جنبلاط يفرمل الاندفاع نحو إقرار قانون انتخابات نيابية نسبي

اعتماد مقترح «الوطني الحر» و«أمل» و«حزب الله» يبدل التوازنات القائمة في البرلمان المقبل

جنبلاط يفرمل الاندفاع نحو إقرار قانون انتخابات نيابية نسبي
TT

جنبلاط يفرمل الاندفاع نحو إقرار قانون انتخابات نيابية نسبي

جنبلاط يفرمل الاندفاع نحو إقرار قانون انتخابات نيابية نسبي

فرمل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، أمس، اندفاع أطراف سياسية لبنانية نحو اعتماد القانون النسبي للانتخابات النيابية المقبلة، قائلاً: «كفى تطبيلا حول نسبية ملزمة آتية»، مشيرًا إلى «أننا لسنا بقطيع غنم ليسلم مصيره وسط هذه الغابة من الذئاب».
ويعد تصريح جنبلاط أول موقف معارض بعد تشكيل الحكومة اللبنانية للاتجاه الذي يدفع به التيار الوطني الحر، وحركة أمل، وما يسمى «حزب الله» باتجاه إقرار قانون انتخاب يعتمد النسبية في الانتخابات المقبلة، على اعتبار أنها «تؤمن صحة التمثيل»، علما بأن معظم الأطراف تخسر من حصتها النيابية جراء قانون انتخابي مشابه، أبرزها تيار المستقبل الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، وحزب القوات اللبنانية، إضافة إلى الاشتراكي.
وسأل جنبلاط أمس: «من أين خرج فجأة الشعار بضرورة قانون انتخابي يؤمن سلامة التمثيل وكأن النواب الحاليين لا يمثلون أحدا؟»، مشددًا على «أننا لسنا بلقمة سائغة لتباع أو تشترى على مذبح التسويات». وقال جنبلاط: «كفى تنظيرا وتطبيلا حول نسبية ملزمة آتية ولازمة وإلا بطل التمثيل، لسنا بقطيع غنم ليسلم مصيره وسط هذه الغابة من الذئاب»، مؤكدا أن «ميزة لبنان احترام وتأكيد التنوع فوق كل اعتبار». ويدفع التيار الوطني الحر، انسجاما مع حليفه ما يسمى «حزب الله»، وحركة أمل باتجاه إقرار القانون النسبي، حيث تم رفع السقف مؤخرا باتجاه خيار «النسبية الكاملة»، ما يعني أن المداولات تتجاهل مقترحات بدأت قبل عامين، تعتمد المزاوجة بين القانون «الأكثري» و«النسبي»، وكان أبرزها اقتراح تقدم به «الاشتراكي» و«المستقبل» و«القوات» ينتخب على أساسه 60 نائبا وفق القانون النسبي، بينما ينتخب 68 نائبا وفق القانون الأكثري.
وأوضح مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، رامي الريس، أن هناك بعض الأطراف تنادي بالنسبية الكاملة: «رغم إدراكها صعوبة تطبيقها لأسباب سياسية ولوجيستية»، لافتًا إلى أن النظام الانتخابي المقترح في ظل عدم توازن الحياة السياسية والحزبية، ووجود عناصر يمكن أن تشوه أهدافه: «من الطبيعي أن يدفعنا إلى طرح علامات استفهام كبرى حول محاولة فرض هذا المشروع». وقال الريس لـ«الشرق الأوسط»، إن لبنان «قائم تاريخيًا على توازنات دقيقة تمثل التنوع والتعددية، وفي كل مرة كان هناك إقصاء وتهميش لمكون من المكونات اللبنانية، كانت البلاد تذهب إلى التعثر والتوتر»، مستذكرًا تجربة انتخابات عام 1992، حيث قاطعت أطراف واسعة في لبنان العملية الانتخابية. وقال: «نحن في غنى عن تكرار تجارب مريرة، خصوصا أن ذلك ستكون له تداعيات سلبية». وإذ لفت إلى أنه «من الواضح أنه في كل مرحلة تسبق إقرار القانون الانتخابي تتنازع الأطراف المواقف لتحسين حصصها»، شدد على أنه «لا يمكن لأحد أن يلغي أحدًا»، داعيًا إلى أن تكون هناك «مسؤولية وطنية لاحترام الخصوصية والتنوع».
وحول مقترح القانون الذي تقدم به «المستقبل» و«الاشتراكي» و«القوات» قبل عامين، قال الريس إنه «قد يكون أحد الاقتراحات التي تشكل أرضية مشتركة»، لافتًا إلى أن أي طرح متعلق بقانون الانتخاب الجديد «يتوقف على النسب والمقاعد وكيفية توزيعها»، بينما النقاش حول النسبي والأكثري «هو نقاش تفصيلي».
وشدد على أن «المبدأ الأساسي يتمثل في أن يراعي أي قانون انتخابي الخريطة السياسية والتوازنات الدقيقة في لبنان».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».