{السلط الثانوية} أقدم مدرسة أردنية خرّجت صنّاع القرار في البلاد

بنيت على الطراز المعماري الإسلامي وساعد في بنائها مساجين

دهاليز المدرسة تؤرخ لإنجازاتها («الشرق الأوسط»)
دهاليز المدرسة تؤرخ لإنجازاتها («الشرق الأوسط»)
TT

{السلط الثانوية} أقدم مدرسة أردنية خرّجت صنّاع القرار في البلاد

دهاليز المدرسة تؤرخ لإنجازاتها («الشرق الأوسط»)
دهاليز المدرسة تؤرخ لإنجازاتها («الشرق الأوسط»)

اقترن اسم مدرسة السلط الثانوية بتأسيس الدولة الأردنية التي كانت هي المدرسة الوحيدة فيها منذ عام 1919، وكانت تأخذ من بيوت أهالي المدينة مقرًا لها، إذ تنقلت من بيت الرهوان إلى بيت الحاج عبد الله الداود إلى بيت رشيد المدفعي ومن ثم إلى بيت فوزي النابلسي.
وعندما ازداد عدد الطلبة الذين قدموا إليها من مختلف المناطق اجتمع أهل المدينة وأخذوا بنصيحة مدير المعارف في إمارة شرق الأردن أديب وهبي بإنشاء مدرسة ثانوية ينتفع بها أهل السلط والمناطق المحيطة بها إضافة إلى المدن والبلدات الأردنية الأخرى.
ويقول مدير المدرسة الحالي عبد الله العطيات في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «أهل البلد جمعوا المال بعد أن تبرعت عشيرة الحديدي بأرض مساحتها 37 دونمًا لإقامة هذا الصرح العلمي على قمة تل الجادور، وهو تل أثري يُقال إنه سُمي بهذا الاسم نسبة إلى جاد أحد أبناء النبي يعقوب عليه السلام، ويقع إلى الجهة الجنوبية من السلط القديمة المطلة على وادي السلط من الجنوب، وعلى مدخل المدينة من الشرق وعلى الأحياء القديمة والحديثة من الجهات جميعها».
ويضيف أن «أهل السلط استعانوا بالمساجين في فتح الطريق المؤدية إلى قمة التلة وشارك في أعمال البناء أبناء المدينة حيث كانوا يتبرعون بنقل الحجارة والرمل على الحمير والبغال من الوادي، وقام ببنائها عبد الرحمن كوكش الذي تم إحضاره من مدينة نابلس الفلسطينية، التي تمتاز بهندسة معمارية جميلة».
ولعبت المدرسة دورا بارزا في الحياة العلمية والسياسية، وخرّجت الكثيرين من رجالات الأردن من رؤساء الوزارات والوزراء وقادة الجيش وغيرهم ممن تولوا مناصب رفيعة في الدولة.
مبنى مدرسة السلط الثانوية، افتتحه الملك عبد الله الأول بن الحسين رحمه الله في عام 1923 وبواقع 17 غرفة للإدارة والتدريس. وباشرت المدرسة بطاقمها التدريسي والهيئة الإدارية مشوار الأعوام الدراسية مع بداية عام 1924، حيث تم إحضار المعلمين من فلسطين وسوريا ولبنان والعراق وتخرج أول فوج في عام 1925 وبلغ عددهم أربعة طلاب، وفي عام 1926 تخرج منها الفوج الثاني وعدده ثلاثة.
أما طرازها المعماري فيحاكي نمط العمارة العربية الإسلامية، من حيث تقسيم الأجنحة والغرف إلى الأشكال الدقيقة في تلوينات البلاط.
ويتشابه مبنى مدرسة السلط الثانوية في عمارته مع مباني نابلس، نظرًا للتمازج التجاري والسكاني بين هاتين المدينتين.
خلف المدرسة لا تزال الغرف القديمة التي كانت سكنًا للطلبة القادمين من محافظات مختلفة ومن خارج الأردن، مغلقة وتحتفظ بأسرار من سكنوها طوال أعوام دراستهم. في حين تأخذك أدراج حديثة طمست معالم الطرقات القديمة إلى مختبر الكيمياء والفيزياء أقدم مختبر في مدارس المملكة ومجهز بأقدم وأحدث التجهيزات ويتم رفده سنويا بما تتطلبه حاجات الطلاب. كما تأخذك الأدراج ذاتها إلى بناء المكتبة الذي يحتضن 18 ألف كتاب.
وكان لمدرسة السلط الثانوية التي أطلق عليها في عام 1919 اسم «مدرسة مركز قضاء السلط»، دور ثقافي بارز، فغدت منذ تأسيسها مركزًا يهتم بالخطابة وإلقاء المحاضرات في مختلف المواضيع التي كانت تشغل بال الطلاب.
وفي عام 1939 قام بعض تلاميذها بالتطوع لتعليم الأميين في صفوف ليلية، إلى جانب النشاطات الكشفية والاجتماعية والدينية والرياضية والرحلات.
وكان على الطالب الذي يلتحق بمدرسة السلط الثانوية أن يقرأ القرآن ويتلقى درسًا في الحساب والإملاء، وحسن الخط، ويتعلم الأخلاق والنشيد والرسم، ومع مرور الوقت كان عليه أن يتعلم الهندسة والجبر والمساحة، والتاريخ والجغرافيا والزراعة والطبيعيات ومسك الدفاتر والأشغال اليدوية، فضلاً عن اللغة الإنجليزية والموسيقى والنظافة والترتيب.
حملت المدرسة عبر تاريخها عدة أسماء، منها المدرسة السلطانية وهو أول اسم أُطلق عليها، ومدرسة السلط الأميرية، ومدرسة السلط التجهيزية، ومدرسة الحربي، والمدرسة الحزبية، ومدرسة التل، وأخيرًا مدرسة السلط الثانوية وهو الاسم الذي أطلق عليها منذ عام 1938 وحتى الآن. ولا ننسى الاسم المحبب الذي نالته المدرسة بجدارة وهو «أم المدارس»؛ كما قال الشاعر الراحل حسني فريز، وهو أحد خريجي الفوج الثاني منها وأحد معلميها فيما بعد ثم مديرها في قصيدته الشهيرة التي ألقاها أمام الملك الحسين بن طلال في اليوبيل الذهبي للمدرسة عام 1976.
ولم تكن مدرسة السلط الثانوية أول مدرسة ثانوية أردنية فقط، بل إنها كانت المدرسة الرائدة في كثير من المجالات، ومنها أن أول مكتبة مدرسية في الأردن تأسست في عام 1925، كانت مكتبتها. وتشكلت فيها أول فرقة كشفية وكان ذلك في عام 1923 وفيها تأسست أول جمعية رفق بالحيوان (جمعية حماية الحيوان) وكان ذلك في عام 1926.. وكان أعضاؤها من طلبة المدرسة وكان للجمعية نشاط ظاهر في تقديم المعلومات ذات الصلة، وفي إجراء المسابقات وتقديم الجوائز التشجيعية للفائزين في مسابقاتها.
وفي عام 1938 صدرت فيها أول مجلة مدرسية هي مجلة (مدرسة السلط الثانوية) وفيها أول مرصد جوي بسيط لقياس عناصر الطقس المختلفة، يضاف إلى كل ما سبق أن مدرسة السلط الثانوية هي المدرسة الوحيدة التي تظهر صورتها في طابع بريدي أردني وصدر في عام 1982.
وبناء على توجيهات ملكية تم الكشف الكامل على جميع الوثائق والسجلات والصور الموجودة بالمدرسة، حيث تم وضع خطة عمل لمعالجة الوثائق الموجودة بالمدرسة، حيث اشتملت خطة العمل على تسليم المدرسة 60 صندوقًا لحفظ الوثائق من الرطوبة تم استيرادها خصيصًا من لندن، والعمل على تسلم جميع الصور الموجودة في المدرسة وعدده 382 صورة والعمل على ترميمها، وتحويلها إلى الشكل الإلكتروني. كما تم العمل على إجراء جميع العمليات الخاصة بالمحافظة على الوثائق الموجودة في 92 حافظة في المدرسة التي بلغت 7591 وثيقة.
إن مدرسة السلط الثانوية ستظل تتربع في قلوب جميع الأردنيين وعقولهم ووجدانهم صرحًا علميًا وثقافيًا وتاريخيًا يشهد على حضارة بلد فقير بإمكاناته المادية عظيم بهمة قيادته وشعبه وطلابه. فمن خريجي المدرسة مَن تولى منصب رئاسة الوزراء، حيث تقلد هذا المنصب 19 من خريجيها حتى الآن إلى جانب عدد آخر ممن شغلوا مناصب وزارية وعسكرية مختلفة، ووصل عدد ممن تخرجوا فيها واعتلوا مناصب وزارية مختلفة إلى أكثر من 60 وزيرًا.



جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل
TT

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

تعد جامعة أوكلاند أكبر جامعة في نيوزلندا، وتقع في مدينة أوكلاند. وتأسست الجامعة في عام 1883 بصفتها هيئة تأسيسية تابعة لجامعة نيوزيلندا، وتتكون الجامعة من ثماني كليات موزعة على ستة أفرع، ويبلغ عدد الطلاب نحو 40 ألفا.
وكانت الجامعة تجري القليل من الأبحاث حتى ثلاثينات القرن الماضي، عندما ازداد الاهتمام بالأبحاث الأكاديمية خلال فترة الكساد الاقتصادي. وعند هذه المرحلة، أصدر المجلس التنفيذي للكلية عددا من القرارات التي تتعلق بالحرية الأكاديمية بعد الإقالة المثيرة للجدل للمؤرخ النيوزيلندي جون بيغلهول (ويقال إن سبب الإقالة خطاب أرسله إلى إحدى الصحف يدافع فيه عن حق الشيوعيين في نشر آدابهم في المجال العام)، الأمر الذي ساعد في تشجيع نمو الكلية وأبحاثها.
وافتتحت الملكة إليزابيث الثانية مبنى كلية الطب الجديدة في غرافتون بتاريخ 24 مارس (آذار) من عام 1970.
وفي مايو (أيار) لعام 2013 ابتاعت الجامعة موقعا تبلغ مساحته 5 أفدنة لصالح حرم الجامعة بالقرب من منطقة المال والأعمال الرئيسية في نيوماركت. وسوف يوفر الموقع المشترى للجامعة إمكانية التوسع على مدى الخمسين عاما المقبلة مع كلية الهندسة التي تتخذ مكانها بصفتها أولى كليات الحرم الجامعي الجديد اعتبارا من عام 2014. وتعتبر جامعة أوكلاند من أفضل الجامعات في نيوزيلندا، وفقا لآخر إصدار من تقرير التصنيفات الجامعية العالمية.
ولقد هبطت مرتبة الجامعة درجة واحدة فقط على الصعيد العالمي في العام الماضي، وهي تحتل الآن المرتبة 82 بين أفضل جامعات العالم، لكنها تعتبر الأفضل في البلاد رغم ذلك.
ومن بين مؤشرات التصنيف الجامعية الستة والمستخدمة في تقييم الجامعات العالمية، أحرزت جامعة أوكلاند أعلى الدرجات من حيث السمعة الأكاديمية التي تحتل الجامعة بسببها المرتبة 56 على العالم.
ويأتي هذا الترتيب نتيجة للأداء القوي للجامعة على مؤشر التصنيفات الجامعية العالمية لعام 2017، حيث حازت على مرتبة مميزة بين أفضل عشرين جامعة في العالم بالنسبة لعلوم الآثار والتعليم.
كان روجر كيرتس غرين، البروفسور الفخري لعصور ما قبل التاريخ، وحتى وفاته في عام 2009 من أقدم أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وهو الحاصل على درجة البكالوريوس من جامعة نيومكسيكو، ودرجة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وزميل الجمعية الملكية في نيوزيلندا. ولقد كان عضوا في هيئة التدريس من عام 1961 حتى 1966، ثم من عام 1973 حتى وفاته، وعضو هيئة التدريس الأطول من حيث سنوات الخدمة وغير المتقاعد هو برنارد براون الحائز على وسام الاستحقاق النيوزيلندي، ودرجة البكالوريوس في القانون من جامعة ليدز، ودرجة الماجستير (التخصص) في القانون من جامعة سنغافورة. ولقد كان محاضرا متفرغا في كلية الحقوق بالجامعة من عام 1962 حتى 1965، ثم من عام 1969 فصاعدا، أما ويليام فيليبس، وهو من أبرز خبراء الاقتصاد المؤثرين والمعروف بمنحنى فيليبس الشهير، فقد كان يدرس في الجامعة من عام 1969 حتى وفاته في عام 1975، وعكف روبرت جنتلمان وروس إيهاكا في تسعينات القرن الماضي على تطوير لغة «R» للبرمجة الحاسوبية في الجامعة، التي تستخدم على نطاق واسع من قبل علماء الإحصاء والبيانات.