السودان يتوقع نمو الناتج المحلي ومحاصرة التضخم العام المقبل

تخفيض العجز إلى 3.6 مليار دولار... وزيادات في إنتاج القمح والبترول والذهب

أحد أسواق الحبوب والبهارات في أم درمان (غيتي)
أحد أسواق الحبوب والبهارات في أم درمان (غيتي)
TT

السودان يتوقع نمو الناتج المحلي ومحاصرة التضخم العام المقبل

أحد أسواق الحبوب والبهارات في أم درمان (غيتي)
أحد أسواق الحبوب والبهارات في أم درمان (غيتي)

توقع السودان زيادة معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي من 4.1 إلى 4.9 في المائة خلال ميزانية العام المقبل، التي أجازها مجلس الوزراء أول من أمس. كما توقع محاصرة التضخم عند 17 في المائة بدلاً من معدل 29.5 في المائة الذي بلغه الشهر الماضي.
وتضمنت الموازنة، الهادفة إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وزيادة الإنتاج والإنتاجية وخفض حدة الفقر، تخفيض عجز الميزان التجاري من 4.2 إلى 3.6 مليار دولار، وإنتاج 8.7 مليون طن ذرة، و1.2 مليون طن قمح، و711 ألف طن سكر، ورفع إنتاج النفط السوداني إلى 115 ألف برميل في اليوم، ورفع عدد الأسر المستفيدة من التأمين الصحي إلى 1.9 مليون أسرة، وزيادة إنتاج الإسمنت من 3.7 إلى 7 ملايين طن، والذهب من 76 إلى 100 طن، والزيوت النباتية من 256 إلى 320 ألف طن.
كما تضمنت الميزانية، التي ستعرض على البرلمان اليوم (الأربعاء)، إنتاج اللقاحات للثروة الحيوانية بنسبة 75 في المائة، وتنفيذ كثير من قطاعات الطرق بما يزيد على 600 كيلومتر طولي، وزيادة إنتاج القمح من 779 إلى 1250 طنًا، وزيادة الصوامع لتأمين الغذاء، وزيادة الدعم المباشر للأسر المستحقة من 600 إلى 700 ألف أسرة.
وأوضح الدكتور عمر صالح، الأمين العام لمجلس الوزراء، عقب إجازة الميزانية، أمس، بحضور الرئيس السوداني عمر البشير، أن مجلس الوزراء بعد أن أجاز مشروع موازنة عام 2017، وجه باتخاذ إجراءات أكثر لزيادة الصادرات وتخفيض الواردات، والتوسع في المشاريع التي تستوعب الشباب، والتركيز على توفر المياه النقية والرعاية الصحية الأولية، والتعليم الأساسي، وتعميمه في كل أنحاء البلاد. مشيرًا إلى أن المجلس وجه أيضًا ببذل جهد أكبر لزيادة التوليد الكهربائي من الطاقات البديلة، خصوصًا الطاقة الشمسية، وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار فيها، وزيادة إنتاجية القمح حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي، كما وجه بإلزام القطاع الخاص بالتأمين الصحي للعاملين بزيادة نسبة السكان المستفيدين من خدمة التأمين الصحي بالبلاد.
وأضاف صالح أن المجلس وجه كذلك بتقديم التسهيلات الضرورية التي تعين التعليم الأهلي على التوسع، وتوفير فرص أوسع لقبول كل التلاميذ في سن المدرسة، وشراء الذهب المنتج بالبلاد بواسطة بنك السودان المركزي وتسويقه لصالح الاقتصاد الوطني، والتوسع في إنشاء المخازن والصوامع الحديثة لاستيعاب كل الإنتاج من الحبوب لتأمين الغذاء وتأمين انسياب الصادر.
من جهته، اعتبر الدكتور بدر الدين محمود، وزير المالية والاقتصاد، في تصريحات صحافية، أن بلاده ستحقق أفضل معدلات النمو في أفريقيا ببلوغه 4.9 في المائة في موازنة عام 2017، مقارنة بمعدل النمو في الإقليم الذي لم يتعدَ حاجز 1.6 في المائة، متوقعًا أن تصل نسبة الأداء للميزانية 62.4 في المائة.
وفي حين لم يتطرق الوزير لما رصدته الميزانية للإيرادات والمصروفات، أشار إلى أن الميزانية بها أرقام أقرب إلى التقدير الصحيح في مجال المصروفات، أما الإيرادات، التي سيتم تعديلها في الإجازة النهائية للموازنة في البرلمان اليوم، فقد تم ضبطها وحشدها بوعاء واحد يتضمن آليات وبرامج جديدة، مؤكدًا أنه سيتم إيقاف أي إيرادات خارج الموازنة، كما سيتم إيقاف أي قروض خارج الموازنة من خلال الأعمال التقنية الواردة في ميزانية العام الجديد.
وحول الاستدانة من النظام المصرفي والدين عمومًا، أوضح الوزير بدر الدين أن وزارته أسست إدارة واحدة تُعنى بالدين الداخلي والخارجي، ووضعت لها السياسات والآليات التي تضمن عدم بلوغ الدين أكثر من حجم الناتج المحلي، مشيرًا إلى اهتمامهم بالإحصائيات الخاصة بالديون الداخلية والخارجية والإحاطة بأرقامها، وذلك من خلال آلية جديدة لهذا الغرض، وسيتم الإسراع في تأسيسها فور إجازة الميزانية من المجلس الوطني المتوقع اليوم.
وأشار الوزير إلى أن ميزانية عام 2017 تضمنت تطوير أسواق المال الداخلي وتنظيمه، داعيًا الولايات للقيام بدورها لمنع المضاربات، موضحًا أنه سيقدم تقريرًا تفصيليًا للبرلمان اليوم حول أداء البرنامج الخماسي ومراجعات ضبط الأداء الفعلي.
وكانت الحكومة السودانية قد رفعت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الدعم عن أسعار المحروقات والأدوية والكهرباء، مما صاحبه ارتفاع في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية والخدمات بنسب متفاوتة، وذلك تطبيقًا للبرنامج الإصلاحي الخماسي الاقتصادي، الذي يدخل عامه الثالث بهذه الموازنة الجديدة، ويهدف لإحداث الاستقرار الاقتصادي، وزيادة معدلات النمو في البلاد وخفض البطالة، وتخفيف أعباء المعيشة على المواطنين.
وطبقت الحكومة وفقًا لهذا البرنامج زيادات في أسعار البنزين والجازولين والكهرباء، وتضاعفت أسعار الأدوية بنحو 200 في المائة، قابلتها بإجراءات لتخفيف الوضع الاقتصادي وإحداث الموازنات، تضمنت تخفيض فاتورة الاستيراد بنحو ملياري دولار، ومنع دخول سلع مختلفة كاللحوم بأنواعها ومعظم الكماليات، والتصديق بزيادات في المعاشات والبدلات، وإعادة النظر في الإعفاءات ورفع بعض الرسوم الجمركية، والإبقاء على دعم الحكومة للصناعة ورفع تمويل الزراعة، والسماح للشركات بتصدير الذهب ولجميع المصدرين ببيع عائدات تجارتهم بالعملات الحرة إلى البنك المركزي، كما رفعت الحكومة مرتبات العاملين بالدولة.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.