دعا جيش النظام السوري، أمس الثلاثاء، من تبقّى من المقاتلين والمدنيين المحاصرين في مدينة حلب، إلى مغادرتها تمهيدا لإعلان سيطرته على كامل المدينة، وبثّت قوات الأسد رسائل إلى آخر جيوب المعارضة في شرق حلب، تبلغهم أنه سيدخل المنطقة الثلاثاء (أمس)، وتحضّهم على تسريع خروجهم من المدينة، تمهيدًا لإعلان سيطرتها على كامل المدينة. لكن المعارضة أعلنت أن «عمليات إجلاء المدنيين والمقاتلين لم تنته بعد».
وقال مصدر عسكري في جيش النظام لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الجيش أطلق النداء عبر مكبرات الصوت، لمن تبقى من المسلحين والمدنيين الراغبين في المغادرة، للخروج من الأحياء الشرقية في حلب»، مشيرًا إلى أن «الجيش سيدخل لتنظيف المنطقة بعد خروجهم». ويأتي نداء قوات الأسد بعد تمكنها من استعادة السيطرة على غالبية الأحياء الشرقية في حلب التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين.
وأكد عضو المكتب السياسي في الجيش السوري الحرّ، زكريا ملاحفجي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مدينة حلب بمناطقها الغربية والشرقية باتت محتلة بالكامل من الميليشيات الإيرانية، وقاسم سليماني يتجوّل فيها مع مقاتليه»، لافتًا إلى أن «النظام ليس هو المنتصر إنما الإيرانيون الذين حققوا أحد هدافهم في معركة حلب».
أما بشأن إجلاء المدنيين والمقاتلين، فأوضح ملاحفجي أن «عمليات الإجلاء التي كان مقررًا إتمامها بشكل كامل، أمس، لم تنته». وأكد أن «نحو 20 في المائة من المدنيين ما زالوا في شرق حلب، وهم في أوضاع صعبة جدًا ينتظرون نقلهم إلى الريف الغربي»، مشيرًا إلى أن الإجلاء «يجري بإشراف الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري، وبمواكبة من الجيش الروسي حتى لا يتم اعتراض القوافل من قبل الميليشيات الإيرانية». ورجّح استكمال عمليات الإخلاء اليوم الأربعاء.
ومنذ الخميس الماضي، أحصت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إجلاء 25 ألف شخص، من الأحياء الأخيرة التي بقيت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في شرق حلب. وأعلنت متحدثة باسم اللجنة للوكالة الفرنسية، أن «الآلاف ما زالوا ينتظرون إجلاءهم داخل حلب». وتأتي عمليات إجلاء المحاصرين من مدنيين ومقاتلين من حلب، بموجب اتفاق روسي تركي إيراني، بعد سيطرة قوات النظام السوري وحلفائه على معظم الأحياء الشرقية للمدينة. ومن بين الذين تم إجلاؤهم ليل الاثنين الثلاثاء «14 جريحا في حالة طبية حرجة»، فيما تم نقل جرحى آخرين صباح أمس، على متن الحافلات، باعتبار أن وضعهم يسمح بنقلهم فيها.
ورأى ملاحفجي أن «تهجير سكان حلب المدنيين، يعدّ ترجمة فعلية للتغيير الديموغرافي الذي كان هدفًا أساسيًا لإيران». وقال: «بالفعل انتصر خيار التهجير القسري لإيران، وهم لذلك (الإيرانيون) عطلوا الحلول السابقة التي كانت تقضي ببقاء المدنيين، وإدارة شؤون الناس عبر المجلس المحلي»، مؤكدًا في الوقت نفسه أن «مقاتلي جبهة فتح الشام انتقلوا إلى إدلب، أما باقي الفصائل فانتقلت إلى ريف حلب الغربي». وأعلن عن «جهود تبذل الآن لتوحيد التشكيلات المسلّحة للمعارضة، لتعمل ضمن فريق واحد».
وعلى صعيد الوضع الإنساني المزري للمدنيين الذين تم إجلاؤهم، أكد مدير منظومة الإسعاف في ريف حلب الجنوبي، بشار ببور، وصول ثمانية حافلات إلى منطقة خان العسل، صباح أمس، وعلى متنها جرحى. وقال: «حالاتهم تعيسة، والجميع يعانون من البرد، وقد شاهدت عجوزا ينزل من الباص وهو يرتجف من شدة البرد». وأوضح أنه «خلال إجراء تقييم لحالات المدنيين الذين يتم استقبالهم، يطلب معظمهم الطعام والمياه والبطانيات خصوصا لدى وصولهم خلال ساعات الليل».
ويشمل اتفاق الإجلاء إخراج أربعة آلاف شخص من بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المواليتين لقوات النظام في محافظة إدلب، بالتزامن مع إخراج ألف و500 آخرين من مدينتي مضايا والزبداني المحاصرتين من قوات النظام وما يسمى «حزب الله» اللبناني في ريف دمشق الغربي. وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تم إجلاء ألفين و750 شخصًا من الفوعة وكفريا حتى الآن.
إخلاء حلب من سكانها يستكمل اليوم والنظام يتعجل إعلان «الانتصار»
المعارضة: قوات روسية تواكب القوافل لمنع استهدافها
إخلاء حلب من سكانها يستكمل اليوم والنظام يتعجل إعلان «الانتصار»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة