النمسا... وجهة الأعياد في أجواء شتوية

الأسواق التقليدية والموسيقى تغزو عاصمتها وجبالها

أسواق خارج قصر الشونبرون - بهجة أعياد الميلاد الغربية والأسواق المفتوحة في فيينا
أسواق خارج قصر الشونبرون - بهجة أعياد الميلاد الغربية والأسواق المفتوحة في فيينا
TT

النمسا... وجهة الأعياد في أجواء شتوية

أسواق خارج قصر الشونبرون - بهجة أعياد الميلاد الغربية والأسواق المفتوحة في فيينا
أسواق خارج قصر الشونبرون - بهجة أعياد الميلاد الغربية والأسواق المفتوحة في فيينا

من يزور النمسا هذه الأيام لن تفوته «أسواق أعياد الميلاد» وهي أسواق شعبية مفتوحة موغلة في التقليدية تعم البلاد رغم البرد القارس والمطر والثلوج.
من جانبها تزدان العاصمة فيينا لهذا العام بـ971 كوخا خشبيا شيدت في 19 سوقا، افتتح أكبرها بإنارة «الملكة» أو شجرة الأعياد وذلك بساحة مجلس بلدية العاصمة فيينا «الراتهاوس».
تعتبر «الملكة» أجمل أشجار أعياد الميلاد، ويتم اختيارها سنويا من فصيلة التنوب، وتأتي من إقليم من الأقاليم التسعة بعد إجراءات تصفية دقيقة تفوق تصفيات اختيار ملكات الجمال وإن بمواصفات مختلفة أهمها أن تكون معمرة جدا بحيث لا يضر اقتلاعها بالبيئة وإنما يتيح مساحة أوسع حتى تنبت أشجار أخرى.
هذا العام وصلت الشجرة المختارة من إقليم النمسا السفلى منطقة تيرنيتز، وهي بطول 27 مترا ولها من العمر 130 سنة. تم تزيينها بمصابيح تعمل على الزيت حفاظا على البيئة تمت إضاءة الملكة في حفل ضخم تقدمه حاكما فيينا والنمسا السفلى، ومن ثم افتتحت كبرى أسواق أعياد الميلاد وتستمر حتى 26 ديسمبر (كانون الأول) من العاشرة والنصف صباحا إلى 21:30 مساء عدا يوم الميلاد إذ تغلق أبوابها تمام السابعة مساء.
أصبحت سوق الراتهاوس الأضخم والأكثر عالمية وشهرة ليس خارج حدود النمسا فقط بل لنطاق يتعدى حدود دول جوارها ويصل حتى الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا واليابان، إذ يخطط سياح من تلك البلاد البعيدة رحلاتهم خصيصا للاستمتاع بأجواء هذه السوق وأخريات ضمن المتع السياحية النمساوية الشتوية الأخرى سواء (رياضية وثقافية وطبيعية).
وتتميز سوق الراتهاوس بالمساحة الشاسعة والخلفية التاريخية، إذ تقع في ساحة يمثل مبنى البلدية خلفيتها فيما يواجهها مسرح الشعب وتحتفي بزخارف وبهرجة وزينة غير مسبوقة تتجدد سنويا بالإضافة لما يكتظ بها من بضائع وأجواء مرحة معبقة بروائح منتجات أعياد الميلاد وهداياها وألعاب وصالات تفتح أبوابها يوميا كورش للصغار لتدريبهم على صنع المخبوزات الخاصة بالأعياد.
وتعرض السوق هذا العام مجموعة من مستخلصات اللافندر الفرنسية التي قدمت خصيصا قدمت من مقاطعة بروفانس.
وتغطي السوق مساحة شاسعة تضم 151 كوخا خشبيا فيما يزيدها رذاذ المطر مصحوبا ببعض الثلوج المزيد من المتعة.
بدورها تحتفي أحياء أخرى من أحياء فيينا بأسواقها ولكل نكهتها الخاصة التي تكتسبها ليس من معروضاتها فحسب وإنما من موقعها كذلك، ومن أظرفها سوق الفرايون Freyung وهي ساحة من أرقى ساحات المدينة وتعتبر جزءا من قلبها الأرستقراطي القديم ليس بعيدا عن المثلث الذهبي أغلى مناطق التسوق وأحدثها بفيينا.
تمتاز سوق الفرايون بكونها موغلة في التقليدية مع العلم أنها على بعد خطوات فقط من أفخم متاجر حديثة تبيع آخر صرعات الموضة من بيوت الأزياء المعروفة نوعية ديور وشانيل وايف سان لوران ولوي فيتون وبرادا وصغيرتها موي موي وغيرهن، ورغم ذلك نجحت السوق في الحفاظ على طابعها بعرض بضائع تحمل بصمات الحرفيين المحليين والإقليميين بما في ذلك ما توفرها من أطعمة محلية وكستناء مشوي، فيما تصطف كل مساء فرق موسيقية ممتعة لا تزيد معداتها عن أبواق من تلك المشهورة بين سكان جبال الألب.
ليس بعيدا عن سوق الفرايون تقام سوق «إم هوف» وهذه ساحة بدورها بالغة الأناقة تتميز أكشاكها ببيع الملابس النمساوية التقليدية مثل فستان «الدندرل» للنساء والأردية الجلدية للرجال «ليدر هوزا» وأنواع مختلفة من عسل النحل.
وحسب شهادات بعض سكان المدينة فإن المخبوزات بهذه السوق هي الأروع. ومما يميزها كذلك أن تجارها يتبرعون ببعض ريعهم لتطوير هيئة الإذاعة والتلفزيون النمساوية «أو أر إف». رغم كونها هيئة حكومية.
يبدأ موسم سوق إم هوف وسوق الفرايون من 18 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 23 ديسمبر (كانون الأول)، سوق آخر تحظى بقبول واسع رغم غرابة موقعها هي سوق الـ«AKH» القديمة والاكها وهي المستشفى الجامعي الذي انتقل بأطبائه ومرضاه لموقع آخر حيث شيدت عياداته وعنابره بأسلوب أكثر حداثة مما جعله أضخم مستشفى جامعي أوروبي.
على طريقة النمساويين وأسلوبهم في الحفاظ على المواقع التاريخية لم يهدم المبنى القديم للاكها وإنما ما يزال موجودا بذات هيئته الأولى مع استخدامه إلى قاعات محاضرات وصالات اجتماعات ومعارض فيما توفر حدائقه اليانعة مساحات خضراء تتنفس بها المدينة وتزيدها بهاء.
داخل الحرم الجامعي للاكها تقام السوق من 12 نوفمبر إلى 23 ديسمبر وتمتاز ببيع شموع مبتكرة وحقائب يدوية الصنع من القماش المطبوع ولوحات فنية ومصنوعات خشبية بجانب زينة الكريسماس وهدايا بسيطة تقليدية ومبتكرة تعتبر بجانب الأطعمة قوام البضاعة الأكثر رواجا في الأسواق كافة.
من جانبه تعتبر سوق اشبيتل بيرغ السوق الأكثر رومانسية بمقاعدها وكنباتها المنتشرة بين شارعين قديمين وتاريخيين مخصصين للمشاة هما Spittelberg gasse وGutenberg gasse.
تنال هذه السوق أفضلية عند الصغار لكثرة مرور من يتنكرون على هيئة القديس نيكولاس الذي يحب الصغار المطيعين «الشطار» ويهديهم هدايا فيما يتجنبه الصغار «المزعجون» ممن يؤنبهم قبيح الهيئة كرامبوس صاحب القرنين والوجه المخيف.
بدوره يفتح قصر الشونبرون أبوابه مستضيفا سوقا تعتبر الأجمل وذلك لجمال الشونبرون أكبر القصور النمساوية حيث سكنت الإمبراطورة ماريا تريزا.
يشبه قصر الشونبرون من حيث شكل البناء الخارجي وتخطيط الحدائق قصر فرساي الفرنسي حيث سكنت الإمبراطورة ماري أنطوانيت بنت الإمبراطورة ماريا تيريزا.
تمتاز سوق الشونبرون بجانب الخلفية التاريخية الفخمة والحدائق بالغة الجمال (اكتمل تشييد القصر بشكله الحالي سنة 1743) بما تقدمه من مسرحيات للأطفال وبرامج خاصة باحتفالات الأباطرة بأعياد الميلاد خلال تلك العهود بجانب عروض حديثة لمسرح العرائس.
مما تبيعه سوق الشونبرون أكواب من نوع خاص يعود ريعها لمنظمة «إس أو إس كيندر دورف» لرعاية الأطفال كما تنفرد بكونها السوق الوحيدة التي تظل مفتوحة مساء أعياد الميلاد نفسها فيما تغلق المحال التجارية كافة أبوابها إذ تحتفل المدينة أسريا داخل المنازل مع العوائل.
أما سوق ساحة «كارلس بلاتز» المقامة وسط المنطقة الرابعة فهي الأكثر اهتماما بالعروض الموسيقية الشعبية والمعزوفات النحاسية المنفردة بالإضافة لعروض نارية حية وورش لتعلم حرف يدوية وصناعة السيراميك والفخار كما تقدم الكثير من الأطعمة بما في ذلك خبز يخبز في أفران تقليدية يصطف حولها الزوار طلبا لـ«رغيف» ساخن يكسبهم مزيدا من الدفء، خاصة أن هذه الأسواق تقام في ساحات واسعة في درجات حرارة تحت الصفر وبعضها ينصب في ميادين تحفها حدائق من الجانبين كالسوق التي تقام في الميدان ما بين متحف تاريخ الفنون ومتحف التاريخ الطبيعي.
ولمعظم المدن النمساوية أسواقها، وجميعها تعرض في أكشاك خشبية سهلة التركيب تؤجرها البلديات بإيجار قد يصل إلى 30 ألف يورو لفترة قد لا تزيد عن شهر ونصف، ولكل سوق ما يميزها بما تكتسبه من طابع مدينتها.
وفي هذا السياق تحظى أسواق مدينة بريغنز عاصمة إقليم فورالبرغ بجمال لا يضاهى، سيما تلك التي تقام على ضفاف بحيرة كونستانس، فيما تجذب مدينة سالزبورغ مسقط رأس الموسيقار النمساوي موزارت، السياح من كل الاتجاهات.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.