس هيئة مكافحة الجريمة في ألمانيا عن اعتقاده بأنه من غير المستبعد وجود شريك هارب في هجوم الدهس الذي وقع في برلين أمس أول من أمس. وقال مونش إن هناك «تأهبا بالغا» بين قوات الأمن لإمكانية تحديد هوية شريك في الجريمة، مضيفا أنه من غير المعلوم على وجه اليقين ما إذا كان قد تم القبض على الشخص الصحيح، وما إذا كانت الجريمة ارتكبت بواسطة شخص.
وكانت الشرطة قد أعلنت على حسابها في «تويتر» أن المواطن الباكستاني المعتقل لديها نفى ضلوعه في الهجوم, وفي وقت لاحق أعلن الادعاء الاماني إخلاء سبيله.
وقال الوزير أثناء مؤتمر صحافي: «ليس لدينا حتى أدنى شك في أن هذا الحادث المرعب كان اعتداء إرهابيا»، واصفا هذا الهجوم، الذي استهدف حشدا من المواطنين المتجمعين حول أكشاك خشبية تبيع هدايا أعياد الميلاد، بأنه جريمة غير إنسانية.
إلى ذلك، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس غداة مقتل 12 شخصا على الأقل وإصابة 48 بجروح عندما دهست شاحنة حشدا في سوق للميلاد في برلين أن هذا «اعتداء إرهابي»، ما يشكل صدمة للبلاد ويحرك الجدل حول سياستها المتعلقة بالهجرة. وتعهدت المستشارة الألمانية ميركل بالاقتصاص من المسؤولين عن هجوم برلين «بكل القسوة التي يتطلبها القانون». يذكر أن سياسة الباب المفتوح التي انتهجتها ميركل إزاء المهاجرين وطالبي اللجوء، والتي أفضت إلى دخول 890 ألفا من هؤلاء البلاد في العام الماضي، قد سببت انقساما حادا في ألمانيا، بينما وصفها منتقدو ميركل بأنها تشكل تهديدا أمنيا.
على صعيد, قال وزير داخلية ولاية سارلاند الألمانية أمس، إن ألمانيا في حالة حرب بعد أن قاد رجل شاحنة وسط سوق مزدحمة في برلين وقتل 12 شخصا وأصاب 48 آخرين في هجوم يشتبه أنه إرهابي. وقال الوزير كلاوس بويلون، لإذاعة «إس آر» الألمانية، يتعين أن نقول «إننا في حالة حرب رغم أن بعض الناس الذين يرغبون دائما في رؤية الخير لا يرغبون في رؤية ذلك».
وتذكر هذه المجزرة التي أثارت تعبئة فرق من المحققين والمسعفين طوال الليل في محيط الشاحنة والضحايا الممددين من حولها، بعملية مماثلة وقعت يوم العيد الوطني الفرنسي في مدينة نيس الجنوبية حين اقتحمت شاحنة الكورنيش البحري موقعة 86 قتيلا. وأكدت المستشارة الألمانية أنه «اعتداء إرهابي» مشيرة إلى احتمال أن يكون منفذه طالب لجوء.
وقد يشكل اعتداء سوق الميلاد في برلين ضربة جديدة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تتعرض لانتقادات مستمرة بسبب سياسة الهجرة المنفتحة التي اعتمدتها في وقت بدأت تستعيد بعض الشعبية.
وكانت وسائل إعلام ألمانية ذكرت أن منفذ الهجوم طالب لجوء باكستاني في الـ23 من عمره، وصل إلى الأراضي الألمانية في فبراير (شباط) شباط الماضي، وقالت إنه يخضع للاستجواب فيما تجري الشرطة عملية تفتيش في ملجأ مخصص للاجئين بأحد مطارات برلين، حيث كان يقيم.
وحسب مصادر مطلعة على مسار التحقيق، فإن المشتبه فيه ويدعى نافيد، معروف لدى الشرطة لتنفيذه أعمالا إجرامية صغيرة، لكن غير متصلة بالإرهاب.
وأعلنت صحيفة «دي فيلت» نقلا عن مصدر رسمي في شرطة المدينة قوله إن منفذ هجوم برلين لا يزال طليقا ومسلحا وقد يشن ضربات جديدة، بينما اتضح أن الشاب المعتقل المشتبه فيه بهذه الجريمة لا علاقة له بالهجوم.
من جانبه، أفاد وزير داخلية ولاية براندنبورغ الألمانية كارل هاينز شروتير بأن الرجل الذي عثر على جثته داخل السيارة لم يكن منفذا ثانيا للهجوم، بل كان ضحية للذي قام بعملية الدهس.
من جهة اخرى, نقلت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) عن مصادر أمنية رفيعة المستوى لم تسمها أمس، إن الشاحنة التي استخدمت في حادث الدهس بإحدى أسواق أعياد الميلاد في برلين أمس انطلقت من إيطاليا يوم الجمعة الماضي. وأفادت المصادر بأن الشاحنة نقلت صفائح تجليد من الصلب من مصنع بالقرب من ميلانو، وعبرت الحدود الإيطالية النمساوية من معبر برينر الساعة السادسة مساء تقريبا (17:00 بتوقيت غرينتش) يوم 16 ديسمبر (كانون الأول)، ولم تتم الإشارة إلى أي ارتباط آخر بين إيطاليا والهجوم.من جهة أخرى، أعلن هولجر مونش رئيس هيئة مكافحة والجريمة في ألمانيا أمس أنه تم تحديد هوية ستة من قتلى هجوم الدهس.
وتوالت ردود الفعل معلنة التضامن مع ألمانيا، في وقت تتعرض أوروبا بانتظام لاعتداءات تتبناها مجموعات متشددة، وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «صدمته» لـ«وحشية» الهجوم». وقال الكرملين إن بوتين «قدم تعازيه إلى الرئيس الألماني (يواكيم) غاوك والمستشارة الألمانية (أنجيلا) ميركل بعد المأساة التي وقعت في سوق الميلاد في برلين، مضيفا أن «هذه الجريمة التي ارتكبت بحق مدنيين تصدم بوحشيتها».
وأعلنت الدول الأوروبية وفي مقدمها فرنسا تشديد الإجراءات الأمنية في أسواق الميلاد عبر تكثيف الدوريات ونصب الحواجز الأمنية بعد اعتداء برلين، الأخير في سلسلة هجمات غير مسبوقة. وأثار اعتداء برلين مساء أول من أمس إثر اقتحام شاحنة سوقا للميلاد في العاصمة الألمانية أصداء خاصة في فرنسا، البلد الأوروبي الأكثر استهدافا بأعمال متطرفين منذ نحو عامين والخاضع لحالة طوارئ.
فالهجوم الأخير الذي أوقع عددا كبيرا من القتلى في نيس جنوب شرقي فرنسا، نفذ أيضا بشاحنة دهست حشدا تجمع مساء للاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي في 14 يوليو (تموز). وقتل 86 شخصا في الهجوم الذي تبناه تنظيم داعش، ودفع بالسلطات إلى إلغاء الكثير من الاحتفالات الصيفية التالية.
وأدان أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، عملية الدهس الإرهابية التي وقعت في العاصمة الألمانية برلين وأسفرت عن قتلى وجرحى، مقدما خالص التعازي لحكومة وشعب دولة ألمانيا ولأسر الضحايا.