اجتماع موسكو حول سوريا يعقد اليوم... وبوادر توتر بين أنقرة وطهران

دي ميستورا يعتزم الدعوة لمحادثات سلام بجنيف في 8 فبراير

قوات تركية أمام حاجز قرب هاتاي على الحدود التركية السورية ينتظر قربه سوريون أفرادًا من عائلاتهم للعبور إلى تركيا هربًا من المعارك في حلب (أ.ب)
قوات تركية أمام حاجز قرب هاتاي على الحدود التركية السورية ينتظر قربه سوريون أفرادًا من عائلاتهم للعبور إلى تركيا هربًا من المعارك في حلب (أ.ب)
TT

اجتماع موسكو حول سوريا يعقد اليوم... وبوادر توتر بين أنقرة وطهران

قوات تركية أمام حاجز قرب هاتاي على الحدود التركية السورية ينتظر قربه سوريون أفرادًا من عائلاتهم للعبور إلى تركيا هربًا من المعارك في حلب (أ.ب)
قوات تركية أمام حاجز قرب هاتاي على الحدود التركية السورية ينتظر قربه سوريون أفرادًا من عائلاتهم للعبور إلى تركيا هربًا من المعارك في حلب (أ.ب)

تجمعت بوادر توتر على محور أنقرة طهران، وفي الوقت الذي يعقد فيه اجتماع ثلاثي في موسكو اليوم الثلاثاء يضم وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران لبحث الوضع في حلب، أعلن عن تأجيل زيارة نائب رئيس الوزراء الإيراني إسحاق جيهانجري لتركيا، والتي كان مقررًا لها أمس، وبالتزامن استدعت الخارجية الإيرانية السفير التركي لإبلاغه احتجاج طهران على المظاهرات التي خرجت أمام سفارتها في أنقرة وقنصليتها في إسطنبول غضبًا من الوضع في حلب. في الوقت الذي أعلن فيه متحدث باسم ستيفان دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة لسوريا، في بيان، أمس، أن دي ميستورا يعتزم الدعوة لعقد محادثات سلام بشأن سوريا بجنيف في 8 فبراير (شباط) المقبل.
وتوجه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مساء أمس إلى موسكو للمشاركة في الاجتماع الروسي التركي الإيراني حول سوريا والذي يعقد في العاصمة الروسية اليوم، بعد تقديم موعده أسبوعًا.
وقبل ساعات من الاجتماع نفى مسؤول كبير بالخارجية التركية أن تكون أنقرة أبرمت صفقة مع موسكو بخصوص مستقبل سوريا، بعد ظهور تفسيرات بأن أنقرة وموسكو قد توصلتا إلى اتفاق يقضي بمساعدة أنقرة للأسد على استعادة حلب مقابل عدم تدخل روسيا في عملية درع الفرات التي تدعم فيها تركيا وحدات من الجيش السوري الحر بهدف إقامة منطقة آمنة على حدودها الجنوبية في شمال سوريا.
وفي يونيو (حزيران) الماضي تم التوقيع على اتفاق مصالحة بين أنقرة وموسكو رغم أنهما على طرفي نقيض في النزاع السوري، حيث تدعم أنقرة فصائل المعارضة الساعية لإسقاط حليف موسكو الرئيس بشار الأسد، إلا أن العلاقات بينهما تحسنت بشكل ملحوظ.
وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية» أدى ذلك إلى تفسيرات بأن تركيا وافقت على أن تساعد روسيا رئيس النظام السوري على استعادة كامل حلب، فيما تعهدت موسكو بعدم التدخل في العملية العسكرية التركية في شمال سوريا.
ونقلت الوكالة عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية التركية قوله: «لا نرى الأمر بهذا الشكل»، وأضاف: «المسألة ليست كما وكأننا نقوم بصفقة ما. لا نرى أي علاقة». وقال المسؤول التركي: «الناس يتطلعون لرؤية مزيد من النتائج»، مضيفًا: «الأمر صعب لكنه مستمر».
وأضاف: «الروس اقترحوا أن تجتمع تركيا وروسيا وإيران لإيجاد حل بخصوص حلب، بشكل أولي يمكن توسيعه ليشمل الأنحاء الأخرى من سوريا»، معربًا عن أمله في أن تعطي المحادثات «دفعًا» لجهود حل النزاع، وقال إنه «ليس اجتماع معجزة»، مضيفًا: «سيكون بمثابة فرصة جيدة لفهم ما يحصل».
وتطابقت هذه التصريحات مع ما صرحت به مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس، لافتة إلى أن «اجتماع موسكو سيركز بصفة أساسية على الوضع في حلب، إلى جانب محاولة وضع أجندة لاجتماع آستانا الذي اقترحته روسيا بين ممثلين عن النظام والمعارضة في سوريا، بهدف التوصل إلى حل سياسي ووقف شامل لإطلاق النار في كامل سوريا».
وشدد المسؤول على أن أنقرة مصممة على موقفها في وجوب رحيل الأسد للتوصل إلى حل في سوريا، بقوله: «لا يمكن بأي شكل أن يكون لدينا أي اتصال بالنظام السوري»، نافيًا أية محادثات سرية مع ممثلين عن الأسد، وأضاف أن «شخصًا مسؤولاً عن مقتل 600 ألف شخص لا يمكن أن يكون الشريك في حل. اتفقنا مع الروس على عدم التوافق حول هذه المسألة».
وجاءت تسريبات الحديث عن الصفقة بين أنقرة وموسكو عبر بعض وسائل الإعلام، نقلاً عن مصادر بالرئاسة الإيرانية، في إطار الحديث عن أجندة اجتماعات آستانا المرتقبة حول روسيا.
وأعلنت طهران تأجيل زيارة كان من المقرر أن يقوم بها النائب الأول لرئيس الجمهورية إسحاق جيهانجري لأنقرة تلبية لدعوة وجهت إليه من رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم خلال اتصال هاتفي بينهما الأسبوع الماضي، فيما استدعت الخارجية الإيرانية السفير التركي لدى طهران «رضا هاكان تكين» لإبلاغه باحتجاج طهران الشديد على تظاهرات انطلقت خلال الأيام الماضية أمام السفارة والقنصلية الإيرانيتين في كل من أنقرة وإسطنبول بسبب مشاركة قوات إيرانية وميليشيات طائفية في معركة حلب.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، إن «تظاهرات كثيرة انطلقت أمام السفارة الإيرانية في أنقرة وقنصليتها في إسطنبول من دون ترخيص السلطات التركية وأغلبها انطلقت منتصف الليل، وهذا ما يدعو للقلق من عدم قيام قوات الأمن باتخاذ تدابير لحماية المباني الدبلوماسية». واتهم أحزابا وجماعات سياسية تركية لم يسمها بالوقوف وراء الدعوة للتظاهرات ضد إيران في أنقرة وإسطنبول، مشيرًا إلى أن «إيران تمتلك أدلة على ذلك».
ونفى المتحدث أن يكون تأجيل سفر النائب الأول إسحاق جهانغيري إلى أنقرة سببه التوترات التي حصلت بين البلدين بشأن ما حدث في معركة حلب السورية، لكنه يعود إلى جدول أعماله المزدحم، وأنه تم إبلاغ الجانب التركي بتأجيل الزيارة. لكن مصادر تركية رجحت أن يكون للتوترات الأخيرة بين البلدين حول حلب، وعرقلة الميليشيات الشيعية عمليات الإجلاء من الأحياء الشرقية في قرار تأجيل الزيارة.
وفي مؤشر على استياء أنقرة من موقف النظام السوري والميليشيات الموالية له، شدد نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش في تصريحات أمس، على وجوب سحب العناصر المعرقلة بين الفينة والأخرى لعملية الإجلاء من حلب، وضبطها. وأشار إلى قيام أطراف -لم يسمها - بتأجيج الصراعات الطائفية في كل مكان بالمنطقة، مبينًا أن تركيا تشدد على وجوب الانتباه إلى هذا الموضوع. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس إنه تم إجلاء نحو 20 ألفًا من شرق حلب حتى الآن، والجهود مستمرة لإخراج المزيد.
ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن البرلماني الروسي الكبير ليونيد سلوتسكي، أن محادثات موسكو بشأن مستقبل سوريا التي تضم روسيا وإيران وتركيا، ستمضي قدما اليوم الثلاثاء رغم مقتل السفير الروسي في أنقرة. هذا في الوقت الذي أعلن فيه متحدث باسم ستيفان دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة لسوريا، في بيان، أمس، أن دي ميستورا يعتزم الدعوة لعقد محادثات سلام بشأن سوريا بجنيف في 8 فبراير (شباط) المقبل.
وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع في سوريا، وبصورة خاصة في مدينة حلب، مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال اتصال هاتفي أمس، بينما تستعد موسكو لمحادثات غير مسبوقة بين وزراء خارجية ودفاع روسيا وتركيا وإيران حول الشأن السوري، وتحديدًا «حلب وما بعدها»، في ظل حديث عن تباينات ما زالت موجودة بين موسكو وطهران في الشأن السوري.
وحسب الموقع الرسمي للكرملين، فقد بحث الرئيسان الروسي والإيراني الوضع في سوريا خلال اتصال هاتفي بينهما، بمبادرة من الجانب الإيراني، تناولا خلاله بالدرجة الأولى «الوضع حول مدينة حلب. وجرى التأكيد على أهمية الجهود المشتركة للمساهمة في إطلاق عملية سياسية حقيقية لتسوية الأزمة في سوريا».
في هذا السياق، حسب بيان الكرملين: «يمثل تنظيم مفاوضات في آستانة بين ممثلي الحكومة السورية وممثلي المعارضة المعتدلة، خطوة جدية».
ومن الواضح أن اتصالات بوتين الأخيرة تأتي كلها في سياق الجهود الروسية الرامية إلى ترسيخ فكرة «إطلاق العملية السياسية بعد حلب»، وهو ما أكد على أهميته الرئيس الروسي حين أطلق دعوته لعقد جلسة مفاوضات في آستانة عاصمة كازاخستان، وتناوله ذلك خلال المحادثة الهاتفية، مساء أول من أمس، مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
ومع بقاء بعض النقاط الخلافية بين موسكو وأنقرة حول التسوية السورية، فإن التباينات أكبر بكثير بين موسكو، التي تحاول نقل الأزمة السورية إلى المجال السياسي والتوصل إلى حل وإن كان «على مقاسها»، وطهران التي أكدت أكثر من مرة على لسان مسؤوليها، تمسكها بالحل العسكري «حتى القضاء على الإرهابيين»، حسب زعمها.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».